حرية – 2/1/2023 – تحرير ومتابعة – أحمد الحمداني
أكد علي رضا عنايتي، مساعد وزير الخارجية الإيراني أن طهران وقعت اتفاقيات أمنية مع بعض دول الجوار ومنها السعودية، مؤكدا إحراز تقدم في جولات الحوار السابقة مع الرياض.
وقال عنايتي الذي يشغل أيضا منصب المدير العام لشؤون الخليج بالخارجية الإيرانية، في مقابلة أجرتها معه قناة “الجزيرة”، إن طهران لمست نبرة تعاونية في مؤتمر بغداد 2 من أجل الاتفاق على دعم العراق، وذكر أن طهران وقعت اتفاقيات أمنية مع بعض دول الجوار ومنها السعودية.
وأشار عنايتي معلقا على لقاء وزيري خارجية إيران والسعودية على هامش مؤتمر بغداد 2، إلى أنه كان “لقاء وديا”، وأضاف: “الحوار مع السعودية في مراحله الأولى ونريد علاقات طيبة مع دول الجوار”.
وأكد أنه تم إحراز تقدم في جولات الحوار السابقة مع السعودية وأضاف: “الأبواب مفتوحة لإحياء العلاقات، ونشد على الأيادي السعودية الممدودة للحوار معنا”.
كما أكد المسؤول الإيراني ترحيب بلاده بالجهود المستمرة لدول الجوار في مساعي إحياء الاتفاق النووي، مشددا في الوقت ذاته على أن تهديدات إسرائيل لا تقلق طهران وهي مستعدة للرد على أي اعتداء.
بداية الحوار
خلال ولايته استثمر مصطفى الكاظمي منصبه لإدارة حوار صعب، كان مستعصيًا لسنوات، بين السعودية وإيران، إلى جانب حوارات أخرى جمعت إيران بالأردن ومصر والإمارات، علما أن الحوار بين الرياض وطهران هو الأكثر تأثيرا، والذي على أساسه تتقدم بقية المسارات أو تتراجع.
صنع هذا المشروع للكاظمي حلفاء داخل الإدارة الإيرانية كما داخل السعودية، يكشف دبلوماسي إيراني رفيع لـوكالة ”جاده إيران” وتابعته “حرية”أن طهران وبخلاف حلفائها العراقيين، لا تنظر إلى الكاظمي على أنه خصم، بل صديق أسهم في تعبيد الطريق نحو علاقات إيرانية أفضل مع الإقليم.
يضيف الدبلوماسي: “لكن عندما يكون التحدي بمستوى استمرار الفراغ، الحل يتطلب تضحيات”، ولذلك لم تكن طهران بعيدة عن الترتيبات التي أخرجت الكاظمي من رئاسة الحكومة.
ليس هذا للقول إن محمد شياع السوداني ليس خياراً جرى الاتفاق عليه بين طهران وحلفائها، هو كذلك وأكثر، لكن تجربة الحوار مع السعودية والانعكاسات التي حملتها تلقي بظلالها على تقييم اللحظة، ولا سيما تقييم حجم تأثير خروج الكاظمي على الحوار كمسار مستمر، والوساطة كعامل فردي متحول بين شخصية إقليمية فاعلة وأخرى.
خمس جولات على مدى عام كامل في بغداد سمحت بالكثير من التفاهمات الأمنية وأحيانا ما هو أكثر من ذلك، ولو أن الظروف السياسية في العراق لم تكن قد تدهورت بمستوى كبير لربما كان اللقاء بين وزيري الخارجية الإيراني والسعودية قد تم أمام عدسات الكاميرات.
العقدة الرئيسية ظلت نقل الحوار بشكل كامل من جانبه الأمني إلى الجانب السياسي وإعادة العلاقات الدبلوماسية، وهذا ما لم يكن من وجهة نظر السعودية قد نضج بشكل كامل.
يقول مصدر سياسي عراقي لـ”جاده إيران” وتابعته “حرية”إن مسألة الحوار مع السعودية، لا سيما مع الأهمية التي توليها طهران له، كان أحد أسباب تمسك تيار وازن داخل النظام في طهران ببقاء الكاظمي، لا سيما أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني. وهذا الذي دفع، بحسب المصدر، رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم لترتيب زيارة إلى السعودية في آب/ أغسطس الماضي للتأكيد على أنه يستطيع ضمان استمرار الحوار بدون الكاظمي.
رئيس الحكومة العراقية شياع السوداني أكد أن بلاده تلقت مؤشرات على الاهتمام بمواصلتها تسهيل الحوار الإيراني- السعودي، إلا أن مصدراً دبلوماسيا عربيا كشف لـ”جاده إيران” وتابعته”حرية” أن “الرياض أرسلت عبر قناة معتمدة رغبتها في تعليق الحوار مع طهران”، وحذت حذوها الأردن ومصر اللتان كانتا قد قطعتا شوطا كبيرا في التواصل مع الجمهورية الإسلامية.
وأشار المصدر إلى أن أسبابا عديدة تقف خلف الرغبة بالتعليق، أولها “تراجع مساحة التوافق والخشية من تحول اللقاءات إلى مساحة سلبية للتواصل بين البلدين، وهو ما قد يكون فيه أثار سيئة في ظل الاتهامات المتبادلة في أعقاب الأحداث الأخيرة المستمرة في إيران في أعقاب وفاة مهسا أميني المثيرة للجدل”. المسألة الثانية، “مرتبطة بالأولى وهي التوتر الداخلي الإيراني والذي لا يشجع الطرف الأخر على المضي في سياسة الانفتاح، خاصة مع الاتهامات الإيرانية للسعودية بتأجيج الاحتجاجات والوقوف خلف مدبري العنف على مقام شاهشراغ الذي أسقط ١٥ ضحية”. حتى لحظة كتابة هذه السطور، لا يمكن حسم الحقائق التي تظهر بين الفينة والفينة، حول الحوار بين بلدين، لكن المحسوم إلى اللحظة أن الحوار وصل إلى حائط مسدود، بسبب الأزمة أو بدونها، لكنه مع ذلك يبقى أولوية ثبت للجميع أنها أكثر فائدة من تمدد الصراع، ولذلك يرجّح المتابعون عن كثب أنها ستعود إلى الواجهة تدريجيا.