حرية – (14/1/2023)
تقول القصة إن العالم اليوناني أرخميدس، كان مسترخياً في حوض الاستحمام، عندما اكتشف “قانون الإزاحة”، ولشدة فرحته خرج يركض عارياً وهو يصرخ “وجدتها وجدتها”، وعلى الرغم من تداول الحادثة بشكل كبير، لكنها ليست حقيقية، ولكن هناك جزء من الحقيقة وراءها، وهي أن الأفكار الإبداعية يمكن أن تأتي أثناء الاستحمام.
الأفكار الإبداعية وعلاقتها بـ”تأثير الاستحمام”
في دراسة أجريت عام 2019، سجل 98 كاتباً محترفاً و87 فيزيائياً، أفكارهم الأكثر إبداعاً كل يوم، بالإضافة إلى ما كانوا يفعلونه ويفكرون فيه عندما جاءتهم هذه الأفكار. وكانت النتيجة أن 20% من أكثر الأفكار الإبداعية التي توصلوا إليها، كانت أثناء الاستحمام أو القيام بعمل روتيني آخر، مثل غسل الأطباق أو كانوا في طريق العودة للمنزل.
تُظهر الأبحاث أن ما يُعرف باسم “تأثير الاستحمام”، له دور كبير في تدفق الأفكار الإبداعية والحلول لبعض المسائل المعقدة، والسبب في ذلك بحسب دراسة في مجلة “علم النفس الجماليات والإبداع والفنون” نُشرت عام 2022، أن الناس يُولّدون أفكاراً إبداعية أكثر أثناء أداء الأنشطة الروتينية مثل الاستحمام أو المشي.
وبحسب تلك الدراسة، فإن الدماغ حتى يولد الأفكار الإبداعية، يحتاج بعض التوازن والسماح له بالشرود ذهنيا قليلاً، ما يؤدي إلى مزيد من الأفكار الإبداعية، وذلك لأن الأنشطة المملة، لا تحتاج الكثير من الجهد من الدماغ، لذا يتوفر له الوقت لحل المشكلات الأكثر تعقيداً.
في دراسة قام بها “سكوت باري كوفمان” العالم المعرفي، وجد أن 72% من الأشخاص يحصلون على أفكار إبداعية أثناء الاستحمام، ويقول كوفمان إن الدراسة “تسلط الضوء على أهمية الاسترخاء للتفكير الإبداعي”.
وقال: إن بيئة الاستحمام المريحة والانفرادية، قد تتيح التفكير الإبداعي من خلال السماح للعقل بـ”التجول بحرية”، وجعل الناس أكثر انفتاحاً على وعيهم الداخلي وأحلامهم.
الاستحمام بالمياه الدافئة يساعد على تدفق الأفكار الإبداعية
بالإضافة لما سبق من توفير الوقت والطاقة للدماغ أثناء النشاطات الروتينية، والتي تسمح له بالتركيز على إنتاج الأفكار الإبداعية، فإن دراسة نُشرت عام 2018، كشفت عن تأثير مباشر للاستحمام بالماء الدافئ على نشاط الدماغ والأفكار الإبداعية.
تمت الدراسة بمشاركة 38 شخصاً، قاموا بالاستحمام بالماء الدافئ، بمتوسط درجة حرارة 40 مئوية، لمدة 10 دقائق في كل مرة، وعلى مدار أسبوعين، توصلت الدراسة إلى أن الاستحمام بالماء الدافئ يساعد على توسع الأوعية الدموية، وزيادة تدفق الدم، ما يوفر مزيداً من الأكسجين والمواد المغذية في الجسم والدماغ.
كما كان له تأثير إيجابي للتخلص من الإرهاق والتوتر، وكانت النتائج بما يتعلق بالحالة المزاجية أفضل من حيث التوتر والقلق والغضب والعداء والاكتئاب، وبالتالي تزداد احتمالية أن يعمل الدماغ بشكل أفضل.
أليس فلاهيرتي، من أشهر علماء الأعصاب، لديها إجابة إضافية، أشارت لوجود عنصر آخر مهم جداً وهو الدوبامين، وتقول فلاهيرتي: “كلما زاد إفراز الدوبامين، كنا أكثر إبداعاً. يتم امتصاص الدوبامين من قبل مناطق معينة من الدماغ، والتي تزداد نشاطاً بعد ذلك وتؤدي إلى مزيد من التفكير الإبداعي”.
وأخذ حمام دافئ أو ممارسة المشي، أو غسيل الصحون والنشاطات الروتينية التي تمنحنا بعض الراحة والاسترخاء، تعتبر من المحفزات النموذجية لتدفق الدوبامين، فتكون فرص الحصول على أفكار رائعة أعلى بكثير.
كيف يمكنك استخدام “تأثير الاستحمام” للحصول على أفكار إبداعية؟
1- امنح نفسك فترات راحة
تأكد من أنك تخصص وقتاً ومساحة للعزلة، ويمكن أن يأخذ ذلك العديد من الأشكال، مثل القيام بنزهة يومية لإعادة ترتيب أفكارك، أو الخروج عن المسار الذي كنت تعمل فيه، والمشكلة التي تبحث عن حل لها.
2- ابحث عن التغيير
قد يقودنا تغيير بيئتنا إلى رؤى جديدة، من خلال تعريض أدمغتنا لمحفزات جديدة، لكن تأكد أنها تجربة شيء جذاب وروتيني بشكل معتدل. ولا يتطلب الكثير من التركيز، ولا مجهود عقلي كبير.
3- تعرّف على ما يحفز تفكيرك الإبداعي
يختلف الأشخاص بحسب طبيعتهم وبحسب ما يحفز أدمغتهم، فحاول اكتشاف طرق تجعل دماغك في معزل عن الضوضاء ويمكن أن تجعلك في حالة أكثر إبداعاً.