حرية – (14/12/2022)
كان مارك تويتشل البالغ من العمر 29 عاماً رجلاً طموحاً يحلم بأن يصبح مخرجاً مشهوراً يوماً ما، وكانت حياته طبيعية للغاية فلديه زوجة وابنة صغيرة يحبها كثيراً وكان يعيش حياة هادئة تماماً إلى أن تغير كل شيء بسبب هوسٍ بمسلسل تلفزيوني، بطله قاتل متسلسل يدعى “ديكستر مورغان”.
مارك تويتشل.. المهووس بمسلسل “ديكستر”
وُلد مارك أندرو تويتشل في 4 يوليو/تموز 1979 بمدينة إدمونتون، عاصمة مقاطعة ألبرتا في كندا. وأظهر اهتماماً بالسينما وتخرَّج في معهد “شمال ألبرتا للتكنولوجيا” وحصل على درجة البكالوريوس في فنون الإذاعة والتلفزيون عام 2000.
بدأ تويتشل يطور تدريجياً هوساً بجرائم القتل وسفك الدماء. أصبح مفتوناً على وجه الخصوص بالمسلسل التلفزيوني الأمريكي “Dexter”.
تدور قصة المسلسل حول رجل يدعى ديكستر ويعمل في تحليل لطخات الدم في قسم الطب الشرعي في قسم شرطة ميامي. لكنه في وقت فراغه، يعمل بصفته قاتلاً متسلسلاً يستهدف المجرمين الذين استطاعوا الهرب من العدالة.
تأثر تويتشل كثيراً بشخصية “ديكستر” الخيالية، حتى إنه أنشأ صفحة على “فيسبوك” كتب فيها عن أحداث الحلقات من وجهة نظر الشخصية الرئيسية في المسلسل “ديكستر مورغان”. وفقاً لقناة “CBC” الكندية، قالت امرأة في شهادتها إنَّها تحدثت مع تويتشل من خلال الصفحة الخاصة بالمسلسل على فيسبوك وتشاركا حبهما للمسلسل عبر الرسائل الإلكترونية. كتب تويتشل لها في إحدى الرسائل: “نمتلك جميعاً جانباً مظلماً في شخصيتنا، وأنتِ لستِ الوحيدة المرتبطة بشخصية “ديكستر”. أشعر بالخوف أحياناً من مدى ارتباطي وتعلَّقي بهذه الشخصية”.
ومن سوء حظ ضحاياه، قرَّر تويتشل في أكتوبر/تشرين الأول 2008 وضع “جانبه المظلم” موضع التنفيذ.
جرائم مارك تويتشل
على غرار ما كان يفعله ديكستر مورغان، الشخصية الرئيسية في المسلسل. استأجر تويتشل مرآباً وجهَّزه بأغطية بلاستيكية وطاولة عليها أنواع مختلفة من الأسلحة، ثم بدأ استدراج ضحاياه عبر الإنترنت.
إذ بدأ تويتشل باستدراج ضحاياه إلى مرآبه في مدينة إدمونتون، مستخدماً موقع مواعدة يُدعى “PlentyOfFish”.
في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2008، أوهم تويتشل ضحيته الأولى “جيلس تيتريولت” بأنه امرأة تدعى شينا واستدرجه إلى ذاك المرآب ثم هاجمه من الخلف مرتدياً قناع هوكي وحاملاً بيده مسدساً غير حقيقي.
امتلك تيتريولت ليدافع عن نفسه، وتمكن من الهرب، ولم يخبر أي شخص بما حدث، لأنَّه كان محرجاً للغاية بسبب تعرضه للخداع في مواعدة غرامية.
بعد أسبوع، استطاع تويتشل بنفس الطريقة استدراج رجل آخر يدعى جوني ألتنغر يبلغ من العمر 38 عاماً.
اعتقد جوني ألتنغر أنَّه في طريقه لمقابلة امرأة كان قد عرفها من نفس موقع المواعدة واتبع تعليماتها عبر الإنترنت المؤدية إلى مرآب تويتشل. بمجرد وصوله، تعتقد الشرطة أنَّ تويتشل ضرب ألتنغر على رأسه بأنبوب معدني وطعنه حتى الموت، ثم قطَّع جثته إلى أجزاء.
أرسل تويتشل رسالة إلى صديقه على فيسبوك بعد بضعة أيام لاحقة كتب فيها: “يكفي القول إنَّني تجاوزت الحد اليوم وقد أعجبني ذلك”.
