حرية – (23/10/2022)
من سوق الإيجار المعطلة إلى ارتفاع كلف الطاقة والغذاء والحكومة التي يبدو أنها تتغير كل خمس ثوان فإن العناوين الرئيسة ليست مبهجة تماماً، لذلك ليس من المستغرب إذاً أن يكون حوالى 4.5 مليون بريطاني يفكرون في الانتقال إلى الخارج من أجل نوعية حياة أفضل، وفقاً لدراسة أجرتها شركة “توتال جوبز” ونشرتها مجلة “تايم أوت”.
وبحسب الدراسة قال ثلاثة في المئة من البريطانيين إنهم يخططون بنشاط للانتقال من المملكة المتحدة إلى دول أخرى في العالم إما العام المقبل أو خلال العامين المقبلين، أي ما يعادل مغادرة أكثر من 380 ألف عامل بريطاني البلاد بشكل جماعي.
تأشيرة الرحل الرقمية
وقد لا يكون الانتقال إلى الخارج سهلاً كما كان في السابق بخاصة إلى أوروبا بسبب “بريكست” ولكن مع تقديم مزيد من البلدان لما يعرف بـ”ديجيتال نوماد فيزا” (تأشيرة الرحل الرقمية) التي تسمح للزوار بالعمل عن بعد في دولة أجنبية والحصول على دخل أجنبي لفترة طويلة من الزمن بما في ذلك البرتغال وكولومبيا ومالطا، بدأت حقبة جديدة تماماً من العمل، وعلينا أن نعترف بأن فكرة العمل عن بعد من مساحة عمل مشتركة تطل على الشاطئ في بالي تبدو أكثر جاذبية اليوم من شقة باردة في هاكني.
مجلة “تايم أوت” تحدثت إلى ثلاثة بريطانيين غادروا المملكة المتحدة وانتقلوا إلى الخارج لمعرفة كيف سارت الأمور معهم.
كلفة أرخص وسط مجتمع وافد
تقول كاسي، البالغة من العمر 27 سنة وتعمل مديرة تسويق، إنها “استبدلت شقتها في كلافام جنوب غربي لندن بشقة ضعف المساحة في أمستردام التي انتقلت إليها قبل سبعة أشهر. كنت في لندن لمدة ثمانية أعوام وخططت للمغادرة على أي حال، لذلك عندما حصل شريكي على وظيفة هنا تشجعنا على اتخاذ قرار الانتقال”، وتضيف “أسعار الإيجار هنا في كلافام باهظة الثمن بالنسبة إلى هولندا، ولكنك تحصل على الكثير مقابل نقودك في أمستردام مقارنة بالوطن، فنحن نعيش مباشرة في الوسط على حزام القناة في شقة بحجم ضعف سريرنا الفردي في كلافام”.
وتابعت “في هولندا يبلغ إيجار شقتنا 300 جنيه استرليني (339.1 دولار) فقط كل شهر. ليس فقط لدينا إيجار أرخص هنا، أيضاً يتنقل الجميع بالدراجة، وإذا كنت تسافر من مسافة تزيد على خمسة كيلومترات للوصول إلى العمل، فغالباً ما يدفع أصحاب العمل كلفة تنقلك، كما لا تدور الحياة الليلية حول الإفراط في تناول المشروبات الكحولية ويوجد مجتمع وافد ضخم لذا من السهل حقاً تكوين صداقات، شخص ما يغادر دائماً ويصل أشخاص جدد. يحاول الناس دائماً تجديد مجموعة أصدقائهم. أنا أيضاً أشعر بالسعادة بشكل عام هنا. شعرت بعدم الأمان بطبيعتي في لندن ولكي أكون صادقة أعتقد بأنني قللت من أهمية ذلك في سعادتي. هنا يمكنني المشي إلى المنزل في الثالثة صباحاً وأشعر بالأمان التام. أعتقد بأننا سنبقى لمدة خمسة أعوام في الأقل ونحاول الصعود على سلم العقارات”.
