حرية – (27/1/2023)
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، في الآونة الأخيرة، مقترحاً حول بدء استزراع اللحوم في البلاد، سيما بعد ارتفاع أسعارها، التي تتراوح ما بين 170 و200 جنيه مصري.
هذا المقترح شهد حالة من السخرية على مواقع التواصل، حيث تساءلوا عن كيفية زراعة اللحوم، وهل ستكون ذات تلك المذبوحة التي يتناولونها عادة، أم ستكون مختلفة؟
ما الذي يعنيه استزراع اللحوم؟
الدكتور أحمد جلال، عميد كلية الزراعة بجامعة عين شمس، أكد في تصريح لموقع “القاهرة 24” أنَّ فكرة استزراع اللحوم ليست جديدة وتُطبق في دول أخرى، موضحاً أن تلك التجارب بدأت عام 1988، وكذلك عام 1998 واستمرت تلك التجارب إلى أن نجح عالم هولندي في إنتاج أول قطعة برجر مُصنّعة معملياً، وذلك من خلال فريق بحثي.
وأضاف جلال أنّ المقصود باستزراع اللحوم ليس زراعتها، وإنما هي فكرة مبنية على “الخلايا الجذعية” الموجودة في جميع الكائنات الحية، ولها القدرة على تكوين الإنسان بشكل هائل، موضحاً أن الخلايا الجذعية نجحت بنسبة 98% في علاج مرضى سرطان الدم (اللوكيميا).
وتابع أنّ تحول اللحوم سيتم عن طريق أخذ مجموعة من الخلايا الجذعية من المرحلة الجنينية بتقنية معينة، وبعد ذلك تحويلها إلى خلايا الجين، ويؤخذ جزء منها ويُطبق عليه ما يسمى بعملية الإنماء لتكوين تريليونات الخلايا.
مضيفاً أنَّ تلك الخلايا سوف تُجرى لها عملية تخصصية، ويتم وضعها في المفاعل الحيوي، ثم يجرى لها تكاثر لتكوين الأنسجة، وبعد ذلك يتم تجميع كل الأنسجة بإحدى التقنيات التي تساعد على هذا الأمر، ما ينتج من خلالها قطعة اللحم.
فيما لفت الطبيب أشرف فياض، أستاذ الاقتصاد الزراعي لمعهد بحوث الصحراء بمركز البحوث الزراعية، إلى أنّ هذه التقنية هي فكرة جيدة لمصر، ولكنها تحتاج إلى الكثير من الوقت.
هل استزراع اللحوم في المخبر أفضل لصحتنا؟
أوما فاليتي، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة UPSIDE Foods المنتجة للحوم المُصنّعة، قال لشبكة CNN الأمريكية، إن “هذه المنتجات ليست نباتية أو خضرية، إنها لحوم حقيقية مصنوعة بلا حيوان”.
وأوضح أن عملية إنتاج اللحوم المزروعة، أو كما يُطلق عليها أيضاً المستبتة “تشبه عملية تخمير الجعة، لكن بدلاً من زراعة الخميرة أو الميكروبات، نزرع خلايا حيوانية”.
وأضاف أنَّ العلماء يبدأون بأخذ عينة خلية صغيرة من حيوانات الماشية، مثل البقر أو الدجاج، ثم تحديد الخلايا التي يمكن أن تتكاثر.
كما أنّ طريقة أخذ الخزعة من الحيوان تشبه طريقة أخذ الخزعة البشرية، أي إن الحيوان لا يتعرض للأذى عند إجراء العملية.
وتستغرق عينة الخلية نحو أسبوعين لتنمو إلى الحجم المطلوب، أي “حوالي نصف المدة التي تحتاجها الدجاجة”، وبعد ذلك، يتم تحويل اللحم إلى المنتج النهائي، سواء كان ذلك صدر دجاج أو كتلة صلبة، أو برغر لحم بقري أو شريحة لحم.
في حين أكد جوش تيتريك، الرئيس التنفيذي لشركة “Eat Just, Inc”، وهي شركة أمريكية تصنع بدائل نباتية للبيض، أنَّ خلية حيوانية واحدة يمكن أن تُنتج مئات المليارات من الكيلوغرامات من اللحوم.
بينما قال فاليتي إن اللحوم المزروعة يمكن أن تكون أفضل على صحة الإنسان من خلال إمكانية تخصيص المغذيات، سواء كان ذلك دهون مشبعة وكوليسترول أقل، أو مزيد من الفيتامينات أو الدهون الصحية.
اللحوم المستزرعة مفيدة للبيئة وتقلل من الاحتباس الحراري
فضلاً عن أنها قد تكون رخيصة السعر ومفيدة للصحة، فإنّ للحوم المستزرعة فوائد أخرى تنعكس على البيئة من خلال تقليل الانبعاثات العالمية.
وفقاً لما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية، فإن نحو ثلث انبعاثات الميثان التي يسببها الإنسان تأتي من الماشية، ومعظمها من الأبقار التي تصدر الميثان من خلال تجشؤها وتبولها بعد تناولها الأسمدة، فيما يُنظر إلى الميثان على أنه أكبر مصدر للقلق، وأفضل فرصة للتعامل مع الاحتباس الحراري.
وعلى الرغم من أن الميثان يتحلل بسرعة نسبية في الغلاف الجوي، فإنه من الغازات الدفيئة الأكثر فاعلية من ثاني أكسيد الكربون، وهو أحد الأسباب التي تمت مناقشتها لإبطاء الاحتباس الحراري قبل محادثات المناخ COP26 للأمم المتحدة في غلاسكو الاسكتلندية.
وقال دوروود زيلكي، المراجع الرئيسي للجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، في أغسطس/آب 2022: “إنّ خفض غاز الميثان أكبر فرصة لإبطاء الاحتباس الحراري من الآن وحتى عام 2040”.
فيما تشمل خيارات تقليل الميثان الأعلاف البديلة للماشية، وتقليل فقد الأغذية وهدرها، وخفض إنتاج اللحوم والألبان.
ففي 2019، بلغ الميثان في الجو مستويات قياسية، نحو مرتين ونصف، أكثر مما كان عليه قبل الحقبة الصناعية.
ما كمية غاز الميثان التي تصدرها الأبقار في الجو؟
وفقاً لما ذكره الموقع الرسمي لجامعة كاليفورنيا الأمريكية، فإنّ البقرة الواحدة تطلق ما يصل إلى 500 لتر من الميثان يومياً، وفقاً لما ذكرته مجلة Horizon، في حين يوجد في العالم نحو مليار و400 مليون رأس بقرة.
ويمثل تقليص البصمة الكربونية للماشية في جميع أنحاء العالم تحدياً كبيراً، لأنها مسؤولة عن نسبة كبيرة من الغازات الدفيئة العالمية.
الهند، على سبيل المثال، لديها أكبر عدد من الماشية في العالم، ولكنها أقل استهلاكاً للحوم البقر في أي بلد، نتيجة لذلك، تعيش الأبقار فترة أطول، وتنبعث منها كميات أكبر من الميثان على مدار حياتها.
وفي الوقت الحالي، تُعد سنغافورة الدولة الوحيدة في العالم التي وافقت على اللحوم المعتمدة على الخلايا للاستهلاك.