حرية – (28/12/2022)
الداء البطني، المُسمّى أيضاً مرض الاضطرابات الهضمية أو اعتلال الأمعاء التحسُّسي، هو حالة يهاجم فيها جهازك المناعي أنسجتك عند تناول الغلوتين، الذي يُحفِّز استجابة مناعية في الأمعاء الدقيقة؛ حيثُ تُتلِف هذه الاستجابة بطانة الأمعاء الدقيقة بمرور الوقت وتمنعها من امتصاص بعض العناصر المغذية.
ما هو الداء البطني، وما الذي يسببه؟
ينتج الداء البطني عن تفاعل عكسي للجلوتين، وهو بروتين غذائي يوجد في 3 أنواع من الحبوب هي: (القمح، الشعير، الذرة)، والتي تتنوع أطعمتها من مكرونة وكيك وحبوب الإفطار، إلى مُعظم أنواع الخبز وبعض الوجبات الجاهزة والصلصات.
ويمكن أنّ يسبب الداء البطني مجموعة من الأعراض بما فيها الإسهال، والانتفاخ، وآلام البطن، وفقدان الوزن، وفقر الدم، كما يُمكن أن يُؤدِّي أيضاً إلى مضاعفات خطيرة، وفقاً لما ذكره مركز خدمة الصحة الوطنية البريطاني National Health Service.
وتُعرِّفُ مؤسسة الداء البطني (Celiac Disease Foundation) هذا الاعتلال بأنه مرضٌ وراثيٌ ذو علاقةٍ بالجينات يصيب واحداً من بين كل 100 شخص حول العالم، ويحصل 30% منهم فقط على تشخيص ملائم.
وقد ربط كثير من الدراسات الداء البطني بمجموعة من اعتلالات المناعة الذاتية الأخرى، ربما بسبب العوامل الجينية المشتركة أو لأن الداء البطني قد يؤدي إلى مثل هذه الأمراض.
فيما وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تُشخص إصابتهم بالداء البطني في مرحلة لاحقة في حياتهم يكونون أكثر عرضة للإصابة باعتلالات المناعة الذاتية الأخرى.
أسباب الداء البطني
وفقاً لما ذكره مركز عيادات Mayo Clinic الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية، فإنه من الممكن أن تساهم جيناتك إذا اقترنت بتناولك الأطعمة المحتوية على الغلوتين وعوامل أخرى في إصابتك بالداء البطني، لكن السبب الدقيق غير معروف.
وأضاف المركز أنه قد تساهم ممارسات إرضاع الأطفال وعدوى الجهاز الهضمي وبكتيريا الأمعاء أيضاً في إصابتك به، وفي بعض الأحيان، ينشط الداء البطني بعد إجراء جراحة أو الحمل أو الولادة أو الإصابة بعدوى فيروسية أو الضغط النفسي الشديد.
عندما يرد الجهاز المناعي في الجسم بشدة بالغة على الغلوتين الموجود بالطعام، فإن رد الفعل يتلف الزيادات الشعرية الصغيرة (الزُّغابات المِعَوِيَّة) التي تبطن الأمعاء الدقيقة. تمتص الزُّغابات الفيتامينات والمعادن وغيرها العناصر المغذية الأخرى من الطعام الذي تأكله. في حالة تلف الزُّغابات، لن يمكنك الحصول على ما يكفيك من العناصر المغذية، بغض النظر عن مقدار ما تتناوله.
مَن الأشخاص المعرضون للإصابة بالداء البطني؟
يميل مرض الداء البطني إلى أن يكون أكثر شيوعاً عند الأشخاص الذين لديهم ما يلي:
1- أحد أفراد الأسرة مصاب بمرض الداء البطني.
2- داء السكري من النوع الأول.
3- متلازمة داون أو متلازمة تيرنر.
4- مرض الغدة الدرقية.
5- التهاب القولون.
6- مرض أديسون.
أعراض الداء البطني
يمكن أن يؤدي تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين إلى ظهور مجموعة من أعراض القناة الهضمية، مثل:
- الإسهال الذي قد تكون رائحته كريهة بشكل خاص.
- آلام في المعدة.
- انتفاخ البطن.
- عسر الهضم.
- إمساك.
