حرية – (3/11/2022)
سلط تقرير، الضوء على أسباب تراجع حكومة محمد شياع السوداني عن تغيير سعر صرف الدولار مقابل الدينار، رغم انتقادها للقرار وتعهدها بخفضه قبل تسنمها الحكم.
وذكر التقرير الذي أعدته “الحرة (3 تشرين الثاني 2022)، نقلا عن خبراء مختصين بأن “التصريحات السابقة بخصوص تغيير سعر صرف الدولار غير قابلة للتطبيق على أرض الواقع”، فيما رأى آخرون أن “كل القواعد الاقتصادية، تدعم بقاء سعر الصرف كما هو لعدة أسباب، أهمها استقرار العملة”.
وادناه نص التقرير:
أكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في تصريحات مؤخراً أن قرار “تغيير سعر الصرف الدينار العراقي أمام الدولار من صلاحيات البنك المركزي ونحن ملتزمون بتنفيذ ما يراه المركزي”، الأمر الذي اعتبره البعض تراجعا عن وعود ومواقف سابقة للرئيس بتخفيض سعر الصرف.
وأشار رئيس الوزراء الجديد إلى أن قرار “رفع سعر صرف الدولار لم ترافقه، إجراءات لحماية الطبقات الهشة”، بحسب وسائل إعلام محلية.
وكان البنك المركزي العراقي قد رفع في عام 2020 سعر الصرف أمام الدولار إلى 1460 دينارا بعدما كان في حدود 1182 دينارا مقابل الدولار، في خطوة استهدفت تعويض تراجع الإيرادات النفطية في حينها.
وكان رئيس الوزراء السوداني قد أعرب في تصريحات سابقة قبل توليه منصبه، عن رفضه لقرار المركزي الذي أقره بالاتفاق مع حكومة تصريف الأعمال، برئاسة مصطفى الكاظمي وقتها، داعيا إلى ضرورة إعادة النظر بقرار رفع “سعر صرف الدولار لمنع آثاره السلبية”.
https://www.facebook.com/MohamedShiaAlsudani/photos/a.994712667212299/4368119219871610/?type=3
قرار تغيير سعر صرف الدولار والمراجعة المطلوبة
المهندس محمد شياع السوداني
3 مارس 2021 ·
في البدء لا بد من توضيح المعادلة الجديدة لإيرادات العراق من بيع نفطه بعد زيادة اسعار النفط عالميا ، حيث كان سعر برميل النفط المقترح من الحكومة في مسودة موازنة 2021 هو (42) دولارا وبإيراد سنوي يقدر ب(50) مليار دولار على اعتبار ان العراق يصدر (3) ملايين و(250) الف برميل يوميا، وبعد مناقشات اللجنة المالية في مجلس النواب وأخذها بنظر الاعتبار زيادة أسعار النفط تم وضع مبلغ (52) دولارا للبرميل اي ان الايرادات ستكون (60) مليار دولار سنويا اذا ما صدّر العراق نفس كمية النفط الواردة اعلاه، وبالتالي فإن الزيادة الحاصلة بالايرادات ستكون بحدود 10 مليارات دولار وهو نفس المبلغ أو مقارب للمبلغ الذي أُريد استحصاله من عملية رفع سعر صرف الدولار الى 1450 دينارا بعد ان كان 1182 دينارا.
ان قرار تغيير سعر الصرف كانت أهم مبرراته خفض العجز المالي بالموازنة إضافة الى دفع عجلة الاقتصاد من خلال تحريك قطاعي الصناعة والزراعة وايقاف نزيف الدولار المستمر الى الخارج.
وبما أن العجز قد تم خفضه من خلال تقليل الإنفاق غير المبرر والإفادة من ارتفاع اسعار النفط، ولعدم وجود خطوات حقيقة في الوقت الحاضر لدعم الصناعة والزراعة الوطنية فإن المتضرر الوحيد من قرار تغيير سعر صرف الدولار هو المواطن ، ومن هنا لابد لنا من اعادة النظر في سعر صرف الدولار لانه ساهم بارتفاع اسعار المواد الغذائية الاساسية الى نسبة 50% مما فاقم من الوضع المعيشي للطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود كونهم اهم المتضررين من هذا القرار ، بيد أن الرجوع الى السعر القديم او أي سعر اخر أقل من 1450 دينارا لا بد أن يصاحبه وضع تعليمات وشروط صارمة لنافذة بيع الدولار في البنك المركزي، وفي ذات الوقت علينا اتخاذ اجراءات واصدار قرارات جريئة وشجاعة لدعم الصناعة والزراعة بما يكفل تعزيز دورهما في النهوض بالاقتصاد الوطني .
