حرية – (28/1/2023)
أعلن وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند الجمعة توقيف ثلاثة أشخاص للاشتباه بضلوعهم في مؤامرة تدعمها طهران لاغتيال الصحافية الإيرانية المعارضة مسيح علي نجاد في الولايات المتحدة.
وقال غارلاند إن اثنين من الموقوفين الثلاثة هما عنصران في مافيا تنشط في أوروبا الشرقية وعلى صلة بإيران، مشيراً إلى أنهما جندا للإعداد لاغتيال علي نجاد في نيويورك، مؤكداً أن الولايات المتحدة لن تتساهل مع محاولات قوة أجنبية لتهديد مواطنيها.
ويأتي الإعلان عن توقيف الأشخاص الثلاثة وتوجيه تهم الشروع في القتل إليهم بعد ستة أشهر على اعتقال أحدهم ويدعى خالد مهدييف أمام منزل علي نجاد في نيويورك وبحوزته بندقية هجومية من طراز “إيه كي 47”.
عصابة إجرامية
وقال غارلاند إن مهدييف كان مكلّفاً العملية من جانب اثنين من قادة العصابة الإجرامية هما رأفت أميروف وبولاد عمروف.
وأوقف أميروف الخميس في الولايات المتحدة فيما اعتُقل عمروف في وقت سابق من الشهر الحالي في جمهورية تشيكيا وهو موقوف حالياً في الولايات المتحدة.
وأوضح غارلاند أن “هذه التهم أفضى إليها تحقيق جار في جهود تبذلها الحكومة الإيرانية لاغتيال صحافية وكاتبة وناشطة حقوقية أميركية من أصل إيراني على الأراضي الأميركية”.
ولم يشر غارلاند إلى علي نجاد بالاسم، لكنه أوضح أنها المعنية بالأمر، ولفت إلى محاولة عناصر إيرانيين في عام 2021 خطف الناشطة البالغة 45 عاماً وإعادتها إلى إيران. وأكد أن “الحكومة الإيرانية تواصل مذّاك استهداف الضحية”.
وتصف اللائحة الاتهامية أميروف بأنه قيادي للعصابة الإجرامية يقيم في إيران. وقد أعطى الأمر لعمروف بالمضي قدماً في العملية وعمروف أعطى الأمر لمهدييف بتنفيذ العملية.
وقال غارلاند إن “عمروف بعدما تلقى التوجيهات من أميروف أرسل إلى مهدييف صوراً للضحية ومنزلها وعنوانها”.
ولم يشر إلى وجود رابط بين عمروف وحكومة إيران مشدداً على أن القضية لا تزال قيد التحقيق. وأضاف “على غرار ما أشرنا إليه في لائحة اتهامية سابقة، تحاول إيران اغتيال هذه الضحية. هذا كل يسعنا قوله في الوقت الراهن”.
وعلي نجاد معروفة بانتقاداتها للنظام في إيران ولا سيما فرض الحجاب. وقد أسست حركة “ماي ستيلثي فريدوم” التي تشجّع النساء على نزع حجابهن.
وفي تغريدة لها الجمعة، أشارت علي نجاد إلى أنها تبلغت للتو بـ”توجيه الاتهام للرجال الثلاثة الذين كلّفهم النظام الإيراني قتلي على الأراضي الأميركية”. وتابعت “يدير الحرس الثوري الإيراني هذه العمليات منذ أربعة عقود”.
رفض العنف في مسألة الحجاب
في سياق متصل، أعرب المرجع الشيعي البارز في إيران الشيخ ناصر مكارم الشيرازي عن رفضه استخدام القوة لإجبار النساء على ارتداء الحجاب، في موقف يأتي بينما تهز البلاد منذ أشهر احتجاجات أشعلتها وفاة مهسا أميني.
ومنذ توفيت هذه الشابة الإيرانية الكردية عن 22 سنة في 16 سبتمبر (أيلول) في طهران، بعدما اعتقلتها شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قواعد اللباس الصارمة المفروضة على النساء في الجمهورية الإسلامية، تشهد البلاد احتجاجات شعبية غير مسبوقة.
وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية “إرنا” مساء الخميس، بأن الشيخ الشيرازي قال إنه “لا يعتبر العنف والضغط فعالين في قضية الحجاب”.
وأوضحت الوكالة أن هذا المرجع البارز المعروف بمواقفه المحافظة، أدلى بهذا التصريح خلال استقباله في مدينة قم المقدسة لدى الشيعة في وسط البلاد، وزير الثقافة الإيراني محمد مهدي الإسماعيلي.
