حرية – (29/12/2022)
نشر الصحفي زياد العجيلي في صفحته الشخصية الفيسبوك تقريراً حول سرقة القرن مشيراً الى ان هناك من ما زال طليقاً من المتهمين بسرقة القرن.
“قنبر”.. أخطر رجال شبكة سرقة القرن مازال طليقاً
هذا جزء من نتائج تدقيق استمر أكثر من شهرين حاولتُ أن أصل فيه إلى المخطط الرئيس والممهد لهذه السرقة، وقد قاطعتُ المعلومات مع قائمة من رجال المؤسسات المهنيين، وتحققتُ من أن مستوى دقة المعلومات ارتقى إلى ما يجعلني مطمئناً لمشاركتها معكم.
سأنشر تباعاً كل ما توصلتُ إليه، ليس فقط فيما يتصل بسرقة القرن هذه، بل بجميع “سرقات القرن” التي امتلكت معلومات عنها، لكنّي أحتاج فقط إلى بعض الوقت للتحقق من بقية المعلومات، ولكن كلما نضج رغيف سأناوله لأصدقائي .
حصلت على صور حصرية لنقل أموال سرقة القرن، وراجعتُ تقريباً كل أوامر التعيين وسحب اليد منذ مطلع العام 2021.
خلال شهرين من البحث والتتبع والتحقيق، كلما رفعتُ ورقة، أو قرأتُ سطراً من المعلومات الخاصة، كنت أجد دائماً “قنبر”، لقد تردد هذا الاسم في إفادات المصادر، أكثر من أي شيء آخر.
مجموعة “الناسك”
بالصدفة أو غيرها، يجمع “مصرف الناسك الإسلامي” عدداً من الذين ارتبطت أسماؤهم بـ”سرقة القرن”.
علي علاوي رئيس مجلس إدارة الناسك، عبدالحسن جمال، مساهم في الناسك. وحسين قنبر آغا، مدير في الناسك.
“قنبر” والتصفية الجماعية لمسؤولي الرافدين
تظهر الصور الحصرية المرفقة أدناه، مدنيين ينقلون جزءاً من الأموال بسيارات مدنية، من خزنة مصرف الرافدين، إلى جهة مجهولة. تعود الصور إلى 20 نيسان 2022، وهو تاريخ التنفيذ الفعلي للسرقة، تقول إحدى الوثائق أن السيارات تعود لشركة “كورك”!.
لكن الوصول إلى لحظة نقل الأموال تلك، لم يكن ليتم، لولا عمل دؤوب استمرّ عاماً.
حسين قنبر آغا (مدير في الناسك، ولا توجد أي معلومة عنه بمحركات البحث) قدّم نفسه كمستشار لوزير المالية علي علاوي، وتدريجياً أصبح ضيفاً شبه يومي في مصرف الرافدين، يعقد الاجتماعات ويصدر التوبيخات، وقد اشتُهِرَت “عركة” تسبب بها مع الكادر القديم لمصرف الرافدين في الطابق 11، حين رفضوا تمرير بعض مقترحاته، وطالبوه بوثيقة رسمية تثبت تخويله بالتدخل في عمل المصرف.
طلب مدير الرقابة الداخلية السابق في مصرف الرافدين من قنبر إثبات أنه مستشار رسمي لوزير المالية، وبعد أيام، تم نقل مدير الرقابة خارج مصرف الرافدين، ثم تم نقل المدير العام السابق ومعاونه، وجاء قنبر بعد ذلك بمدير عام جديد للمصرف هو أحد مساهمي الناسك، عبد الحسن جمال عبدالله، الذي يعرفه قنبر وعمل معه سابقاً في مصرف الناسك برفقة علي علاوي.
عيّن قنبر، عبدالحسن جمال، كأول مدير في تاريخ مصرف الرافدين، لا ينتمي إلى المصرف، وبلا خلفية مصرفية، وقد تم تعيين مدير رقابة داخلية جديد أيضاً بخلفية متواضعة، ليديرا شؤون المصرف بموظفيه الذين يتجاوز عددهم 8000.
مابين 9 آذار/مارس و25 نيسان/ أبريل 2021، تخلّص قنبر من جميع الموظفين الكبار الذين عرقلوا مساعي السرقة، فبضربة واحدة، تمت الإطاحة بمدير مصرف الرافدين، ومعاونه، ومدير قسم الرقابة الداخلية، وضمنت المجموعة أن الأجواء باتت ملائمة لفعل ما يحلو لها.
