حرية – 10/1/2023
عاشت الجماهير العراقية ليلة استثنائية، بعد الفوز على السعودية وتحقيق أول انتصار في “خليجي 25“، حيث عمّت مظاهر الفرح والاحتفالات مختلف الشوارع والأماكن العامة، تعبيرًا عن السعادة باقتراب “أسود الرافدين” من الدور نصف النهائي، حيث استعاد العراقيون ذكريات جميلة لصولات وجولات منتخب “أسود الرافدين” قبل 44 عاما، عندما استضافت بلاد الرافدين البطولة وتوّجت بلقبها على أرضها وأمام جماهيرها.
وفي التفاصيل، خسر الأخضر السعودي أمام نظيره العراقي 2 – 0 في المباراة التي جمعت المنتخبين أمس لحساب الجولة الثانية من منافسات المجموعة الأولى، حيث سجّل “أسود الرافدين” عن طريق ضربتين ركنيتين، استغل الأولى إبراهيم بايش بعد كرة مرتدة ليسدّدها مباشرة في شباك الحارس نواف القعيدي عند الدقيقة 30 من زمن الشوط الأول، بينما عزّز رسو رستم تقدّم فريقه بهدف آخر من ضربة ركنيّة وضعها برأسه في شباك الأخضر عند الدقيقة 85، ما يضاعف حظوظ مستضيف البطولة في التأهل الى المربّع الذهبي، ومواصلة مشوار المنافسة على اللقب.
أفراح استثنائية
وإلى جانب فرحة الفوز بالنقاط الثلاثة، والاقتراب من حسم التأهّل، عبّرت الجماهير العراقية عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن سعادتها بتطوّر مستوى لاعبي المنتخب، والتحسّن الواضح في الأداء مقارنة بالمباراة الأولى، واعتبروا أن أجواء البطولة الخليجية أعادت الفرح إليهم، وضخّت طاقة إيجابية مفعمة بالأمل، جعلت الشعب العراقي يشعر بعودته إلى حضن إخوانه الخليجيين، وذكروا الجميع بالأيام الجميلة التي كانوا يعيشون فيها في الماضي.
وفي هذا الإطار، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي والسياسي، نبيل جبار التميمي، في تصريح لـ “جسور”، إنّ الروح القتالية، والرغبة في الانتصار ساهما في تقديم صورة لائقة أمام السعودية وانتزاع فوز مستحق، أملا في أن يكون الفوز الأول بوابة من أجل تحقيق المزيد من الانتصارات في البطولة.
وأكّد التميمي، أنّ الجماهير العراقية أثبتت مجددًا عشقها الكبير لكرة القدم ودعمها غير المحدود لمنتخب بلادها في كل المباريات التي يخوضها، عبر الحضور الكثيف والتشجيع المتواصل طوال 90 دقيقة.
أهمية “خليجي25”
وتطرح استضافة العراق للبطولة تساؤلات عدة عن انعكاسات خليجي 25 على واقع الاستثمار والاقتصاد في البصرة، التي تعدّ بوابة العراق البحرية، والمصدر الرئيس للنفط الخام الذي يعتمد العراق على بيعه لرفد الموازنة المالية للبلاد، وعن هذا الشأن يقول التميمي إنّ لبطولة خليجي25 أبعاد عدّة، سياسية واقتصادية واجتماعية أيضًا.
ويضيف: “تتضمن بعض الأهداف السياسة بعكس قدرة العراق وحكومته على بثّ رسائل اطمئنان دولية وإقليمية بأن العراق قد عبر مرحلة الأزمات وفترات الانفلات، وهو مؤهّل للعودة إلى المجتمع الدولي مرةً أخرى بسمات دولة متكاملة.
ويتابع: “في حين تركز الأهداف الاقتصادية على إعادة الصورة النمطية عن العراق ووضعه الراهن خصوصًا ما يتعلق بالأمن ومدى استتباب الأمن الداخلي”، ويؤكد أن أبواب العراق من خلال البطولة مفتوحة لاستقبال الاستثمارات الإقليمية والدولية.