سقوط سريع لتويتشل
بعد اختفاء جوني ألتنغر، تلقى أصدقاؤه رسالة غريبة تفيد أنَّه التقى بامرأة تُدعى “جين” عرضت اصطحابه في إجازة طويلة ممتعة. وجد أصدقاء ألتنغر هذا الأمر مريباً للغاية ويستدعي إبلاغ الشرطة. أرسل أصدقاء ألتنغر إلى الشرطة اتجاهات القيادة المرسلة له من صديقته الغامضة، والتي كان ألتنغر قد شاركها على صفحته على فيسبوك قبل اختفائه.
اتبعت الشرطة الاتجاهات، التي أوصلتها مباشرةً إلى باب مرآب مارك تويتشل، حيث وجدوا مشهداً مخيفاً يشبه المشاهد المعروضة في مسلسل “ديكستر”، وفقاً لما ورد في موقع All That’s Interesting الأمريكي.
عثرت قوات الشرطة على أغطية بلاستيكية وطاولة ملطخة بالدماء وأدوات تنظيف. ألقت الشرطة القبض على مارك تويتشل في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2008 عندما وجدوا آثار دم ألتنغر في سيارته.
ومع ذلك، أصرَّ تويتشل على أنَّه كان يصور فيلماً سينمائياً تدور قصته حول رجال قُتلوا بعد استدراجهم إلى مرآب بحجة موعد غرامي.
في وقتٍ لاحق، قال تويتشل إنه استدرج تيتريولت وألتنغر إلى المرآب ظناً منه أنَّه سيهاجمهما ويسمح لهما بالفرار حتى تظهر تلك الأحداث الواقعية في الفيلم، وهو ما يخلق ضجة كبيرة.
ربما بدت هذه الحبكة مريبة لقوات الشرطة، لكنها لم تكن شيئاً مقارنةً بمستند محذوف عُثر عليه لاحقاً على حاسوب تويتشل. على الرغم من أن تويتشل قال إنَّه مجرد سيناريو فيلم، وجد المحققون أنَّ المستند كان في الواقع سرداً مفصلاً لجرائم تويتشل.
كتب تويتشل في السيناريو المزعوم: “تستند هذه القصة إلى أحداث حقيقية. هذه قصة تطّوري حتى أصبحت قاتلاً متسلسلاً”. تضمن المستند أيضاً وصفاً دقيقاً لكيفية إعداد “غرفة القتل” الخاصة به وتجميع الأغطية البلاستيكية وبرميل كبير لوضع أجزاء الجثة، وكذلك أسلحة مثل السكاكين ومنشار مسنن لتكسير العظام.
ومع ذلك، واصل تويتشل تقديم الحجج والأعذار. وفقاً لقناة “CBS” التلفزيونية الأمريكية، اعترف تويتشل بقتل ألتنغر لكنه أصر على أنَّه أضطر إلى قتله دفاعاً عن النفس، لأنَّ ألتنغر استشاط غضباً وهاجمه عندما أدرك تعرضه للخداع بشأن الموعد الغرامي.
تويتشل ينفي علاقته بالمسلسل
لم تقتنع هيئة المحلفين بأعذار تويتشل وأُدين بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى وحُكم عليه بالسجن لمدة 25 عاماً على الأقل.
لكن يبقى السؤال: هل كان المسلسل التلفزيوني مصدر إلهام لتويتشل لارتكاب جريمة القتل؟ نفى تويتشل أنَّ ما فعله له علاقة بالمسلسل.
قال تويتشل عن ذلك: “لا يوجد ما يستلزم توجيه أصابع الاتهام إليه، سواء تعرضي للتنمر في المدرسة أو التأثر بأفلام دموية أو ألعاب فيديو عنيفة أو مسلسلات تلفزيونية. هذا أنا وهذا ما حدث”.
ومع ذلك، يجد كثيرون أن إصرار تويتشل على نفي تأثره بمسلسل “ديكستر” بأنَّه سخيف وغير منطقي.
سواء أراد مارك تويتشل إشباع رغبته في القتل بتطبيق نفس أسلوب “ديكستر” أو لم يقصد ذلك، هذا لا يغير حقيقة وجود أوجه تشابه واضحة بين جرائمه وجرائم شخصية “ديكستر” في المسلسل، بدايةً من شكل غرفة القتل إلى استخدام الأغطية البلاستيكية، ثم أسلوب القتل نفسه.
لحسن الحظ، ألقت الشرطة القبض على مارك تويتشل في وقت أقل كثيراً مما استغرقته شرطة المسلسل في القبض على شخصية ديكستر مورغان.