حرية – (7/11/2022)
عدّت صحيفة إسرائيلية، يوم الاثنين، العراق بأنه البلد “الأكثر اعوجاجاً” في العالم بعد تنافس مع لبنان نتيجة الظروف السياسية والعامة اجمالاً التي يعيشها البلدين، فيما بينت أن الحكومة العراقية الجديدة تشكلت بفعل “انتهازية سياسية مضللة” استفادت من تنحي مقتدى الصدر وانسحاب تياره من البرلمان.
وقالت صحيفة “هآرتس” الاسرائيلية في تقرير ، إن “العراق ولبنان في وضع منافسة حول لقب البلد الاكثر اعوجاجا في العالم حيث يعانيان من المرض نفسه المتمثل بالانقسامات العرقية والدينية، وتدخل ايران في شوؤنهما السياسية”، لتخلص الى ان العراق، في هذه المنافسة، هو الفائز باللقب.
تشكيل حكومة السوداني
وأوضحت الصحيفة الاسرائيلية فكرتها، مذكرة بـ”اتفاق القوى السياسية في العراق في تشرين الاول/ اكتوبر حول رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة حيث قدم رئيس الوزراء بعد اسبوعين حكومته الى البرلمان الذي وافق عليها، في حين ان لبنان شهد انتخابات في ايار/ مايو الماضي، الا ان الاتفاق البرلماني لم يظهر في الافق حتى الآن”.
وبعدما اشار التقرير الاسرائيلي الى ان “البلدين يعانيان من المرض نفسه المتمثل بالانقسامات العرقية والدينية”، اوضح أن “الانقسامات في العراق هي بين السنة والشيعة والكورد، في حين انها في لبنان بين السنة والشيعة والمسيحيين والدروز، بينما توزع الحقائب الوزارية في البلدين وفق نظام التقاسم العرقي، حيث ان رئيس العراق كوردي، بينما هو في لبنان مسيحي، ورئيس وزراء العراق شيعي بينما في لبنان هو في لبنان سني، فيما ان رئيس البرلمان في العراق سني، وفي لبنان شيعي”.
التدخل الايراني
وبحسب التقرير الاسرائيلي، فإن “البلدين يخوضان منافسة على أكثر دول العالم اعوجاجا، بينما تتدخل ايران في شؤونهما السياسية، حيث يمثل حزب الله مصالح ايران في لبنان، بينما تمتلك ايران في العراق السلطة على بعض الاحزاب والميليشيات الشيعية”.
ويعتبر التقرير ان الفارق المهم بين البلدين، يكمن تحت الارض، حيث ان العراق يمتلك ثالث أكبر الاحتياطات النفطية في العالم وكميات غير محددة من الغاز، في حين ان لبنان يقف على النقيض من ذلك، اذ ان خزينته فارغة وتفتقر إلى موارد الدخل، برغم من أنها قد تمتلئ بعض الشيء بعد الاتفاقية المبرمة مؤخراً مع اسرائيل حول موارد الغاز البحرية”.
موارد العراق الاقتصادية
وأكد التقرير انه “وعلى الرغم من الموارد التي يمتلكها العراق، فهو بعيد عن القدرة على تلبية احتياجات سكانه، وهو مضطر الى شراء الكهرباء والغاز من إيران، بينما يعيش حوالي ثلث المواطنين تحت مستوى الفقر”.
وتابع التقرير انه “كما هو الحال ايضا في بيروت، فإن تشكيل حكومة وانتخاب رئيس في بغداد لا يشكل ضمانة لتحقيق استقرار سياسي أو انتعاش اقتصادي”.
واعتبر ان “الحكومة تشكلت بفعل انتهازية سياسية مضللة استفادت من تنحي زعيم الكتلة السياسية الاكبر مقتدى الصدر وانسحاب تياره من البرلمان، لتصبح بذلك كتلة الإطار التنسيقي هي الاكبر برلمانيا وتنتخب الرئيس ثم رئيس الوزراء وحكومته”.
