حرية – 4/1/2023
سمير النصيري
اختتم عام 2020 والعراق يعاني من ظروف سياسية واقتصادية معقدة بسبب التحديات الكثيرة التي يواجهها والتي تقف حائلاً ومعرقلاً في تنفيذ خطط الحكومة والقطاع الخاص في الإصلاح الاقتصادي والمالي. ويضاف إلى ذلك تأثيرات المتغيرات الاقتصادية الدولية وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي ومؤشرات الصراع الاقتصادي بين أميركا والصين والحرب الروسية الاوكرانية وعدم الاستقرار في أسعار النفط العالمية صعودا وهبوطا وانعكاسات متحورات وموجات جائحة كورونا.
إن جميع هذه التداعيات الذاتية والموضوعية لم تمنع البنك المركزي خلال 2021 و2022 من أن ينفذ خطته الإصلاحية الطموحة في تجاوز تحديات الاستقرار في النظام المالي والنظام النقدي وتحفيز الاقتصاد بهدف تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وقد بدأ البنك المركزي بإجراءاته ومبادراته الإصلاحية كما يلي:
أولاً ‐ اطلاق استراتيجيته الثانية للسنوات (2021-2022).
وقد رسمت الاستراتيجية الجديدة خارطة طريق واضحة الأهداف والسياسات لفترة 3 سنوات وحددت الأهداف الأساسية بواقع 5 أهداف والأهداف الفرعية بواقع 75 هدفاً ورسمت الطريق للإصلاح المصرفي وفقاً للأهداف الرئيسية التالية:
1- دعم وتحقيق الاستقرار النقدي والمالي.
2- تعزيز وتقوية القطاع المصرفي والمؤسسات المالية.
3- تعزيز التحول الرقمي في البنك المركزي والقطاع المصرفي.
4- تطوير البنية التنظيمية والموارد البشرية للبنك المركزي.
5- تفعيل وتكامل العلاقات الداخلية والخارجية للبنك المركزي.
ثانياً ‐ إجراءات السيطرة على سعر صرف الدينار.
كما تم التركيز على السيطرة على سعر الصرف الجديد للدينار العراقي وتثبيته كهدف واضح خلال العام 2021 و2022 بإجراءات عديدة أبرزها إصدار التعليمات الجديدة لبيع وشراء العملة الأجنبية لسنة 2021 والمنصة الالكترونية للتحويل الخارجي وهي تعليمات جديدة إلى المصارف وشركات الصرافة والتوسط ببيع وشراء العملات الأجنبية المجازة وتستند التعليمات إلى قانون البنك المركزي رقم 56 لسنة 2004 المعدل وتهدف إلى تعزيز دور الجهاز المصرفي والمؤسسات المالية غير المصرفية في تأمين العملة الأجنبية إلى المستفيدين والسيطرة على حركتها داخلياً وخارجياً بما يؤدي إلى السيطرة والمحافظة على استقرار سعر الصرف والالتزام بمتطلبات قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 39 لسنة 2015. وبالرغم من استقرار سعر الصرف المستهدف خلال السنتين أعلاه إلا أن القيود الأميركية الجديدة على الحوالات الخارجية أدت إلى عدم استقرار سعر الصرف وقد اتخذ البنك المركزي إجراءات عديدة لزيادة عرض الدولار في سوق العملة باتجاه إعادة السعر إلى معدلاته السابقة.
ثالثاً ‐ المبادرات التمويلية والاقراضية لتحفيز الاقتصاد.