كما نحتاج الى تأمين المنافذ الحدودية بشكل يمنع ويقضي على الفساد من خلال أتمتة الاجراءات الضريبية والگمرگية لتعزيز الايرادات غير النفطية وحماية المنتجات الوطنية .
لقد كان على الحكومة قبل أن تتخذ قرار تغيير سعر صرف الدولار ان تعمل على حماية الطبقات الفقيرة وذوي الدخل المحدود من خلال حزمة قرارات ، وكنا قد قدمنا ثلاثة مقترحات تتلخص بـ( زيادة رواتب الاعانة الاجتماعية للأسر دون خط الفقر مع التوسع بالشمول، وايضا تعزيز وتوفير مفردات الحصة التموينية التي تستفيد منها الاسر الفقيرة وذوو الدخول المحدودة ، وزيادة الحد الادنى لرواتب الموظفين من فئة الرواتب الدنيا) خصوصا وأن هذه الاجراءات معمول بها في دول العالم التي تتبنى حكوماتها اجراء اصلاحات اقتصادية بحيث تعمل على تخفيف اثارها عن تلك الفئات، إذ من غير المقبول ان تأتي الاصلاحات على حساب الفقراء .
ان اعادة النظر بقرار الحكومة برفع سعر صرف الدولار سيعمل على انهاء الجدل وسيمنع آثاره السلبية ومشاكله الاجتماعية والاقتصادية وربما السياسية، خاصة ان العراق يعيش حالة معقدة اقتصاديا واجتماعيا .
رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الداعم للسوداني، اقترح الأربعاء، خفض سعر صرف الدولار إلى 1375 دينارا.
وكانت كتلة الإطار التنسيقي التي يتزعمها المالكي وتضمن فصائل موالية لإيران قد انتقدت قرار الكاظمي، وقتها، رفض سعر صرف الدولار بالدينار العراقي.
“وعود شعبوية”
ووصفت الباحثة الاقتصادية، سلام سميسم الوعود التي أطلقها رئيس سابقة رئيس الوزراء الحالي والكتلة الداعمة له، في ما يتعلق بسعر صرف الدينار، بأنها “وعود شعبوية تستهدف مداعبة مشاعر المواطنين”، ولكنها على أرض الواقع “غير قابلة للتطبيق”.
وشرحت سميسم أن قرار “تحديد سعر صرف الدينار العراقي، هو قرار اقتصادي نقدي بحت، وليس بالقرار السياسي الذي تتحكم به الحكومة”، مشيرة إلى أن تحديد السعر الحالي جاء وفقا لخطة اقتصادية مالية نقدية مدتها خمس سنوات، ومضى منها عامان حتى الآن، ولا يزال أمامنا “ثلاثة أعوام على الأقل بتثبيت سعر الصرف عند مستوياته الحالية”.
ويرى الخبير الاقتصادي العراقي، محمود داغر، أن التغير في موقف السوداني تجاه تخفيض سعر صرف الدينار “أمر صحي”، إذ إنه التقى بمحافظ البنك المركزي الذي أوضح له ضرورة استقرار واستقلالية السياسة النقدية للبلاد.
ولفت داغر إلى أن “قانون البنك المركزي لعام 2004، يحصر صلاحيات تحديد سعر الصرف والسياسة النقدية بيد البنك المركزي”، ولهذا على السوداني عدم التدخل في الأمر.
لكن عادل المانع، عضو ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، يقول إن حكومة السوداني “ماضية في قرارها تعديل أسعار الصرف بما يخدم الدينار العراقي مقابل الدولار”.
وشدد أنه “لا تراجع عن هذا القرار” مشيرا إلى أن عملية تعديل الصرف ستكون بشكل تدريجي، وستظهر ملامحها الأولى “في مشروع قانون الموازنة” الذي تعده الحكومة الجديدة.
