حرية – (14/12/2022)
رد استاذ البحث الخارج في حوزة النجف منير الخباز على ما يُثار بين الحين والآخر من عزوف المرجع الشيعي الاعلى عن إصدار فتوى الجهاد ضد القوات الأميركية أثناء اجتياح العراق.
وفي مقابلة مع موقع الأئمة الإثنا عشر التابع للعتبة الحسينية،الأربعاء، (14 كانون الأول 2023): قال الخباز: “لقد كان بإمكان السيد المرجع (دام ظله) إستغلال ظرف الإحتلال الأمريكي للعراق في إصدار فتوى الجهاد والمقاومة المسلحة، ليحرز بذلك كبيراً في الأمة الإسلامية والعربية، ويكون بطلاً من أبطال العروبة، ولكنه تعامل مع الحدث بواقعية تامة، وركز على المصالح العامة للشعب العراقي، في إطار الممكن والميسور، فلم يفتِ بوجوب المقاومة المسلحة للإحتلال، ولكنه لم يحرمها ويمنع منها في نفس الوقت، وذلك لجهتين:
أ- فمن جهة، قد أدرك أن الشعب العراقي المظلوم على مدى خمس وثلاثين سنة قد نزف من الدماء والجراح عشرات الآلاف، وقدم من الضحايا والمآسي ما لا يحصى، فمقتضى حب القائد لشعبه وإخلاصه له، وحفظاً على دمائه وأعرضه وأمواله، أن لا يكلفه ويلزمه ببذل المزيد من الدماء، وتقديم الكثير من الضحايا، خصوصاً وأن قطاعاً كبيراً من هذا الشعب قد سئم كثرة الجراح والمآسي، وآثر أن يخلد الى الراحة وترميم الجراح.
ب- ومن جهة أخرى فإن التعامل مع الأمور بواقعية مجردة عن نداء العواطف والإنفعالات، أن تدرس المواقف ضمن قاعدة المهم والأهم، وقد رأس سماحته أن إخراج المحتل من العراق أمر مهم، ولكن إعطاء فرصة للشعب العراقي ليبني له كياناً سياسياً بإرادته واختياره أهم.
وقد شخص أنه لو أفتى بوجوب اخراج المحتل، وبذل الشعب العراقي آلاف الدماء والضحايا لمدة ثلاث سنوات فإن نتيجة المعركة وثمرتها لن يحصدها الشعب العراقي، حيث أن البعث الصدامي وتنظيم القاعدة كان في تلك الفترة قوة عسكرية واستخبارية، ممتدة في طول البلاد وعرضها، وبالتالي فهم قيادة جاهزة لركوب الموجة واغتنام الفرصة، بحيث متى ما خرج المحتل سيطروا على مقدرات البلاد من جديد، وحكموا بالحديد والنار وعاثوا في الأرض فساداً، ودونكم تجربة الشعب الجزائري وغيره من الشعوب التي بذلت آلاف الدماء في ثورات وحركات مستميتة، وكانت النتيجة أن حصد الثمرة فئة قليلة من المجتمع، وهي التي سيطرت على ادارته وقيادته.
فيتضح أن سماحة السيد (دام ظله الشريف) قدم ما هو أهم على المهم، وهذا التوجه وإن كان أمراً مراً وصعباً ومصادماً لغليان العواطف والمشاعر، إلا أنه هو المنسجم مع رشد القيادة وواقعيتها وإخلاصها.
مضافاً الى ذلك كله فإنه لم يحرم القيادة المسلحة، ولم يستقبل أي طرف يتعاون مع الإحتلال، أو يكون ممثلاً له، ولم يعبر عن الوجود الأمريكي والبريطاني في العراق إلا بالإحتلال، الى يومنا هذا، وأصر على اجراء الانتخابات، مع أن المخطط الأمريكي هو نصب حكومة موالية له بأساليب معينة، كما أصر على عدم عقد اتفاقية استراتيجية مع الجانب الأمريكي إلا إذا تضمنت عنصرين
ـ المحافظة على سيادة العراق واستقلاله.
ـ وتوفر الاجماع الوطني على قبولها والتفاعل معها”، على حد قوله.