يمكن يتسبب مرض الاضطرابات الهضمية أيضاً في ظهور أعراض عامة، بما في ذلك:
- التعب نتيجة عدم الحصول على ما يكفي من العناصر الغذائية من الطعام (سوء التغذية).
- فقدان الوزن غير المقصود.
- طفح جلدي مثير للحكة.
- مشاكل الحمل (العقم).
- تلف الأعصاب.
- الاضطرابات التي تؤثر على التنسيق والتوازن والكلام.
- قد لا ينمو الأطفال المصابون بالداء البطني بالمعدل المتوقع وقد يكونون قد تأخروا في سن البلوغ.
علاج الداء البطني
لا يوجد علاج لمرض الداء البطني، ولكن اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين يمكن أن يساعد في السيطرة على الأعراض والوقاية من المضاعفات طويلة المدى للحالة.
حتى إذا كانت لديك أعراض خفيفة، يوصي مركز Cleveland Clinic الطبي، بتغيير نظامك الغذائي لأن الاستمرار في تناول الغلوتين يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة. قد يكون هذا هو الحال أيضاً إذا أظهرت الاختبارات أن لديك درجة معينة من مرض الداء البطني حتى لو لم تكن لديك أعراض ملحوظة.
من المهم التأكد من أن نظامك الغذائي الخالي من الغلوتين صحي ومتوازن، وأتاحت الزيادة في مجموعة الأطعمة الخالية من الغلوتين المتوفرة.
كما قد يشمل العلاج أيضاً:
- المكملات الغذائية لتعويض أي نقص خطير.
- أدوية معينة لعلاج التهاب الجلد الحلئي الشكل؛ مثل الدابسون.
- الستيرويدات القشرية للالتهابات الشديدة التي لا تستجيب بالسرعة الكافية للنظام الغذائي.
- رعاية متابعة مستمرة، بما في ذلك الفحوصات المنتظمة للتأكد من السيطرة على المرض.
كم من الوقت أحتاج للشعور بالتحسن؟
يجد معظم الناس أن أعراضهم تبدأ في التحسن فوراً تقريباً بعد بدء نظام غذائي خالٍ من الغلوتين.
قد يستغرق الأمر عدة أسابيع لتعويض نقص التغذية لديك وعدة أشهر حتى تلتئم أمعاؤك تماماً.
قد يستغرق الأمر وقتاً أطول في بعض الحالات، اعتماداً على مدى الضرر والمدة التي حدث فيها، يمكنك أيضاً منع جسمك من الشفاء إذا لم تكن صارماً في نظامك الغذائي.
ماذا لو استمررت في تناول الغلوتين رغم إصابتي بالداء البطني؟
إذا مرت سنوات عديدة قبل أن يتم تشخيصك أو لم تنجح في تجنب الغلوتين بعد ذلك، يمكن أن تكون آثار مرض الداء البطني أكثر حدة وطويلة الأمد.
كما يمكن أن يؤثر سوء التغذية على الجهاز العصبي والهيكل العظمي، ويصعب عكس بعض هذه التأثيرات، خاصة عندما تحدث أثناء نمو الطفولة، كما يمكن أن يؤدي الالتهاب المزمن أيضاً إلى مشاكل أخرى في الأمعاء.
كما أنّ الداء البطني الذي لا يُعالَج يمكن أن يؤدي إلى:
سوء التغذية: يحدث ذلك إذا كانت الأمعاء الدقيقة لديك غير قادرة على امتصاص العناصر المغذية بشكل كافٍ.
فقر الدم: يمكن أن يؤدي سوء التغذية إلى الإصابة بالأنيميا وفقدان الوزن.
بطء النمو: عند الأطفال، يمكن أن يسبب سوء التغذية بطء النمو وقصر القامة.
وهن العظام: سوء امتصاص الكالسيوم وفيتامين D يمكن أن يؤدي إلى ضعف العظام (لين العظام أو الكساح) عند الأطفال، وفقدان كثافة العظام (هشاشة العظام أو ترقق العظام) عند الكبار.
ضعف الخصوبة والإجهاض التلقائي (إسقاط الحمل): سوء امتصاص الكالسيوم وفيتامين D يمكن أن يسهم في حدوث مشكلات الإنجاب.
عدم تحمل اللاكتوز: قد يؤدي تلف الأمعاء الدقيقة إلى الإحساس بألم غير عادي وإسهال بعد تناول أو شرب مشتقات الحليب التي تحتوي على اللاكتوز.
