اليوم في متناول يد العائلة العراقبة (بيض + دجاج + حليب) مدعوم من قبل الدولة
كتب / سلام عادل
منذ عدة أيام بدأت وزارة الزراعة بالاشتراك مع وزارة الصناعة وبالتعاون مع وزارة التجارة بتقديم سلة مواد غذائية باسعار تنافسية مدعومة من قبل الدولة، اشتملت هذه المواد على (بيض) بسعر (4،500 دينار) للطبقة، مع (دجاج) بسعر (3000 دينار) للكيلو، مع (حليب) بسعر (1000 دينار) للتر الواحد.
ومن المتوقع في الاسبوع القادم نزول (لحوم حمراء) مع (اللبان واجبان) لتضاف الى قائمة المواد الغذائية المدعومة، والتي جميعها منتجات عراقية خالصة، الى جانب الحصة التموينية الشهرية بالطبع.
ونزلت هذه المواد الغذائية الى الاسواق ضمن رؤية حكومة المهندس السوداني الخاصة بدعم الشرائح الاجتماعية كافة، الى جانب تحريك عملية الانتاج الزراعي والصناعي داخل البلاد، وما يرتبط بهما من تطوير للخدمات، وكسر لعملية المضاربات بالاسعار والمتاجرة القائمة على الاستغلال والتربح غير المشروع.
وفوق كل ذلك تعتبر العملية بحد ذاتها إعادة بث الحياة في روح الوزارات والدوائر الانتاجية التي توقفت منذ نحو 20 سنة تقريباً عن تقديم الخدمات للمواطنين، بعد ان تحولت الى مجرد بطالة مقنعة غارقة في الاعمال الوظيفية الروتينية التي لا فائدة منها غير العرقلة والتعطيل.
وعلى الرغم من أن جهود حكومة المهندس السوداني تعتبر جهوداً محمودة، إلا أنه من المتوقع أن تواجه ببعض الآراء والمواقف السلبية التي تظهر لعرقلة أي نجاح او أي جهود ايجابية بدافع النوايا السياسية عند البعض.
وقد سمعت على سبيل المثال احدهم يقول : ما تفعله حكومة السوداني يمثل تقليداً لرؤية النظام المصري الذي يعتمد على مساهمة وزارة الدفاع المصرية في دعم السلة الغذائية المدعومة التي يحصل عليها الشعب المصري عبر مراكز التموين الرسمية الموزعة في عموم مناطق الجمهورية.
وإذا ما كان بالفعل ما تفعله حكومة المهندس السوداني يعتبر تقليداً للمصريين، فهو محاكاة جيدة ونافعة، لكونها بالمحصلة النهاية تصب في خدمة العائلة العراقية، علاوة على الايجابيات الاخرى التي من بينها إعادة إحياء لدور الدولة في الاقتصاد وحركة التجارة.
وسبق ان جرى تخريب الدور الأبوي للدولة العراقية عقب أحداث عام 2003، وما رافقها من تيّه بفعل مقررات الاحتلال الذي ادخل العراق في دوامة من خلال زجه في السوق المفتوحة دون مقدمات اقتصادية رصينة، وهو ما تسبب باسقاط كافة أشكال الدعم المبنية على التكافلية والرعاية.
وفي هذا الإطار اتذكر حماسة بعض الليبراليين العراقيين المحسوبين على المعارضة، من الذين جاؤا على ظهور الدبابات انذاك، وهم يهتفون بضرورة خصخصة كل شيء موجود في هذا الوطن، بما فيها التراب والماء والهواء، وإنهاء كافة اشكال الدعم الحكومي وفق ما تفرضه التطبيق الرأسمالية بهدف اللحاق بالدول الغربية، مرددين شعارات اثبتت الأيام عدم صحتها من قبيل ان تطبيق (الرأسمالية المتوحشة) يقود الى التطور.
وانضم حتى الاسلاميين الشيعة لجوقة المطبلين هؤلاء بحجة أن وظائف الدولة الموروثة عن النظام السابق كانت مبنية على مفاهيم الاشتراكية التي هي من مخرجات الشيوعية الكافرة، وبالتالي ينبغي إيقاف العمل بها، وهو ما يعبر عن جهل وسذاجة وعدم فهم للرسالة العلوية التي عمل على ترسيخها إمام العدالة الاجتماعية علي ابن ابي طالب (عليه السلام).
وفي الختام .. يعتبر كل ما تقدمه الدولة من سلع وخدمات مدعومة للمواطن العراقي مقابل ما تحصل عليه الدولة من أموال مستقطعة من واردات النفط هو من الافعال الاخلاقية التي وضع لها افلاطون وارسطو وعلي ابن ابي طالب تنظيرات في السياسة وأصول الحكم.