ونقلت “إرنا” عن الشيرازي قوله إنه “يجب أن يعلم الرئيس والوزراء أنهم في وضع صعب. صحيح أن العدو يتحرك بقوة، لكننا لسنا في مأزق”.
ودعا وزير السياحة عزت الله زرغامي الأربعاء الماضي، إلى مزيد من التساهل في مسألة ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
وكانت السلطة القضائية أعلنت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي، أنها تريد إعادة تطبيق قانون يفرض عقوبات صارمة على كل امرأة لا تحترم قواعد ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.
إعدامات إيران
من ناحية ثانية، أعلنت منظمة حقوقية، الجمعة، أن السلطات الإيرانية أعدمت 55 شخصاً حتى الآن في عام 2023، مضيفة أن الاستخدام المتزايد لعقوبة الإعدام يهدف إلى بث الخوف في ظل الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وقالت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من النرويج مقراً، إنها أكدت 55 عملية إعدام على الأقل في الأيام الـ26 الأولى من هذه السنة. وأضافت أن أربعة أشخاص أعدموا بتهم مرتبطة بالاحتجاجات، بينما غالبية الذين تم شنقهم – 37 مداناً – أعدموا في جرائم تتعلق بالمخدرات.
وأوضحت المنظمة أن 107 أشخاص على الأقل لا يزالون يواجهون خطر الإعدام على خلفية التظاهرات، بعد الحكم عليهم بالإعدام أو بتهم ارتكاب جرائم يعاقب عليها بالإعدام.
ومع تزايد استخدام إيران عقوبة الإعدام في السنوات الأخيرة، أشارت منظمة حقوق الإنسان في إيران إلى أن “كل عملية إعدام من قبل الجمهورية الإسلامية هي سياسية” لأن الهدف الرئيس منها “هو خلق الخوف والرعب في المجتمع”.
وقال مدير المنظمة محمد أميري مقدم إنه “لوقف آلة الإعدام الحكومية، يجب عدم التسامح مع أي إعدام، سواء كان سياسياً أو غير سياسي”. وأضاف أن عدم وجود رد فعل كافٍ من المجتمع الدولي يخاطر بخفض “الثمن السياسي لإعدام المتظاهرين”.
واتهم ناشطون إيران باستخدام عقوبة الإعدام كوسيلة ترهيب لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في سبتمبر (أيلول) الماضي، إثر وفاة مهسا أميني (22 سنة).
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن “استخدام (إيران) للإجراءات الجنائية” لمعاقبة المتظاهرين “يرقى إلى قتل بموافقة الدولة”. ولم تنشر منظمة حقوق الإنسان في إيران وغيرها من المنظمات الحقوقية بعد أرقاماً عن عمليات الإعدام في إيران في عام 2022.
غير أن منظمة حقوق الإنسان في إيران قالت في أوائل ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إن أكثر من 500 شخص تم شنقهم بحلول ذلك الوقت – وهو أعلى رقم في خمس سنوات – بينما أفادت بياناتها بأن 333 شخصاً أُعدموا في عام 2021، في زيادة قدرها 25 في المئة مقارنة بـ267 في عام 2020.
وإضافة إلى اعتقال آلاف الأشخاص استخدمت قوات الأمن الإيرانية أيضاً ما يصفه الناشطون بـ”القوة المميتة” لقمع الاحتجاجات.
ووفق التعداد الأخير لمنظمة حقوق الإنسان في إيران، قتلت القوات الأمنية 488 شخصاً على الأقل، بما في ذلك 64 شخصاً تحت سن الـ18، خلال الاحتجاجات التي عمت أنحاء البلاد. ومن بين الأشخاص الـ64، كانت هناك 10 فتيات، بحسب ما أضافت المنظمة.
وأُعدم محسن شكاري (23 عاماً) في طهران في الثامن من ديسمبر لإصابته عنصراً في القوات الأمنية، بينما تم شنق مجيد رضا رهناورد البالغ من العمر 23 سنة أيضاً، علناً في مدينة مشهد في 12 ديسمبر بتهمة قتل عنصرين من قوات الأمن بسكين.
وفي السابع من يناير الحالي، أعدمت إيران محمد مهدي كرمي وسيد محمد حسيني لإدانتهما بالضلوع في عملية قتل عنصر في قوات التعبئة (الباسيج)، في مدينة كرج غرب طهران في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وفي 14 يناير، أعلنت إيران أنها أعدمت علي رضا أكبري الذي يحمل الجنسيتين الإيرانية والبريطانية، بعدما حكم عليه بالإعدام بتهمة التجسس لصالح بريطانيا. وكان قد اعتقل قبل أكثر من عامين.