ويتوقع المانع أن تستهدف الحكومة الجديدة إيصال سعر الصرف إلى معدل “1300 دينار عراقي مقابل الدولار” وستخدم الأهداف الاقتصادية للبلاد خلال المرحلة المقبلة “الهامة”.
وكانت وزارة المالية قد أعلنت الاثنين، البدء بإعداد قانون الموازنة لعام 2023، وقال المستشار المالي في الوزارة عبد الحسن جمال لوكالة الأنباء العراقية “واع” إن “تعديل سعر الصرف الدولار ضمن سياسات الحكومة، ومجلس الوزراء هو من يتخذ القرار لكن في الموازنة لم يطرح لغاية الآن”.
هل هناك حاجة لتخفيض سعر الصرف؟
وحذرت الباحثة سميسم من أن أي قرار بتخفيض سعر العملة قد يكبد الاقتصاد العراقي خسارة لا تقل عن “52 تريليون دينار عراقي”، مؤكدة أن مثل هذه القرارات يجب آلا تؤخد “اعتباطا أو بشكل عاطفي”.
وبينت أن المؤشرات الاقتصادية الحالية لا تكشف عن أي “حاجة تتطلب تعديل سعر الصرف، وهناك أدوات نقدية ومالية يمكن استخدامها للحد من آثار التضخم ومساعدة الطبقات المهمشة”.
ويدعم هذا الرأي الخبير داغر، بالقول إن “كل القواعد الاقتصادية، تدعم بقاء سعر الصرف كما هو لعدة أسباب، أهمها استقرار العملة”.
ويؤكد أن أي تغيير في سعر الصرف أمام الدولار لن يكون في صالح الاقتصاد العراقي، ولكنه سيخدم مصلحة “المضاربين” الذين يريدون استغلال فرق التصريف لمصلحتهم من دون النظر لمصلحة الاقتصاد ككل.
ودعا داغر السياسيين إلى عدم “استخدام قرار سعر الصرف في التصريحات الشعبوية” على حد تعبيره، مشيرا إلى أنها تتسبب في “موجات مضاربة في السوق” لا حاجة لها.
رئيس مركز “ألوان” للدراسات الاستراتيجية، حيدر البرزنجي، المقرب من الإطار التنسيقي ألمح إلى أن معارضة تغيير سعر صرف الدينار كان للمناكفة السياسية لا أكثر، على أساس أن “الواقعية الاقتصادية تختلف عن الخطاب السياسي”، بحسب اعتقاده.
وتابع البرزنجي، وهو معلق إعلامي يدافع عن وجهة نظر الإطار والقوى المنضوية فيه: “هناك واقع اقتصادي لا يمكن تغييره.. الاختصاصيون يقولون إنه لا يمكن تغيير سعر الصرف إلا بعد 4 أو 5 سنوات”.
وكانت رابطة المصارف الخاصة العراقية، قد قالت في بيان أصدرته الأسبوع الماضي، إن “إعادة أسعار الدولار ستؤثر سلبيا في الاقتصاد”، مؤكدة أن “التراجع الطفيف بالصرف لن يخفض أسعار المواد في الأسواق”.
واعتبر المستشار الاقتصادي في الرابطة سمير النصيري، أن “التراجع الحالي القليل لأسعار صرف الدولار يعد نوعا من أنواع الإرباك الذي يمارسه المضاربون في سوق تداول العملة، من خلال استغلال الشائعات لتحقيق مصالح ضيقة”.
وحذر النصيري من أن “عملية التغيير والعودة للسعر السابق لقيمة الدولار مقابل الدينار العراقي، ستؤدي إلى تكاليف باهظة يتحملها الاقتصاد”، إضافة إلى “أضرار كارثية سيتحملها المواطن بسبب المشاكل التي ستحدث في التعاملات التجارية والمالية الداخلية”.
وأكد البنك المركزي العراقي في بيان الأسبوع الماضي على “عدم وجود أية نوايا لتغيير سعر الصرف”، ودعا في تصريح لوكالة الأنباء العراقية المواطنين “إلى المحافظة على قيمة أموالهم والابتعاد عما يشاع في وسائل الإعلام”.