حرية – (17/12/2022)
طارق أبو زينب
زواج المتعة عند الشيعة الإمامية هو الزواج المؤقّت والإتفاق السري بين الرجل والمرأة، على ممارسة الجنس بينهما بشرط واحد فقط، وهو أن لا تكون المرأة في عصمة رجل آخر، وحينئذ يجوز نكاحها بعد أداء صيغة الزواج بين الرجل والمرأة المتمتع بها، حيث لا يحتاج الأمر فيه إلى شهود، ولا إلى إعلان، بل ولا حتى إلى إذن ولي أمرها.
ويرى الشيعة الإمامية بأن زواج المتعة هو قربه يتقرّب بها الشخص إلى الله عزوجل يحصّن نفسه ويحفظ دينه.
زواج المتعة أو الزواج المؤقّت اختلفت الطوائف الإسلامية في شرعيّته، فيرى أهل السنة والجماعة والإباضية والزيدية أن زواج المتعة حرام، ويُعتبر من الأنكحة الباطلة المحرمة بالإجماع فلا يجوز لأحد الإقدام عليه ولا التفكير فيه ولا الإستماع إلى شبهات من يبيحه، وإنطلاقًا من الإختلاف بين المذاهب الإسلامية الذي نحترم خصوصيتها، فنحن لا نحرم ولا نحلل هكذا نوع من الزواج ونتناول الموضوع بشفافية تامة ولا خلفية مسبقة لنا على زواج المتعة أو المؤقّت ونأخذ الأراء من الناحية الإجتماعية عند الطوائف الإسلاميّة.
زواج المتعة لا يشترط حضور الأهل أو الشهود
أفادت مصادر مطلعة , إن عقد زواج المتعة هو إلى أجل لا ميراث فيه للزوجة، والفرقة تقع عند انقضاء الأجل يشترط فيه الإيجاب مثل أن تقول المرأة، متعتك أو زوّجتك أو أنكحتك نفسي، والقبول من أهله مثل: قبلت، ويشترط فيه ذكر المهر كما يشترط أيضًا ذكر أجل معين بالتالي تحديد مدة يوم أو أسبوع أو شهر للتمتع والنكاح ولا يشترط حضور الشهود مجلس العقد.
المؤسسة الدينية في إيران تسمح بزواج المتعة
وتضيف المصادر المطلعة : المشهد الأبرز في زواج المتعة أو الزواج المؤقّت إشارة لإشكالية ذات أوجه متعددة، تتعلق بالبعد الديني والمجتمعي والفقر وقد وصل الأمر إلى حد الإرباك لأن بعض الطوائف الإسلامية تعتبره باطلاً، وإختلفت الطوائف الإسلامية في شرعيته، وتفشي ظاهرة زواج المتعة في إيران بعد سقوط حكم الشاه عام 1979 وكان زواج المتعة حينها غير مسموح ومرفوض من المجتمع الإيراني.
وعند إنتصار الثورة استلمت المؤسسة الدينية الحكم في إيران، وبدأت تسمح وتنشر زواج المتعة أو الزواج المؤقّت في إيران وتصدّره إلى الدول العربية والإسلامية، وقام النظام الإيراني بالدفاع عن فضائل زواج المتعة في المدارس والمساجد والتجمعات الدينية والإذاعة والتلفزيون والصحافة بل وتم إنزال مادة مقررة على الطلاب والطالبات في جميع المدارس إسمها “زواج المتعة” بدءا من الصف العاشر.
الشق السلبي من زواج المتعة
في هذا الصدد، تقول اللبنانية أمل موسى حمدان: يجب أن يتكلم الجميع عن زواج المتعة أو الموقّت في مجتمعنا لانه أصبح جِد شائع ويجب أن نبحث عن الشق السلبي منه لانه يتم إستغلال معظم البنات والنساء تحت مسمى زواج المتعة نتيجة الأزمة الأقتصادية في لبنان، ويترتب على هذا النوع من الزواج أمور شرعية كثيرة. وزواج المتعة يعمل على الغاء الزواج الدائم وللاسف أصبح بعض الرجال عندما يعرفون بإمراة مطلقة أو بوضعها المادي والمعنوي السيء، تبدأ المطاردة باعتقادهم ان الزواج بعقد المتعة لمدة قصيرة لقضاء حاجتهم.
وتضيف اللبنانية أمل موسى حمدان : زواج المتعة أو المؤقّت لمدة يوم أو يومين أو شهر أو أكثر هو أسلوب بشع وإستغلالي، وللأسف يتم في بعض الأحيان مع فتيات قاصرات بحيث يتم فض البكارة.
إستغلال بعض النساء تحت مسمى زواج المتعة
وتضيف أمل موسى حمدان: “النساء اللواتي تتزوجن زواج المتعة يتم استغلال بعضهن والتشهير بهن ويحل عليهن الظلم وهذا ليس عدلًا للمرأة ويجب أن يُعالج شرعًا، وعلينا توعية المجتمع، وهنا يجب ان نلفت الإنتباه ان بعض رجال الدين يشهّرون بالنساء عبر لوائح وأسماء بحوزتهم، وهذا الاسلوب هو حتمًا يدمر المجتمع والمرأة، بل هو نوع من الإستغلال المادي والدعارة المقنعة تحت إسم الدين.”