مرض السرطان: الأشخاص المصابون بمرض الداء البطني ممن لا يحتفظون بوجبات خالية من الغلوتين يعانون من خطر أكبر يتمثل في تطور أشكال عديدة من السرطان، بما في ذلك اللِّمفومة المعوية وسرطان الأمعاء الدقيقة.
مشكلات الجهاز العصبي: بعض الأشخاص المصابين بالداء البطني يمكن أن تتطور لديهم المشكلات مثل النوبات أو مرض الأعصاب الخاصة بالأيدي والأقدام (الاعتلال العصبي الطرفي).
نصائح سريعة للتعايش مع الداء البطني:
1- استشر بعض أدلة الوصفات وتوصل إلى بعض الوصفات التي تعتقد أنه يمكنك تناولها كثيراً والتخلص منها بسهولة، واعتد على الاحتفاظ بهذه المكونات مخزنة حتى يكون لديك دائماً شيء يمكنك تناوله دون التفكير في ذلك.
2- احتفظ ببعض الوجبات الخفيفة الخالية من الغلوتين في متناول اليد في سيارتك أو حقيبتك أو مكتبك في حالة عدم العثور على أي شيء آخر لتناوله عندما تكون بعيداً عن المنزل.
3- ابحث عن عدد قليل من المطاعم المفضلة التي تحتوي على قوائم موثوقة خالية من الغلوتين أو حيث يمكنك طلب وجبات معينة بأمان.
4- احمل شرائط اختبار الغلوتين التي يمكنها اختبار محتوى الغلوتين في الأطعمة الجديدة عندما لا تكون متأكداً مما تحتوي عليها.
حِمية الغلوتين هامة وفحص الداء البطني أكثر أهمية!
اختصاصية التغذية الأمريكية كاتارينا مولو، هي واحدة من الأشخاص الذين شخصوا بمرض الداء البطني عندما كانت لا تزال في الـ4 من عمرها فقط، وهو ما دفعها للالتزام بحمية غذائية خالية من الغلوتين على مدى 41 عاماً، وفقاً لما ذكره موقع WebMD الأمريكي.
وتقول كاتارينا إن هذه الحمية حافظت على صحتها، وربما تكون سبب عدم إصابتها بأيٍّ من أمراض المناعة الذاتية الأخرى، وقد أسهمت تلك الحمية كذلك بدورٍ في تفكيرها بأنه من الواجب فحص المرضى الذين يعانون من نفس الداء.
وتضيف كاتارينا، التي تحمل ابنتها نفس المرض: “أعتقد أن الأطباء يجب عليهم قطعاً فحص الأشخاص الذين يعانون من الداء البطني بحثاً عن اعتلالات المناعة الذاتية، ولا سيما إذا كانوا يرون أشياء على شاكلة الأنيميا، أو إذا كان طفلٌ ما متأخراً على صعيد الرسم البياني للنمو، أو إذا كان يعاني من نقص في مواد غذائية”.
اختصاصي الجهاز الهضمي، الدكتور أليسيو فاسانو، الذي يعمل في مستشفى ماساتشوستس العام، يقول إنّ الداء البطني قد يكون سبباً في اعتلالات المناعة الذاتية الأخرى؛ لذلك من الواجب أن يقوم كل إنسان بالخضوع إلى فحص لمعرفة ما إذا كان يعاني من الداء البطني أم لا.
بيت القصيد هو أنك إذا كنت تعاني من الداء البطني، فيجب أن تقوم خلال فحوصاتك السنوية بالتحرى عن إمكانية ظهور مرض مناعة ذاتية آخر، والأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتية الأخرى، مثل السكري من النوع الأول، يجب أيضاً أن يخضعوا لفحص الداء البطني.
وتوصي كل من جمعية السكري الأمريكية (ADA) والجمعية الدولية لمرض السكري لدى الأطفال والمراهقين (ISPAD)، الأشخاص المصابين بالسكري بأن يخضعوا لفحوص الداء البطني بعد سنوات من تشخيص إصابتهم، وذلك حسبما يقول الدكتور روبرت رابابورت، اختصاصي الغدد الصماء لدى الأطفال في مستشفى كرافيس للأطفال بنيويورك.
يؤكد فريق طبي على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.