وعن الأهداف الاجتماعية، رأى التميمي، أنّ البعض منها داخلي، حيث سمحت البطولة للعراقيين بالانتقال من وسط وغرب وشمال العراق باتجاه البصرة جنوب البلاد، معبّرين عن تضامن الشعب وتوحّده رغم تعدد أطيافه، وكسر للنمطية التي تتحدث عن صراعات اجتماعية عميقة مرتبطة بالمذهبية والعرقية”.
أما الخارجية منها، فقد أدّت البطولة وفق التميمي، إلى تعزيز الروابط الاجتماعية التي تربط العراقيين وسكان البصرة على وجه الخصوص والزائرين من إخوانهم العرب من دول الخليج العربي، وما ظاهرة (الكرم) الذي شهده زائري الخليج العربي من البصرة إلا رسالة مودّة عكست مدى ترحيب العراقيين بضيوفهم.
وحول حجم الإيرادات المتوقّعة من البطولة، يقول الباحث في الشأن الاقتصادي: “لا أتوقع أن ترفد البطولة أو تنعكس على النمو الاقتصادي العراقي بشكل مباشر، فعدّة الآلاف من الزائرين الخليجيين قد لا تشكل نسبة تُذكر أمام حجم الإنفاق الحكومي خلال فترة الإعداد المسبق للبطولة، إلا أن النتائج قد تنعكس لاحقًا عبر عكس صورة إيجابية عن الظروف الواقعية لمدن العراق ومنها البصرة، ويعكس ترحيب العراقيين بإخوتهم العرب مدى رغبتهم في استقبال مستثمرين من الخليج أو من الحكومات الخليجية”.
ويؤكد التميمي، أنّ إنشاء المدينة الرياضية كان له الأثر الواضح على التنمية الاقتصادية للبصرة من خلال تهيئة المرافق الخدمية والفندقية والسياحية، مشيرًا إلى أن حملة الإعمار للبنى التحتية بالمحافظة للمشروعات المدرسية والإسكانية في الأقضية والنواحي بدأت منذ 2019.
وزاد أنّ الروح القتالية، والرغبة في الانتصار ساهما في تقديم صورة لائقة أمام السعودية وانتزاع فوز مستحق، معبرًا عن تفاؤله بقدرة منتخب “أسود الرافدين” على مواصلة المشوار بثقة كبيرة، وعزم قوي على الوصول إلى المباراة النهائية والتتويج باللقب الغالي على قلوب كل الجماهير العراقية والخليجيين.
كيف تسهم الرياضة بتعزيز النمو؟
للإجابة عن هذا السؤال، يقول الباحث الاقتصادي بسام رعد “إن الرياضة تحوّلت من هواية رياضية، لتصبح ركيزة من ركائز النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي في البلدان”.
وحول الآثار الاقتصادية المباشرة للبطولة على العراق، يتابع رعد أنها ستكون من خلال أجور البث التلفزيوني المباشر وأسعار تذاكر المباريات ومبيعات الإعلانات التجارية، مبينًا أن هذه المجالات أدّت إلى زيادة فرص العمل بالبصرة، وأسهمت في تفعيل قطاعي الخدمات والنقل وجذب الاستثمار الخليجي المباشر للمحافظة، فضلًا عن مزايا غير مباشرة تتعلق بالرفاهية وتحسين الاندماج المجتمعي.
وكان نائب رئيس الاتحاد العراقي للصحافة الرياضية، عدنان لفتة، كشف في وقت سابق أن هناك أكثر من مليون طلب إلكتروني وصل الموقع الرسمي المختص للحصول على تذاكر مباراة أمس الاثنين، مشيرًا إلى أن الملعب لا يتّسع إلا لنحو 65 ألف متفرج ولكن هذه الطلبات الكبيرة تدل على رغبة العراقيين على إنجاح البطولة الخليجية.
وتنظّم البطولة مرة كل عامين، حيث انطلقت النسخة الأولى عام 1970 بالبحرين، بينما استضافت قطر النسخة الأخيرة عام 2019، أما العراق فقد استضاف البطولة لأول مرة عام 1979 “خليجي 5” في العاصمة بغداد، حيث توّج باللقب حينها.