حقوق أفضل للمستأجرين
أما روبرت، 30 سنة ويعمل عامل بناء صناعي، فيقول “كنت أتنقل كثيراً عندما كنت أصغر سناً، لكن لندن كانت دائماً منزلي. وبعد أن أنهيت الدراسة بالخارج في فيينا أردت العودة لكن ذلك لم يكن منطقياً، بحيث سيكون الانخفاض في مستوى معيشتي كبيراً جداً. لذلك انتقلت إلى دوسلدورف في ألمانيا بدلاً من ذلك. ولدينا أيضاً مشكلات مع أسعار الغاز هنا ولكن إذا كنت تعيش في شقة مثلي، فهي أرخص بكثير من المنزل. أدفع الآن 40 يورو شهرياً (39.4 دولار) لفواتير الطاقة، لذا حتى لو تضاعفت ثلاث مرات فستظل حوالى 100 جنيه استرليني (98.5 دولار) شهرياً.
يضيف “يشعر المجتمع هنا بمزيد من المساواة. حقوق المستأجرين أقوى بكثير فعلى سبيل المثال لا يوجد تاريخ انتهاء لعقد الإيجار. الأكل في الخارج أرخص. الذهاب لتناول المشروبات أرخص. كما أن دوسلدورف مدينة عالمية للغاية ومتصلة جيداً به، وتبعد ساعتين من أمستردام وساعتين من بروكسل ونصف ساعة من كولونيا. وتوجد دور سينما ناطقة باللغة الإنجليزية وألعب، الأحد، في فريق كرة قدم خماسي يتحدث الإنجليزية”.
حياة أكثر جودة
كريغ، يبلغ من العمر 24 سنة وهو رجل الأعمال، يقول “أنا من كيلوينينغ، خارج غلاسكو، لكنني تنقلت كثيراً في الأعوام الأخيرة إلى برشلونة ومانشستر والبرتغال. عشت في كيب تاون من مايو (أيار) إلى يوليو (تموز) من هذا العام، والآن أتطلع للانتقال إلى هناك بدوام كامل والحصول على تأشيرة عمل”.
ويضيف “جودة الحياة أفضل بكثير إذ تسطع الشمس على مدار السنة والتواصل الاجتماعي يتركز حول العافية وتحصل على كثير من الأمور مقابل نقودك. بدأت العيش في شقة بنتهاوس فاخرة في المركز وكان السعر 1200 جنيه استرليني (1356 دولاراً) شهرياً مع الفواتير، ثم انتقلت إلى الضواحي مع صديقتي ودفعنا ما بين 200 إلى 300 جنيه استرليني (226 دولاراً – 339.1 دولار) شهرياً. أصبحت الأنشطة مثل اليوغا والمشي لمسافات طويلة والسباحة والتجديف بالكاياك، والوخز بالإبر جزءاً من روتيني المعتاد الذي لم أعتد عليه أبداً في المملكة المتحدة”.
يتابع، “توقيت كيب تاون ساعة واحدة فقط عن بريطانيا، والجميع هنا يتحدث الإنجليزية تقريباً، لذا فهي مكان جيد للعمل عن بعد. لقد استغرقت بالتأكيد بعض الوقت لأعتاد على التخلص من الضغوط، وهو وقت تنقطع الكهرباء في جميع أنحاء المدينة حوالى أربع مرات في اليوم. إنه أمر غير مريح ولكن هنا في كيب تاون يمكنك التخطيط ليومك وشراء حزمة بطارية لاستخدامها عند انقطاع التيار الكهربائي. كانت أكبر نقطة مرهقة بالنسبة لي هي معرفة كيفية البقاء هنا لفترة أطول، لكنني بصدد الحصول على تأشيرة “ديجيتال نوماد فيزا” قريباً مما سيجعل الأمر أسهل كثيراً على الأشخاص مثلي”.