حرية – ( 22/12/2022)
أجرى فريق طبي مصري أول عملية لزراعة الرئة لمريضة من متبرعين أحياء، بعد شهور عديدة من التحضير، لتدخل البلاد مرحلة جديدة في مجال زراعات الأعضاء، نظراً لعدم إجراء هذا النوع من الجراحات في مصر من قبل، وفق وسائل إعلام مصرية، 20 ديسمبر/كانون الأول 2022.
الدكتور طارق محسن، رئيس وحدة جراحة الصدر فى طب القصر العينى، أوضح أنها أول عملية زراعة للرئة في مصر، وكان المتبرع فيها شقيق الحالة، لافتاً إلى أن هذا النوع من العمليات يستغرق 10 ساعات فأكثر، ولا يتم إقرار نجاح العملية إلا بعد مرور عدة أيام، ولا يخرج المريض من المستشفى قبل مرور عدة أسابيع.
وتساهم مجالات الأعضاء فى إنقاذ حياة آلاف المرضى المصريين الذين يعانون من أزمات حادة فى الجهاز التنفسي، وباتت هذه الجراحات والزراعة ملاذهم الوحيد.
رئيس وحدة جراحة الصدر أشار إلى أن التحضير لعملية زراعة الرئة استغرق عدة أشهر، بخلاف التدريب الذي استغرق سنوات عديدة، لاسيما أن التحضير يُعد أساس نجاح عملية زراعة الرئة.
الأولى في الشرق الأوسط
وتُعد هذه العملية هي الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، وليس في مصر فقط، لأن كل العمليات الجراحية التي تمت من قبل في منطقة الشرق الأوسط، كانت من متوفين حديثي الوفاة، وليس من متبرعين أحياء، وهو ما يجعل لهذه الجراحة درجة كبيرة من صعوبة، وفقاً للدكتور محمد حسين، مدير وحدة زراعة الرئة بجامعة عين شمس، مشيراً إلى أن الفريق الطبي المصري الذي يتكون أعضاؤه من 13 تخصصاً طبياً مختلفاً، استطاع إجراء العملية بنجاح.
في السياق ذاته، أوضح الدكتور محمد حسين، أحد أعضاء فريق الجامعة، أن عملية الاستعداد لأول عملية زراعة رئة في مصر بدأت منذ 4 سنوات أعقبها السفر لليابان، وعاد الفريق المتدرب مطلع يناير/كانون الثاني 2020، قبيل بدء جائحة كورونا، مؤكداً أن مصر تُعتبر أول دولة عربية وإفريقية تقوم بعملية زرع أعضاء من متبرعين أحياء بعد اليابان، حيث جرت العادة أن تتم من متوفين حديثاً، بحسب وسائل إعلام مصرية.
تفاصيل الحالة المرضية
حسين أضاف: إن “عيادة تحضيرية لمرضى الرئة في مصر تم فتحها والإعلان عنها منذ عدة أشهر؛ لتلقي الحالات المرضية والمتبرعين، وجاء إليها عدد كبير من المرضى، لكن كانت هناك صعوبة كبيرة في إيجاد تطابق بين المرضى والمتبرعين على مستوى الأنسجة وتحاليل الدم وإجراءات أخرى طبية، وهي الإجراءات الطبية التي تجعل من عمليات نقل وزراعة الرئة من الأحياء أصعب وأخطر كثيراً من العمليات التي يتم فيها نقل الرئة من متوفين حديثي الوفاة”.
خلال تلك الفترة حضرت المريضة التي أُجريت لها الجراحة، وتدعى سحر وعمرها 28 عاماً، وتعاني من فشل تنفسي نتيجة تليف كبير، وارتفاع في ضغط الشريان الرئوي، وفشل في عضلة القلب.
كان المتبرعان للمريضة شقيقيها، ويشير حسين إلى أن “الشقيقين المتبرعَين كان لديهما حماس كبير تجاه إجراء العملية لشقيقتهما، وبدأنا الإجراءات التحضيرية وتحاليل التوافق، وكانت نتيجتها إيجابية على مستوى توافق الأنسجة وفصيلة الدم، وتقرر أن تُجرى الجراحة، الأربعاء، الماضي بعد إطلاع المريضة وأسرتها على كل التفاصيل والمعلومات”.
12 ساعة في غرف العمليات
ووفقاً لحسين، فإن الجراحة استغرقت 10 ساعات كاملة داخل غرف العمليات، بالإضافة لساعتين للتخدير قبل البداية، ووصف حسين المشهد أثناء الجراحة بأن “الفريق الطبي تم توزيعه على 3 غرف عمليات، كانت الأولى يوجد بها الشقيق الأول الذي سيتبرع بجزء من الرئة اليمنى، والثانية توجد بها المريضة، والثالثة يوجد بها الشقيق المتبرع بجزء من الرئة اليسرى، واستمر الفريق الطبي في إجراء الجراحة لمدة 10 ساعات متواصلة، حتى انتهينا من زراعة الفصين بجسد المريضة”.
داخل غرف العمليات الثلاث كان هناك 9 جراحين، بواقع 3 جراحين في كل غرفة، بالإضافة إلى 6 من استشاريي التخدير وأطقم التمريض وباقي الفريق الطبي الذي أجرى الجراحة. ويقول حسين إنه شارك من قبل في قرابة 300 جراحة نقل رئة في كل من فرنسا والسعودية، حيث كان يعمل هناك، لكنه يرى أن الجراحة التي أجريت في مصر من أكثر تلك العمليات صعوبة، نظراً لحالة المريضة، وكون النقل يتم من متبرعين أحياء وليس من موتى، وأيضاً لكونها الحالة الأولى من نوعها في مصر.
وعن حالة المريضة والمتبرعَين يقول إن “المتبرعَين حالتهما جيدة وسيغادران المستشفى، الخميس، والمريضة أيضاً حالتها مستقرة، وتتحسن يوماً بعد يوم ووظائفها الحيوية جيدة ونسبة الأكسجين في دمها جيدة، وهي لا تزال على جهاز التنفس الصناعي”.
تحتاج مصر سنوياً إلى إجراء ما بين 300 إلى 400 عملية زراعة رئة، وفقاً للنسب العالمية التي تقدّر احتياجات عدد العمليات لكل مليون مواطن، ونظراً لعدم إمكانية إجراء عمليات الزراعة في مصر، فإن المضاعفات تؤدي إلى وفاة أغلب المرضى، وهو ما يدفع مصر إلى الاتجاه بقوة نحو التوسع في إجراء جراحات زراعة الرئة تلبية لاحتياجات المرضى.
وأعلنت مصر نهاية سبتمبر/أيلول الماضي عن إنشاء مركز إقليمي لزراعة الأعضاء في مصر، على أن يكون الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط وإفريقيا في مستشفى معهد ناصر، الذي يجري تطويره ليكون مدينة طبية متكاملة وبالتعاون مع الشركات العالمية المتخصصة لإنشاء منظومة متكاملة تشمل قاعدة بيانات لعمليات زراعة الأعضاء والمرضى والمتبرعين.