حرية – (8/12/2022)
أصبح سوق واقف الكائن بقلب العاصمة الدوحة ملتقى لجماهير منتخبات كأس العالم لكرة القدم بعد فرض نفسه كأهم مناطق الجذب في قطر.
ويعج السوق الذي يقع بالقرب من ساحل الخليج العربي، بالجماهير من مختلف أنحاء العالم، حيث تسمع الأهازيج بمختلف اللغات وترفع أعلام المنتخبات، بما في ذلك الدول التي لم تشارك في المونديال.
وبات السوق الشعبي الأكثر شهرة في قطر يعمل على مدار الساعة طوال الأسبوع لاستيعاب جماهير المونديال التي تقصد هذا المعلم المصمم على الطراز التراثي في قطر.
في الأسبوع الماضي، قالت صحيفة “فايننشال تايمز” إن سوق واقف، الأكثر ازدحامًا في الدوحة، هو “النقطة المحورية غير الرسمية لكأس العالم لكرة القدم”.
وبحسب الصحيفة، فإن سوق واقف أصبح مكانا مفضلا للمشجعين، حيث يلتقطون صور سيلفي ويشربون الشاي ويشاركون في مناظرات رياضية حول المونديال.
وصف اللاعب البحريني السابق، طلال حسن، المتواجد في الدوحة حاليا لحضور مباريات المونديال، أجواء السوق بـ “الرائعة”، حيث تختلط الجماهير من جميع الجنسيات لتبادل الثقافات، وفق تعبيره.
وقال حسن لموقع “الحرة” إن السوق عامل جذب سياحي على اعتبار أن مصدر للتعرف على التراث المحلي والخليجي، فضلا عن وقوعه في منطقة رئيسية تبعد أمتار قليلة عن الكورنيش ووجود محطة تربطه بشبكة المترو الجديدة في البلاد.
وأضاف: “الكل يريد أن يذهب إلى هناك على اعتبار أن جماهير العالم برمتها موجودة في السوق”.
لطالما كان سوق واقف مقصدا للجماهير أثناء استضافة قطر لكبرى الأحداث الرياضية منذ سنوات، لكن السوق هذا يملك تاريخا طويلا يصل لقرن من الزمان.
التاريخ وأصل التسمية
ويعود أصل موقعه إلى سوق تجاري قديم في الدوحة عمره أكثر من 100 عام، بحسب موقع “زور قطر” الحكومي.
وأطلق على هذا المكان اسم “سوق واقف”؛ لأن الباعة كانوا يقفون إلى جنبات الطريق التي تؤدي إلى السوق الكبير في الدوحة ليبيعوا فيها أشياء مثل البقول والسمك وغيرها من البضائع، بحسب صحيفة “الوطن” المحلية.
كانت قطر ذات يوم مركزا مهما لتجارة اللؤلؤ قبل أن تزدهر الإمارة الخليجية خلال العقود الماضية بفضل احتياطيات البلاد الهائلة من الغاز الطبيعي.
ومنذ مطلع الألفية الجديدة، عكفت السلطات القطرية على تجديد هذا السوق من خلال الحفاظ على هويته القديمة بعد ترميم المباني القديم وبناء أخرى جديدة على الطريقة التقليدية ذاتها، مما يعكس رغبة الدولة الخليجية على إبراز هذا المكان كمنطقة جذب سياحي.
ونظرا للمباني المكسوة بالطين، بالإضافة إلى وجود كل ما يتعلق بتراث قطر فيه، يجسّد السوق البناء التراثي القديم، ولكن بطريقة حديثة، مما جعله مركزا للنشاط وملتقى لكل من يقصد الدوحة.
وتُجسد الأزقة المتعرجة لسوق واقف الحياة القديمة في الدوحة ودول الخليج الأخرى التي تحمل الطراز المعماري ذاته، حيث يتكون البناء من الطين.
ويوفر السوق تجارب غنية لمحبي القطع الأثرية من جميع أنحاء المنطقة، بدءا من الأحذية إلى التحف والحرف اليدوية واللؤلؤ الذي اشتهرت به المنطقة قديما.
كما تتوفر الأقمشة والمنسوجات والسجاد والأثاث الخشبي والزخارف الزجاجية المصنوعة في ورش العمل المجاورة.
بالإضافة إلى ذلك، يضم السوق العديد من المنتجات العطرية ومستحضرات التجميل التقليدية، بما في ذلك “الحناء” الشعبي الذي يرسم على الجسم.
كذلك، يمكن التعرف على الموروث القطري المتعلق بالخيول والهجن والصقور والخيم المصمم على الطراز البدوي، إضافة إلى السيوف والخناجر المصنوعة من الفضة والنحاس.
ويمكن للموسيقيين الاستمتاع بمجموعة متنوعة محلية من الطبول والمزامير والآلات الوترية، بما في ذلك العود الشرقي الشهير.
في ليالي الشتاء، يقدم السوق عروضا ثقافية وحفلات موسيقية، علاوة على عروض الأزياء في الشوارع والمعارض المختلفة.
وعلاوة على الوجبات الشعبية التقليدية وأنواع التوابل المختلفة، يضم السوق مقاهي ومطاعم تقدم أنواعا مختلفة من الأكل الشرقي والغربي، بالإضافة إلى فنادق مصممة على الطريقة التراثية نفسها.
وخلال المونديال، تباع الاوشحة الخاصة بالمنتخبات المشاركة على شكل “غترة”، وهي رداء الرأس التقليدي في قطر ودول الخليج، كما تعلق أعلام الدول المشاركة في كل أرجاء من السوق.
ولأن كل جدار في هذا السوق يحمل بصمة أو شعار للمونديال، فإن السلطات القطرية وضعت شاشة عملاقة لبث مباريات كأس العالم في ساحة السوق الرئيسية التي تستضيف الاحتفالات والعروض.
وقال حسن، اللاعب البحريني السابق، إن التنظيم في السوق مميز، حيث يتواجد أفراد أمن يرتدون زيا عسكريا قديما لتنظيم الحركة. وأشار إلى أن العروض في الساحة الرئيسية لها مدخل منفصل عن بقية المداخل التي خصصت لرواد السوق.