حرية – (1/12/2022)
اختلفت مظاهر الاحتجاج من بلد لآخر، ومن ثقافة لأخرى، لكن بعضها اشتهر بشكل كبير، وأصبح معتمداً على نطاق واسع، بين شعوب مختلفة، للتعبير عن رأيهم في مواضيع مختلفة، أهمها تلك المرتبطة بالمجال السياسي.
وتعتبر الورقة البيضاء، التي رفعها الصينيون مؤخراً، في عدة مدن، أبرزها في شنغهاي، رمزاً واضحاً وصريحاً للاحتجاج على قرارات الدولة، في فرض قيود مكافحة “كورونا”، والتي أطلق عليها اسم “صفر كوفيد”.
وتأتي هذه الاحتجاجات بعد أن تسببت هذه القيود الاحترازية في وفاة 10 أشخاص في حريق داخل شقة، بعد تأخر وصول رجال الإطفاء إليهم، الناتج عن إجراءات القيود.
الورقة البيضاء.. أداة للتظاهر ضد القوانين الصينية
في الوقت الذي كان فيه المتظاهرون يهتفون سابقاً بالعديد من الشعارات، ويعرضون لافتات مختلفة ضد الحكومة التي يقودها شي جين بينغ، توصل البعض الآخر إلى أداة جديدة للاحتجاج، وهي رفع الورقة البيضاء.
وتعود بداية التظاهر عن طريق رفع ورقة بيضاء فارغة لسنة 2020، عندما استخدمها المتظاهرون ضد القوانين الأمنية المشددة، لتكون أداة لتجنب الشعارات التي تم حظرها بموجب قانون الأمن القومي الجديد حينها، الذي أقرته السلطات المدعومة من بكين، لتكون بذلك طريقة للتظاهر ضد القانون دون خرقه.
وكان الهدف من رفع الورقة البيضاء في الصين هو تحدٍّ للسلطة، التي حاولت قمع حق تعبير المواطنين، وذلك لأنها طريقة تمثل ما يريد الشعب قوله، دون الحاجة إلى التعبير عنه بالحروف.
وبعد ذلك، انتقلت طريقة التظاهر هذه إلى روسيا، بعد اندلاع الحرب الأوكرانية-الروسية، تعبيراً عن رفض بعض المواطنين لما يحصل في البلاد.
كورونا تعيد الورقة البيضاء إلى الواجهة
عادت طريقة تظاهر الصينيين عن طريق حمل الورقة البيضاء الفارغة إلى الواجهة من جديد، حينما لقي 10 أشخاص حتفهم، يوم 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، في حريق شقة في مدينة أورومتشي، شمال غربي الصين.
وجاءت طريقة الاحتجاج هذه كشعار ضد سياسة “صفر كوفيد”، رفضاً من المواطنين لقرار الحكومة الذي أجبرهم على عيش حالة إغلاق من جديد، لأكثر من ثلاثة أشهر.
إذ كشفت عدة تقارير إعلامية أن القيود المفروضة على تحركات المواطنين، والعقبات التي يواجهها رجال الإطفاء من أجل التحرك الفوري خلال هذه الظرفية، ساهمت في وفاة الضحايا.
الحد من انتشار الورقة البيضاء في السوشيال ميديا!
وأسهمت مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً منصتي “تيك توك”، و”وايبو” في انتشار طريقة التعبير هذه عن رفض القرارات الحكومية، مما جعل الصين تبذل جهوداً متضافرة لمحو مقاطع وصور الأوراق البيضاء هذه من وسائل التواصل الاجتماعي.
إذ إن هذه الشركات المذكورة تقوم بإزالة صور الورق الأبيض الفارغة من منصاتها قدر الإمكان، للحد من انتشارها السريع.
فيما أشارت بعض الأخبار إلى أن الصين قد أوقفت بيع الأوراق البيضاء من مقاس “A4″، مما تسبب في انخفاض أسهم أكبر سلسلة مكتبات (قرطاسية) في البلاد، بنحو 3.1 في المئة.
قمع التظاهرات بشكل مباشر
وقد ظهرت عدة مقاطع فيديو تبرز منع السلطة للمحتجين التعبير عن رأيهم بالورقة البيضاء، التي لا تحتوي على أي كلمات تهدد السلطات، لكن رمزيتها أكبر مما كان سيكتب فيها.
إذ ظهرت لقطة لشخص غاضب مجهول الهوية، يقوم بخطف الورقة من يد أحد المتظاهرين، ويهرب مسرعاً، وذلك في جامعة الاتصالات في مدينة نانجينغ شرقي البلاد.
وهناك فيديو آخر، ظهر فيه مسؤول وهو يطلب من المتظاهرين حاملي الورقة البيضاء التوقف عن ترديد الشعارات المناهضة للحجر الصحي، فيما ردوا عليه بطريقة ساخرة: “أريد فحص كورونا”.
أما طلاب جامعة تسينغهوا، فقد اختاروا التظاهر عن طريق رفع أوراق بيضاء عليها “معادلات فريدمان” التي يوضح فيها عالم الفيزياء الروسي كيف يدور الكون بمرور الزمن.