أول محاولة تفشل أمام المديرة العنيدة
بعد تهيئة الأجواء، عبر التخلص من الموظفين المهنيين، واستبدالهم بموالين، عملت “عصابة القرن” على تجريب حظها، حيث حاولت صرف صكوك بقيمة 170 مليار دينار عراقي من فرع تابع لمصرف الرافدين داخل هيئة الضرائب، لكن مديرة الفرع رفضت ذلك، وأبلغت مدير الرقابة الجديد بهذه العملية “المريبة”.
تحدثتُ إلى عدد من كبار المسؤولين المصرفيين، وأجمعوا على أن ما فعلته مديرة الفرع هو الإجراء الذي يفعله أي مدير مهني يعرف عمله ومسؤولياته، وبعبارة أخرى، فإن العراق كان يُمكن أن ينجو ببساطة من “سرقة القرن” لولا الإطاحة بالمسؤولين الثلاثة في مصرف الرافدين، المدير العام ومعاونه ومدير الرقابة.
بعد صمود المديرة، تراجعت “العصابة” وهنا عادت الإدارة الجديدة، مدير عام الرافدين ومدير الرقابه فيه، لأخذ رأي حسين قنبر آغا، الذي نصح بأن تكون عمليات السحب من فروع أخرى، فهو لم يعد قادراً على الإطاحة بالمزيد من المسؤولين.
ظهور الحوت الأحدب عبدالمهدي توفيق
هنا، سيظهر اسم الحوت الأحدب “عبدالمهدي توفيق” وهو مدير سابق لمصرف الرافدين فرع الوزيرية، وعمل أيضاً في فرع المخابرات وهناك تعرّف على الأرجح على مدير عمليات جهاز المخابرات الهارب ضياء الموسوي.
استغل عبدالمهدي توفيق علاقته بموظفي فرع الوزيرية، وسحب مليارات بأريحية تامة.
مدير مصرف الرافدين الذي تمت الإطاحة به “حسين محيسن” انتقل لإدارة الشركة العراقية للخدمات المصرفية، ومن هناك، علِم أن أموالاً يجري نقلها من خزنة مصرف الرافدين بطرق مريبة.
أرسل “محيسن” كتابين لتنبيه مدير الرافدين الجديد (عبدالحسن جمال) إلى حركة الأموال المريبة بالسيارات المدنية، وطالبه بأن يلتزم بعقد الرافدين مع الشركة العراقية للخدمات المصرفية، الذي يفرض على الرافدين أن يُجري عمليات نقل الأموال حصراً عبر سيارات الشركة المصفحة والمؤمنة.
تجاهل مدير الرافدين الجديد (عبدالحسن جمال) الكتب التي أرسلها حسين محيسن، مدير شركة الخدمات المصرفية، والمدير السابق لمصرف الرافدين، الذي أطاح به فريق سرقة القرن.
استخدام سيارات مدنية لتضييع الهدف
رفضت العصابة نقل أموال الضرائب عبر سيارات شركة الخدمات المصرفية، رغم أنها مصفحة ومؤمنة، لكنها أيضاً مزوّدة بأجهزة تعقب “جي بي أس” ويُمكن أن تقدم خرائط بنقاط انطلاق ووصول الأموال.
السيارات المدنية التي تحمل أموال سرقة القرن، انتشرت في عدة اتجاهات داخل بغداد، لتنهي أي محاولة للتعقب أو التعرف على نقاط التسليم وخزن الأموال.
الأخطر في الموضوع أن الأمر عندما وصل إلى لجنة تقصي الحقائق البرلمانية استفسرت اللجنة من وزير المالية السابق علاوي عن صفة قنبر وإن كان بالفعل يعمل بصفة مستشار لديه لتزويد اللجنة بالكتب الرسمية التي تثبت ذلك، فأجاب علاوي “أنه يعمل بعقد مع وكالة التنمية الأميركية (USAID) وأنه تم التعاقد معه بهذه الطريقة لأن راتبه كبير ولا تستطيع الوزارة دفعه؟!” وكان رأي اللجنة ردا على ذلك “لا يوجد سند قانوني لمثل هكذا تعاقد”.