كما أصدر البنك المركزي مبادرات عديدة لتنشيط الاقتصاد الوطني ودعم المواطنين حيث تشير المؤشرات والبيانات الرسمية إلى نجاح مبادرات البنك المركزي الاقتصادية والإقراضية وهي عدد من الإجراءات الإصلاحية التي خطط لها ووضعها البنك المركزي موضع التنفيذ والتي ترافقت مع قرار تخفيض سعر صرف الدينار بهدف تخفيف الأعباء التي يتوقع أن يعاني منها المواطنون ذوي الدخول الواطئة ولغرض خلق التوازن النقدي في سوق التداول ومواجهة التداعيات التي يمكن حدوثها كحالة عامة تواجه الدول التي تخفض سعر صرف عملتها المحلية واستثمار الحالات الإيجابية لتعزيز المركز المالي للحكومة وتخفيض العجز في الموازنة وتجاوز مسببات الاقتراض الداخلي والخارجي، إضافة إلى حماية ودعم المنتج المحلي، وقد ساهمت المصارف الحكومية والخاصة في تنفيذ مبادرات البنك المركزي المشار أليها في أعلاه بكل حرص ودقة مما أدى إلى تحقيق نتائج جيدة بشأن تفعيل وتسهيل وتبسيط الإجراءات لزيادة التمويلات والقروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة والإسكانية وإلى الأفراد والشركات، حيث تم تخصيص بحدود 18 تريليون دينار لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة والإسكانية وكذلك المشاريع التنموية الكبيرة ومشاريع الطاقة المتجددة مع الاستمرار بمنح الموظفين الذين حدود رواتبهم أقل من مليون دينار وموطنه رواتبهم لدى المصارف قروضاً بمبلغ 15 مليون دينار بدون فائدة وبدون كفيل إضافة إلى تخفيض نسبة الفائدة لجميع أنواع القروض مع استمرار المصارف الحكومية المتخصصة بإقراض المشاريع الصناعية والزراعية والإسكانية من مبادرة الخمسة تريليون دينار والتي تم تشغيل بحدود 60 ألف عاطل وهي تشكل نسبة إقراض متقدمة كما تم زيادة القروض الإسكانية والتي خصص لها 10 تريليون دينار وقد استفاد من مبادرات البنك المركزي لغاية 2022 بحدود 150 ألف مستفيد.
رابعا ‐ التطور في مؤشرات الشمول المالي.
وعلى مستوى تطوير العمل المصرفي والتحول الرقمي وزيادة نسبة الشمول المالي حيث تحقق نمو بحدود 50% في الحسابات الجديدة المفتوحة وأصبحت عدد الحسابات بحدود 8 مليون حساب وأصدرت المصارف بحدود 15 مليون بطاقة الكترونية وارتفعت نسبة الشمول المالي إلى 33.5%. كما نفذت استراتيجية البنك المركزي الثانية فيما يخص تطوير أنظمة الدفع الإلكتروني والانتقال إلى مجتمع اللانقد وبلغ عدد الصرافات الآلية العاملة في مصارفنا بحدود 1600 صراف ونقاط بيع بحدود 8329 والمحافظ الإلكترونية المفعلة بحدود 3 مليون و 500 ألف محفظة والجانب الآخر المهم الذي تحقق هو الالتزام بالقواعد والمعايير الدولية للامتثال ومكافحة غسل الأموال والإبلاغ المالي وإدارة المخاطر.
خامسا ‐ تفعيل وتعزيز العلاقات المصرفية الدولية
وعلى مستوى العلاقات المصرفية الخارجية وبناء علاقات تعاون وتنسيق بنكية مع بنوك الدول العربية والإقليمية تقوم على أساس التواصل المستمر والدائم مع محافظي البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية في هذه الدول انطلاقا مع رسم خارطة طريق والتوصل إلى اتفاقات وتفاهمات مع البنك المركزي السعودي والبنك المركزي التركي والاماراتي والبحريني والمصري والاردني والفرنسي والبريطاني والمؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي بما يعزز التعاملات البنكية بين الجانبين والاستفادة من التجارب الناجحة في هذه الدول وتعزيز وتفعيل التعاون معهم.
سادساً: تسديد التزامات العراق لدولة الكويت بشأن قرار مجلس الأمن 687 لسنة 1991.
أعلن البنك المركزي أن العراق سدد الدفعة الأخيرة من مبالغ التعويضات التي أقرها مجلس الأمن بقراره 687 لسنة 1991 وهذا يعني أن العراق قد سدد كامل مبلغ التعويضات البالغة بحدود 52 مليار دولار وبذلك سيتم توفير مليارين دولار سنوياً تقريباً.