الجيل السياسي الاوسط
وبعدما وصف التقرير رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بانه “جزء من الجيل الاوسط من السياسيين العراقيين”، أشار الى مسيرته الحزبية والوزارية، مبينا انه “تخلى عن حزب الدعوة الموالي لايران ليخوض الانتخابات الأخيرة كمرشح مستقل، وانه يحاول دون جدوى، ان يظهر بانه ليس رجل إيران في بغداد او انه تحت تأثير الولايات المتحدة”، وهي اتهامات تم توجيهها اليه”.
وانتقد التقرير خطة البرنامج الوزاري التي قرأها السوداني امام البرلمان وقوبلت بهتافات، من اجل اعادة تأهيل العراق، معتبرا انه “من المحتمل ان أحدا لم يقرأها، لان هناك خطط وزارية مشابهة يتجمع عليها الغبار، او العفن، داخل أدراج رؤساء الوزراء السابقين”.
البرنامج الوزاري
وحددت خطة البرنامج الوزاري لحكومة السوداني “الإصلاحات الاقتصادية، والحرب على الفساد، والسياسة الخارجية التي تهدف إلى تعزيز العلاقات مع العالم، وبناء محطات الطاقة، وترتيبات جديدة لتوفير المياه وخلق فرص العمل، إلى جانب أفكار لقانون انتخابي جديد”، فيما بينت الصحيفة أن “رؤية نهاية الأيام لا يمكن أن تبدو أفضل”.
واعتبر التقرير انه “من الأفضل للسوداني والكتلة التي يستند عليها، تلبية مطالب الصدر المتعلقة بانتخابات جديدة خلال عام واعداد قانون انتخابي جديد، في حال كانوا يريدون تمضية عامهم الاول في السلطة بهدوء نسبي”.
عام واحد لا يكفي
واوضح التقرير أن “عاما واحداً لن يكون كافياً من اجل اعادة الاعمار بعد عقود من الخراب، او من اجل تحقيق نتائج اقتصادية إيجابية”، مضيفا انه “من غير المرجح ان يتمكن البرلمان من صياغة قانون انتخاب جديد، اذ انه يتطلب اعادة ترسيم الدوائر الانتخابية بطريقة قد تلحق الضرر بالسلطة التقليدية للزعماء المحليين والجماعات العرقية والحزبية، والذي يدركون كيفية الاستفادة من التركيبة الديموغرافية في مناطقهم”.
قانون انتخابات جديد
وفي المقابل، لفت التقرير الى ان “صياغة قانون انتخابي جديد في لبنان تطلب أربع سنوات، وحتى بعدما اقر في العام 2017، فانه اظهر ان التغييرات المنشودة كانت تجميلية ولم تؤدي الى الغاء نظام المحاصصة العرقية والدينية، التي لا تزال تحدد قواعد اللعبة السياسية وتوزيع الموارد في البلد، مبيناً أن “على العراقيين ان يتوقعوا الأمر نفسه”.
وختم التقرير بالإشارة الى ان “الاخفاقات التي تقوم بها الحكومة العراقية تثير الاهتمام ليس فقط لانها يمكن ان تخرج الناس الى الشارع وتثير اشتباكات وتؤدي الى تقويض ما يطلق عليه البعض “استقرار الدولة”، وانما ايضا ان “الاكثر اثارة للقلق، خاصة في الغرب، يتعلق بما اذا كانت الحكومة العراقية ستكون موالية اكثر لايران من الحكومات التي سبقتها، وما اذا كانت ستعزز علاقاتها مع الولايات المتحدة، وكيف ستتحول الى جزء من النسيج الاستراتيجي الاقليمي”.
وقدم التقرير الاسرائيلي اجابته على هذا الساؤل قائلاً إن “العراق في ظل اي حكومة، يعتمد على إيران اقتصادياً ومقرب منها من النواحي الدينية، الا انه ليس أسير حرب عندها”.