الهواجس كثيرة من زواج المتعة
وفي هذا الصدد، علقت مدربة حياة وأخصائية صحة عامة اللبنانية ليلى العلي : بعض الأشياء التي تعانيها المرأة من الناحية الإجتماعية في المجتمع اللبناني وخصوصًا اذا كانت مطلّقة او عانس ولم تتزوج، هو زواج المتعة أو الزواج المؤقّت، والذي يعتبر بعض الرجال بأنه يحق لهم أن يعرضوا هذا النوع من الزواج أو التفكير بتمتع بالمرأة وإستغلالها بعيدًا من مشاعرها وأحاسيسها، وما يترتب عليها في المستقبل نتيجة زواج المتعة أو المؤقّت الذي يسمح به البعض، ويتناسى الرجل بأن المرأة إنسان، وهذا الطلب حتمًا سيؤذي مشاعرها.
وتضيف ليلى العلي : “الهواجس كثيرة من زواج المتعة وخاصة إذا تم الحمل نتيجة الزواج المؤقّت وأنجبت المرأة، فمن يتحمل المسؤولية؟ وماهو مصير الطفل؟ اسئلة كثيرة وشائعة عند المرأة؟”
مشروع تسهيل إجراءات زواج المتعة في سوريا
وعلق الناشط السوري، “عصام أحمد” في تصريح قائلا: “جمعية شريعتي” الإيرانية، والتي تتخذ من مدينة “مشهد” في إيران مقرًا لها، ولها فروع في جمهورية العراق والتي بدأت ايضًا في العمل منذ سنوات في العاصمة السورية دمشق وعدد من المحافظات السورية، أطلقت مشروع تسهيل إجراءات زواج المتعة في سوريا.
لواء الباقر الايراني يعمل على فتح مكاتب لزواج المتعة في سوريا
وأضاف عصام أحمد قائلا: إن “لواء الباقر” الإيراني هو الذي يعمل على فتح مكاتب لزواج المتعة وخاصة في أحياء حلب الشرقية ويتم استغلال بعض النساء وخاصة في الظروف الإقتصادية الصعبة التي تعانيها العائلات السورية، في وقت يؤكد حلبيّون إنتشار هذا النوع من الزواج في المجتمع منذ دخول ميليشيات الحرس الثوري الإيراني إلى المدينة، وتعمل إيران على تفشي ظاهرة زواج المتعة في المناطق التي تقع تحت حمايتها، ولم يكن هذا النوع من الزواج منتشرًا في سوريا بشكل علني قبل التدخل الإيراني المباشر بالبلاد، حيث يرفضه السكان كون الشرط الأساسي في الزواج بالعقيدة الإسلامية هو الديمومة.
طرد إيران من هيئة الأمم المتحدة لحقوق المرأة
المشهد الأبرز في خطوة غير مسبوقة، وبالتزامن مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي اعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 صوتت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، على إزالة إيران من هيئة حقوق المرأة التابعة للأمم المتحدة بسبب التزامها بسياسات تتعارض مع حقوق النساء والفتيات على الأصعدة كافة، والتي تم تسليط الضوء عليها وسط الاحتجاجات المستمرة في إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني.
زواج المتعة باطل شرعًا
وشدّد المفتّش العام المساعد في دار الفتوى اللبنانية الشيخ الدكتور حسن مرعب قائلاً: الأصل في الزواج أنه مبني على الدوام ما بقي الزوجان، إلا في ظروف نادرة يكون الفراق فيها من باب اختيار أهون الشرَّين، لأن تفرق الزوجين فيه هدم للأسرة، ونكبة للأطفال، وتمزق لعرى اجتماعية يحرص الإسلام على دوامها، ولهذا حرم الإسلام زواج المتعة وعدَّه باطلاً لما يترتب عليه من مفاسد، والذين يُفتون بجوازه يستحيون مِن ذكره، فهو موجود عندهم في الكتب وللأسف أصبح متفشيًا في مجتمعاتهم وبيئتهم، والمتنورون منهم يلومون مَن يُفتي به، ولكن المستغرب والمستهجن أن المراجع الشيعية والكبار منهم قبل غيرهم يفتون به بل ويحثون ويحضون عليه وجعلوا مكاتب لتسهيله بجانب المراقد التي تزار عندهم!
تحريم زواج المتعه عند أهل السنة
ويضيف الشيخ الدكتور حسن مرعب : وأما الدليل على حرمته فهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي قَدْ كُنْتُ أَذِنْتُ لَكُمْ فِي الاسْتِمْتَاعِ مِنْ النِّسَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهُنَّ شَيْءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، وَلا تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا) رواه مسلم، وكان ذلك في حجة الوداع، وقد روى البخاري ومسلم عن الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء. والعجيب أنَّ الذين يدَّعون إباحته من الشيعة يحسبون أنفسهم على الإمام علي رضي الله عنه، لكنهم لا يعملون بما يرويه أهل السنة.
وأما لماذا سكت النبي صلى الله عليه وسلم عن زواج المتعة في بداية الأمر فلأنه كان من أنواع الزواج المعروفة في الجاهلية، والمستقرة في نفوسهم، فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء الأمر الربَّاني بتحريمه، كما يلاحظ في نص الحديث السابق: (إن الله قد حرم ذلك)، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يأتي بحكم من عنده، قال الله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى . إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى) النجم/3-4، وقد هدد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه الصحابي الذي أفتى بجوازه إذ لم يبلغه التحريم- هدَّدَه بالرجم إن فعله.
وكل عاقل لو فكَّر في المتعة لوجدها لرآها شبيهة باستئجار البغايا للفاحشة، إذ لا يترتب عليها بناء أسرة، ولا استقرار بين زوجين بل يزيد في تفكك الأسر وضياع الأنساب وكثرة اللقطاء وما جاء الإسلام الا بضد ذلك بل وبمواجهته ومنعه، فتأمل يا رعاك الله.