حرية – ( 22/12/2022)
أطلقت هيئة الألوان العالمية “بانتون” اسم “فيفا ماجينتا “Viva Magenta على لون عام 2023، واصفة إياه في بيانها بأنه درجة لونية غير تقليدية، حمراء هجينة قرمزية تنضح بالديناميكية، كحل وسط بين الأحمر والأزرق، تدمج بين الثراء والدفء وقوة المواد الطبيعية مع آفاق العالم الرقمي المفتوحة. ربطه بعضهم بلون هوية كأس العالم في قطر، بينما اعتبرته “نيويورك تايمز” مصنوعاً خصيصاً من أجل “ميتافيرس”.
تصفه المدير التنفيذي لمعهد بانتون ليتريس إيزمان، بأنه درجة لونية متجذرة في الطبيعة، تنحدر من عائلة الظلال الحمراء وتتجلى كتعبير بارز مفعم بالذكاء والحيوية والبهجة الخالصة، إضافة إلى أنه لون جريء لا حدود له، ولا يعرف الخوف ويشجع على خوض التجارب والتعبير عن الذات من دون قيود، ويحتفي بكل شخص يتمتع بنفس النشاط والروح المتمردة، ويكتب قصة جديدة.
الخنفساء القرمزية
بينما نتطلع في عصر التكنولوجيا إلى الاستلهام من الطبيعة وكل ما هو حقيقي، ونحاول الموازنة بين حياتنا الرقمية والمادية يحفز “فيفا ماجينتا” أرواحنا، ويساعدنا في بناء قوتنا الداخلية من خلال استحضار قوى الطبيعة، إذ يعبر هذا اللون عن انجذابنا نحو الألوان الطبيعية بالتزامن مع توسع حركات التغير المناخي والاستدامة وحماية الأرض، فقد أخذ بانتون في الاعتبار عملية التقدير والوعي المتزايدين اتجاه الطبيعة والرغبة في دمج مزيد من العناصر الحية في المنازل مثل النباتات والأزهار، إضافة للعودة إلى إيجاد المتعة من جديد في السفر والرياضة والاستجمام في الهواء الطلق، بعد إيقاف هذه الأنشطة موقتاً أثناء كورونا.
وتنحدر الأصول العضوية للون القرمزي من حشرة الخنفساء القرمزية المنتجة للصبغة القرمزية، وهي واحدة من أغلى وأقوى وأصفى الصباغ الطبيعية، التي تعطينا لوناً راسخاً في البدائية يعمل على إعادة اتصالنا بالمادة الطبيعية الأصلية.
سيكولوجيا اللون
تمثل درجات الأحمر بشكل عام ألوان القوة التي تحتفل بالحياة، والأحمر القرمزي بصفته لوناً واضحاً يوازن بين الجرأة والشعور بالمرح، وينتج مزيجاً ديناميكياً يشع بالتمرد، الأمر الذي يلهمنا على الظهور بثقة ووضوح.
وما يميز لون هذا العام عن العام الماضي، الذي كان يجمع أيضاً بين التقنية والطبيعة، هو القدرة على تلبية حاجتنا الجماعية للقوة، فلون 2023 يتحدث عن رغبتنا في مواجهة تحديات جديدة وتجربة أشياء غير تقليدية، كما يوفر لنا الثقة والتحفيز الذي نحتاج إليه للتغلب على الأحداث المعرقلة طويلة المدى، بعد مضي ثلاث سنوات على كل من تفشي الوباء ومواجهة الحروب والاقتصاد غير المستقر والاضطرابات الاجتماعية والتغير المناخي المتصاعد، كل ذلك يعزز بداخلنا رغبة التشافي والعيش بعافية مع إيجاد الدافع للاستمرار، فيأتي “فيفا ماجينتا” ليشملنا بكل من القوة والحماية ويرسلنا إلى العالم بالحيوية التي كنا نتوق إليها.
لحظة ثقافية
يمثل يوم إطلاق لون العام لحظة ثقافية مشبعة بالفضول والحماس، وهذا أوضحته لوري برسمان، نائب رئيس المعهد بانتون، قائلة “تطلعنا من خلال برنامج لون العام الثقافي، الذي أطلق لمجتمع التصميم وعشاق الألوان أول مرة عام 1999، إلى لفت الانتباه للعلاقة بين الثقافة واللون وأردنا أن نبرز للجمهور كيف يتم التعبير عما يحدث في ثقافتنا العالمية وانعكاسه من خلال لغة اللون، وتبدو عملية التفكير هذه بالنسبة إلينا صحيحة اليوم تماماً كما كانت في عام 1999، وهذا أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل عديداً من الأشخاص حول العالم يتطلعون إلى لحظة إعلان لون بانتون كل عام”.