سابعاً: بناء الاحتياطيات النقدية الأجنبية للمركزي. حيث تم الإعلان أن الاحتياطيات النقدية الأجنبية للبنك المركزي بلغت بحدود 96 مليار دولار وأن المتابع والمختص يعي جيداً أن الوصول إلى هذا المعدل من الاحتياطيات الأجنبية هو بسبب الزيادة في أسعار النفط وقيام البنك المركزي باتباع السياسات الاستثمارية الآمنة مما عزز من الموقف الائتماني للعراق دولياً وإعادة الثقة بالاقتصاد العراقي وعلاقاته المصرفية الدولية.
ثامناً- صندوق المبادرات المجتمعية (تمكين).
وأن ما يؤكد سلامة ونجاح استراتيجية البنك الثانية (2021‐2023) وتطبيقات سياسته النقدية في سنة 2021 و2022 هو اهتمامه بتحقيق الهدف المجتمعي للقطاع المصرفي وهو تمويل صندوق تمكين للمشروعات المجتمعية، حيث بلغ عدد المشاريع التأهيلية والثقافية والإنسانية منذ بدأ المبادرة ولغاية الان بحدود 1200 مشروع في بغداد والمحافظات.
تاسعاً – تعزيز احتياطي الذهب، أصبح البنك المركزي العراقي أحدث بنك يضيف كمية كبيرة من الذهب إلى احتياطياته من الذهب هذا العام 2022 حيث اشترى 34 طناً من الذهب. وهذه هي أول زيادة في احتياطيات الذهب من قبل البنك المركزي العراقي منذ شرائه 7 أطنان في 2018، ويمتلك البنك المركزي العراقي الآن أكثر من 130 طناً من الذهب وبذلك يكون الأول عالميا لعام 2022 في كمية الشراء من أصل مجموع 59 طناً المشتراة من دول العالم وقد احتل احتياطي الذهب في البنك المركزي العراقي المركز الرابع عربياً والثلاثين عالمياً ويعتبر بناء الاحتياطيات النقدية الأجنبية والذهب من التحوطات المهمة لمواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية.
عاشراً: المنصة الإلكترونية لخطابات الضمان في البنك المركزي.
تنفيذاً لاستراتيجية البنك المركزي العراقي لتطوير العمليات المصرفية الداخلية والخارجية والسيطرة والرقابة واتمتة وسائل الحد من المخاطر المصرفية في كافة مجالات العمل المصرفي انشأ البنك المركزي المنصة الإلكترونية المركزية لقيد خطابات الضمان بهدف العمل على الحد من ظاهرة إصدار خطابات الضمان دون قيدها في سجلات المصرف من خلال تسجيلها في هذه المنصة المتاحة للمصارف وللمستفيدين عن طريق الأنترنيت حيث تقوم المصارف بالولوج اليها وتسجيل بيانات وصورة خطابات الضمان للاستحصال على رقم تسجيل وعندها تكون جميع البيانات متاحة للبنك المركزي لمقارنتها مع البيانات المالية للمصارف وباستطاعة المستفيد الاستحصال على صحة الصدور من خلال الاستعلام عن بيانات خطاب الضمان عن طريق المنصة الإلكترونية وان الآلية أعلاه بعد تنفيذها حققت نتائج جيدة ودقيقة للسيطرة والرقابة على ضبط حركة إصدار خطابات الضمان بما يضمن حقوق الآمر والمستفيد وفقاً للقانون النافذ ولكن بآليات تدقيقية تعضد من الثقة المتبادلة بين مصارفنا ووزارات ودوائر الدولة المستفيدة من تنفيذ المشاريع التنموية المختلفة في كافة القطاعات حيث حققت المنصة الإلكترونية في عام 2021 نتائج مهمة إذ بلغ عدد خطابات الضمان الصادرة اكثر من 30 الف خطاب ضمان تتجاوز قيمتها 9 ترليون دينار مما يؤكد نجاح استراتيجية تنظيم إصدار خطابات الضمان وزيادة ثقة الجهات المستفيدة بالقطاع المصرفي وفقاً للآلية الجديدة المعتمدة .
ومع تحقيق هذه النتائج يحاول البنك المركزي بين فترة وأخرى إجراء تقييم للعملية وتعديل بعض التعليمات التي تسهل من العمليات المصرفية وتطويرها خدمة للآمر والمستفيد وبالتالي تحقيق الضمانات القانونية التي تحمي جميع الأطراف.