حرية – (7/11/2022)
سلط تقرير أعدته الصحيفة الرسمية، الاثنين، الضوء على واقع الصناعة والانتاج في العراق، مشيراً إلى أنه لا شيء يُصنع في العراق بعد سبعة أعوام من إطلاق حملة لإعادة تشغيل المصانع.
(لا شيء يصنع في العراق)، يبدو أن هذا ما وصلت إليه حملة (صنع في العراق) بعد سبعة أعوام من إطلاقها، فأغلب المعامل والمصانع ظلت تراوح مكانها من دون تطوير أو تحديث لخطوطها الإنتاجية باستثناء عدد قليل منها.
وأعلنت وزارة الصناعة البدء بحملة (صنع في العراق) خلال العام 2015 لإعادة تأهيل المعامل والمصانع المحلية، وأكدت في حينها أن الواقع المرير الذي تعيشه الصناعة الوطنية أدى إلى تحويل العراق إلى بلد مستهلك مما ساهم في استنزاف العملة الصعبة خارج البلد.
ووصل مجموع استيرادات البلاد خلال العام 2021 ، بحسب وزارة التخطيط، من المواد السلعية والمنتجات النفطية إلى ما يقرب من 17 مليار دولار، مسجلا نسبة ارتفاع مقدارها\ 34 بالمئة عن عام 2020 الذي بلغت فيه حصة الاستيرادات 15.4 مليار دولار.
الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد الهذال، أوضح أن الصناعة المحلية تواجه منافسة شديدة مع السلع والخدمات المستوردة، فضلاً عما تعانيه الأسواق من الإغراق السلعي في ظل صناعة ناشئة في البلد.
وأضاف أن القطاع الخاص لا يمارس دوره الحقيقي بسبب المعوقات الإدارية وانتشار الفساد الإداري والمالي والروتين، ناهيك عن بيئة الأعمال ذات التصنيف المنخفض، يرافق ذلك أن هناك نسبة كبيرة من مجموع الشركات العامة تعد خاسرة بالمقاييس الاقتصادية، وتمول هذه الشركات من الموازنة العامة عن طريق الاقتراض والسلف، وتتميز بضعف الإنتاجية المحلية.
ودعا الهذال إلى ضبط الجمارك بالتنسيق مع وزارتي التجارة والزراعة واعتماد آلية محددة للاستيرادات لدعم الصناعات الناشئة من السلع المشابهة لمثيلاتها المستوردة، إضافة إلى دعم المنتج المحلي عبر آليات وقرارات تخفض الكلف للمواد الأولية والوسيطة المستوردة التي تدخل في العملية الإنتاجية والتي تحقق قيما مضافة للإنتاج المحلي.
ونوه بأهمية أن يضع مشرعو قانون الموازنة العامة فقرات تلزم شركات التمويل الذاتي بعمل موازنة قائمة على تحليلات التكلفة / العائد لكي يتم ضمان إنتاجية الإنفاق الحكومي من جهة، وتوفير السلع والخدمات لسد الطلب المحلي من جهة أخرى.
ولم يتطور القطاع الصناعي في العراق طيلة الأعوام السابقة وحتى اليوم, وذلك بسبب السياسات والإجراءات المتبعة التي أضعفت تطوره بمختلف فروعه، فبعد سياسة النظام المقبور وحروبه العبثية التي دمرت البنية الصناعية,
جاء الدور بعد سقوط النظام الدكتاتوري في 2003 ، لسياسة اقتصادية تسببت بإغراق السوق بالسلع المختلفة المستوردة من الخارج التي تتمتع بميزات تنافسية أفضل من السلع المحلية كما أنها تباع بسعر أرخص، مما أدى إلى تهميش وتعطيل الكثير من الصناعات المحلية بما فيها المتوسطة والصغيرة.
من جهته، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عدنان بهية: إن مشروع إنشاء ألف معمل الذي كان من المقرر تنفيذه خلال الورقة البيضاء ظل حبرا على ورق ولم يتم العمل به حتى الآن.
وبين أن عملية دعم الصناعة المحلية تتطلب إجراءات عدة، كتخفيض أجور الكهرباء والضرائب والوقود، وكذلك إيجاد سبل للتنسيق بين وزارة التجارة وبقية الوزارات لتقليل البضائع والسلع المستوردة.
وأشار إلى أن وزارة التجارة وهيئاتها تعمل على الإبقاء على الاستيراد لغرض الاستفادة من العمولات والإيفادات التي تقدمها الشركات المصدرة، بحسب قوله.
وشدد بهية على أهمية وجود خطة للتنسيق والترابط القطاعي بين وزارات التخطيط والزراعة والصناعة لدعم المنتج المحلي وفق سقوف زمنية محددة وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتابع أن هناك مصانع تقدم منتوجات ذات جودة جيدة مثل مصانع الإطارات في الديوانية ومعامل إنتاج البطاريات والثلاجات والتلفزيونات التي لا تزال موجودة، ولكن بإنتاج خجول لا يكفي حاجة السوق، لذا من الممكن اتباع الآلية القديمة وهي التجميع، بدلا من إغرق السوق بالمنتجات المستوردة، كخطوة أولى قابلة للتطوير.
ويحدد متخصصون في الشأن الاقتصادي أهم المشاكل والمعوقات التي تعاني منها الصناعة، إذ تتمثل بعدم وجود سياسة صناعية واضحة المعالم ضمن توجه استراتيجي نحو تحقيق التنمية المستدامة، مع قلة التخصيصات للقطاع الصناعي في الموازنة العامة، وتقادم وسائل الإنتاج وهيمنة الأساليب القديمة غير الكفوءة التي أدت إلى تدني مستويات الإنتاج، إضافة إلى عدم إدخال تكنولوجيا حديثة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف أو انعدام القدرة على منافسة السلع الأجنبية.