حرية – (19/12/2022)
في كل سوق ونفق وتقاطع وشارع وحي سكني في بغداد يزدحم عشرات المتسولين من أطفال ونساء وكبار بالسن في ظاهرة اتسعت خلال الآونة الأخيرة، وألقت بظلالها على العاصمة في ظل عجز الجهات المعنية عن إيجاد حل حتى الآن بحسب تقرير للصحيفة الرسمية.
وأضاف التقرير الذي (19 كانون الأول 2022) أن فيلم (المتسول) من بطولة الممثل عادل إمام اشتهر منذ عقود، إذ عكس واقعاً اجتماعياً عن هذه الظاهرة، التي أصبحت بغداد تعيش أحداثها في معظم تفاصيلها، من خلال انتشار أشخاص معاقين ومصابين بعاهات، أو أطفال بمقتبل العمر، أو أمهات يحْملن أطفالاً، أو طاعنين بالسن رجالاً ونساءً، يقومون بمزاحمة المواطنين في سبيل الحصول على بعض المال.
وتنفّذ وزارة الداخلية بين مدة وأخرى حملات أمنية لملاحقة واعتقال المتسوّلين المنتشرين في الشوارع، لكن لا تتوفر إحصاءات رسمية عن أعدادهم، في حين يشدد مراقبون في الشأن الاجتماعي على أهمية وجود تدخل حكومي ومعالجات حقيقية من قبل الجهات المختصة.
الخبير القانوني علي جابر التميمي، أوضح في منشور تابعته “الصباح” بخصوص تجنيد الأطفال لأغراض التسول وقانون مكافحة الاتجار بالبشر، أنَّ قانون العقوبات العراقي عاقب في المواد 390 و 391 و 392 منه بالحبس البسيط والغرامات على التسول أو الإيداع في دور الدولة في حالة التكرار، لكن بعد التمعُّن في نصِّ المواد أعلاه تجدها تجيز التسول لمن لا عمل له.
وأضاف أنَّ قانون الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة 2018 عاقب بالحبس إلى الإعدام، والغرامات من 5 إلى 10 ملايين دينار، على الاتجار بالبشر، مبيناً أنَّ تجنيد الصغار والاستجداء بهم يعدان تجارة بأدوات صغيرة غير قابلة لاتخاذ القرار، وبمثابة قتل لمستقبلهم، وهذه الفقرات لو طبِّقت لأنهت الكثير من مافيات التسول.
وتابع التميمي أنَّ قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983 يحتاج إلى تعديل بهذا الجانب لمعالجة مشكلة الطفولة التي تحتضر في العراق، مؤكداً في الوقت ذاته أنَّ تطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر يحتاج إلى جهد استخباري عالٍ وتعاون مجتمعي.
وتشير جهات أمنية إلى الحاجة إلى قانون يعالج هذه الظاهرة تحديداً، إذ إنّ إبقاء المتسولين في السجون من دون اتهام أو محاكمة أمر غير ممكن، وكذلك فإنّ السجون غير مهيّأة لاستيعاب عدد كبير منهم، وتبين أنَّ حملات الاحتجاز هي من ضمن الحلول والمحاولات التي تنفّذ من أجل تحجيم هذه الظاهرة المتفشية في المجتمع.
وأسهمت أسباب كثيرة في زيادة ظاهرة التسول بالعاصمة، منها الأزمات السياسية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على المواطنين، وتزايد نسب الفقر بين السكان الذين وصل تعدادهم إلى أكثر م ن 40 مليون نسمة، بحسب آخر تقارير البنك الدولي.