حرية – (27/11/2022)
مشرق عباس
نشر المستشار مُشرق عباس، السبت، سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر عن ظاهرة الابتزاز في العراق.
وقال عباس في تغريداته، (26 تشرين الثاني 2022)، إن “الأكثر خطراً أن يكون فعل الابتزاز مقبولاً أخلاقياً من قبل القوى والشخصيات المؤثرة في الوسط السياسي والحكومي والإعلامي، وان يكون الصمود والخبرة والنجاح السياسي أو الإعلامي مرتبط بالتعاطي مع الابتزاز أو ممارسته فعلاً”.
وتالياً نص التغريدات”:
1: ما كنت اعتقده حقاً ان “الابتزاز” مجرد ظاهرة طارئة خلقتها بيئة سياسية مرتبكة تفتقر الى القيم والتقاليد السياسية الراسخة ، واكتشفت سريعاً ان الابتزاز بمعانيه المختلفة هو أساس تقف عليه وعلى قواعده العملية السياسية ، والزبائنية السياسية المحيطة.
2: و”الابتزاز” تعريفه كما أفهمه هو تهديد المؤسسات والأشخاص في الدولة وخارجها بحياتهم أو بسمعتهم أو باستهدافهم سياسياً أو اعلامياً او وظيفياً في حال لم يستجيبوا للمصالح الفئوية او الحزبية او الشخصية لهذا الطرف او ذاك سواء كانت تلك المصالح وفق القانون أم لا.
3: الأكثر خطراً أن يكون فعل الابتزاز مقبولاً اخلاقياً من قبل القوى والشخصيات المؤثرة في الوسط السياسي والحكومي والإعلامي ، وان يكون الصمود والخبرة والنجاح السياسي او الاعلامي مرتبط بالتعاطي مع الابتزاز أو ممارسته فعلاً.
4:من السهل في ضوء إمكانات الارشفة الالكترونية اليوم وبقليل من الصبر فرز الحقيقة من خلال أجندة تاريخية توضح انتقال المواقف لهذا الطرف أو ذاك السياسي ووضع علامات حمراء للحظات التنقل المريبة بين المواقف، لغرض التأسيس العميق لكل لحظة انتقال مشكوك باصلها والاستقصاء عما يقف خلفها .
5: ويجب في معرض وضع العلامات الحمراء إدراج كل الحكومات السابقة في موضع التساؤل لانها سمحت بإيجاد “الامثلة الناجحة” للابتزاز، فالقانون الأول هو: “عندما ينجح (س) في الابتزاز لماذا لا ينجح (ص)؟” فالسابقة هي كلمة السر في تشجيع هذا السلوك المنحرف، وتمكينه ومن ثم “تأصيله”.
6 : وتالياً تشجع هذه الظاهرة بيئة النظام الإداري في العراق وهو نظام هجين ومرتبك ويعيش حالة اغتراب بين القوانين القديمة والجديدة بل حتى مع الدستور ومع النظام البرلماني (وسأعود لاحقاً للكتابة تفصيلاً عن ذلك)”.
7: إن نجاح الابتزاز ليس مضموناً في حال كان النظام الإداري متماسكاً، مهما كانت البيئة السياسية فاسدة ، فما يضمن نجاح الابتزاز ومن ثم جسارته وجود الثغرات في اللوائح والتعليمات والقوانين وتقييم الموظفين، وتلك الثغرات يشغلها المسؤول الأول في كل مؤسسة.
8: إن النظام البرلماني الذي تنتشر فيه طبيعياً ثقافة المساومات السياسية وفق قاعدة – اعطني مكسباً اعطيك موقفاً – التي ترجمت في التجربة العراقية حرفياً ، فاصبحت الشركات الحزبية شريكاً في النشاط البرلماني والمساحة السياسية والإدارية.
9: ومع ان العوامل الأخلاقية والقيمية كانت متداخلة ومتزاحمة مع الدواعي البراغماتية والمصالح في صوغ النظرية السياسية وممارساتها عبر التاريخ ، فإن التشوه الولادي الذي صاحب التجربة العراقية كان قاد الى تعريف السياسة للاسف بعيداً عن أي اعتبار أخلاقي ، …ليصبح “الابتزاز” الذي تمكن من خلاله الوصولي والمغامر والمتلاعب في كسب حيز ومساحة هنا او هناك ، أشبه بعقيدة سياسية يتم حث الجميع للتدرب عليها واعتناقها ، بل ويصبح من يرفضها خارجاً على “الملة”.
10 : لقد كان الوضع الأمني الذي استمر مضطرباً في العراق منذ 2003 مدخلاً آخر لاستشراء هذه الظاهرة، فثقافة الابتزاز سمحت بإدامة الاضطراب الأمني كما ان الاخير أنعش بيئة الابتزاز .وانتهينا إلى مشهد عليه ان لايكون مستقراً لان استقراره سيتيح الفرصة لمراجعة هذه الظاهرة ومحاصرتها”.