وعند سؤالها عن الذي قرر لون بانتون للعام أجابت لوري بأن “فريقاً عالمياً من خبراء الألوان في معهد بانتون يمشط العالم بحثاً عن تأثيرات لونية جديدة للوصول إلى الاختيار كل عام، ويمكن أن يشمل ذلك صناعة وإنتاج الترفيه والأفلام ومجموعات الفن المتجول والفنانين الجدد والأزياء وجميع مجالات التصميم ووجهات السفر وأنماط الحياة الجديدة، إضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية، وقد تنبع التأثيرات أيضاً من التقنيات والمواد والأنسجة والتأثيرات الجديدة التي تؤثر في اللون ومنصات الوسائط الاجتماعية ذات الصلة وحتى الأحداث الرياضية المقبلة التي تجذب الانتباه في جميع أنحاء العالم”.
اتجاه نمط حياة
وينطلق اختيار لون العام من فكرة أنه يمكن أن يؤثر أي شيء وكل شيء يحدث في ثقافتنا خلال العام على اختيارات لون العام المقبل، إذ يحمل الحدث ذاته وزناً مختلفاً من سنة إلى أخرى تبعاً لحجم تأثيره، على سبيل المثال إذا نظرنا إلى الوراء ما قبل 15 عاماً، فسنرى كيف كانت تلعب التكنولوجيا دوراً متناهي الصغر، أما اليوم فلم تعد كذلك، إذ تؤثر وتتأثر الألعاب والوسائط الاجتماعية والواقع المعزز والتصميم المادي نفسه بالتقنيات والألوان التي يمكن الوصول إليها في البيئة الرقمية.
وأضافت برسمان “يتعلق الأمر بما يحدث في روح العصر على المستوى الكلي، إننا نختار لوناً نجده يتقاطع مع جميع مجالات التصميم بحيث يكون أكبر من منطقة واحدة أو قطاع تصميم واحد، ويعكس ما يبحث عنه الناس ويتردد صداه في جميع أنحاء العالم لعله يجد الإجابة عما يشعرون أنهم بحاجة إليه، ويمثل تعبيراً عن مزاج وموقف من جانب المستهلكين، وهذا هو الفرق بين موضة عابرة أو بدعة قصيرة العمر وبين اتجاه نمط حياة”.
متعدد الاستخدامات
يمنح هذا اللون طاقة عالية وهادئة في الوقت نفسه، وفي حال اختياره في الملابس سيبدو مشرقاً مع درجات الرمادي الفاتحة أو الأزرق أو ألوان الباستيل، ونظراً إلى التوازن العالي الذي يحققه بين الدفء والبرودة، فهو لن يبدو قوياً جداً أو مسيطراً على الجسم، بل بإمكانه استحضار قدر جيد من المرح والحيوية.
ويقدم فرصة للمصممين الداخليين الأكثر جرأة للاستفادة من القوة المطلقة والطاقة الغنية للون بإضافة أريكة مخملية أو جدار مطلي بالورنيش من لون العام، أو للراغبين في منزل أكثر حيادية يمكن إضافة جرعات صغيرة من اللون على شكل إضاءات متفرقة أو مجموعة زهور مجففة أو لوحة تجريدية، وفي حال الرغبة في استخدام ألوان أحادية يمكن استخدامه مع درجات القرنفلي الأخرى ليعكس سيطرة كاملة على المساحة المستخدم داخلها.
أما في مجال التصميم الجرافيكي، فيمكن أن تعبر العلامة التجارية التي تستخدم هذا اللون عن قدر عال من الجرأة والجاذبية والنظرة غير التقليدية إلى العالم لإيجاد حلول جديدة. وفي مجال التغليف يمكن للعلامات التجارية التي ترغب في الظهور بشكل ديناميكي وعاطفي استخدامه لإثارة رد فعل قوي من المستهلكين نظراً إلى قدرته العالية على جذب العين والهيمنة على الألوان المحيطة به، فهو من الألوان الأعلى طاقة على الإطلاق بين ألوان الطيف.
وفي صناعة التجميل، يرى بانتون أن لون العام يمكن تطبيقه على الشعر، بخاصة على الأطراف، سيمنح مظهراً جريئاً يمكن أن يحول الشعر بحد ذاته إلى إكسسوار لافت، كما أنه يضيء أيضاً بشكل رائع على الشفاه والخدود والأظافر.
هذه الدرجة من اللون متعددة الاستخدامات ومقبولة عالمياً بغض النظر عن الأعمار والأجناس ولون البشرة، وسواء كان المستهلكون يتصفحون هواتفهم أو يسيرون في ممرات الأسواق، فإن اختيار الشركات للون العام هذا سيضمن لهم التميز بشكل مؤكد.