حرية – 15/2/2023
لا يحق لك ان تصادر حقي بأبداء الرأي!!؟
الإطار يدافع عن مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي وناشطون يوجهون انتقادات حادة لها لعدة اسباب منها تقييدها لحرية التعبير.
اذ وجه متخصصون بالقانون وناشطون، انتقادات حادة لمسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي، المزمع إقرارها من قبل هيئة الإعلام والاتصالات، لما تضمنته من مواد مقيدة لحرية التعبير، واحتوائها على عناوين فضفاضة، دون تعاريف محددة، فضلا عن تعارضها مع الدستور.
وفيما أبدوا تخوفهم من استخدامها وفق “المزاج السياسي”، دافع الإطار التنسيقي عن اللائحة، ونفى أن تكون مقيدة، بل تهدف لـ”التنظيم” والحفاظ على الأمن القومي.
ويقول الباحث في الشأن القانوني والدستوري، أمير الدعمي، إن “التعليمات والضوابط التي تصدر من قبل هيئة الإعلام والاتصالات ملزمة التطبيق، وأي مخالفة لتلك الضوابط من وسائل الإعلام وغيرها تتعرض للعقوبات وفق ما جاء في اللائحة”.
لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق
ويضيف الدعمي، أن “لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق التي صدرت من قبل الهيئة هي نوع من أنواع التشديد على الحريات وهذه اللائحة تتقاطع مع الدستور العراقي تماماً وتتقاطع مع مبادئ حرية الرأي والتعبير، لكنها تبقى ملزمة التطبيق وفق ما تقره هيئة الإعلام والاتصالات”.
وتسربت في اليومين الماضيين، نسخة من مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي، التي أعدت في هيئة الإعلام والاتصالات لغرض إقرارها من قبل مجلس الأمناء في الهيئة، وتضمنت بنودا كثيرة اعتبرت مقيدة لحرية التعبير.
وتأتي هذه المسودة، بعد قراءة مجلس النواب، القراءة الأولى الأسبوع الماضي، لمشروع قانون هيئة الإعلام والاتصالات، والذي يتضمن بنودا إشكالية أيضا، تخص حرية التعبير.
وتضمنت المسودة، أحكاما جزائية، تبدأ بالتعهد وحذف المحتوى أو حجب الصفحة المنشور فيها، وصولا إلى إحالة الملف إلى القضاء، فضلا عن وجود غرامات مالية تبدأ بـ500 ألف دينار وتصل إلى 5 ملايين دينار.
تجاوزات كثيرة وكبيرة على الدستور
من جهته، يؤكد الأكاديمي والناشط المدني فارس حرّام، أن “ما ورد في لائحة تنظيم المحتوى الرقمي في العراق يحتوي على تجاوزات كثيرة وكبيرة على الدستور وحقوق حريات التعبير الواردة فيه، حيث تضمنت هذه اللائحة مفاهيم عامة، لا يمكن تحديدها واقعيا إلا في ضوء مزاج المسؤولين في هيئة الإعلام والاتصالات، خصوصاً انه ليس هناك أي قائمة نهائية تضبط معنى الذوق العام، حتى يعرف المواطن كيف لا يتجاوز هذه الحدود”.
ويضيف حرّام، أن “اللائحة احتوت ألغاماً قمعية ضد حريات التعبير والرأي، ففيها التفاف كبير على حرية الآراء والنقد الموجه للسياسيين في عملهم، إذ أن هذه اللائحة تجعل تفسير المحتوى الرقمي الموجه ضد بعض الجهات والشخصيات بيد المسؤولين في هيئة الإعلام والاتصالات، وهؤلاء المسؤولون تابعون لأحزاب وكتل سياسية، ومن المؤكد أنهم لن يسمحوا بتوجيه الانتقاد لقادتهم وأحزابهم”.
ويتابع أن “لائحة تنظيم المحتوى الرقمي تحتوي على مواد لا يمكن التأكد منها على نحو علمي وواقعي، ولهذا ستكون كل محتويات المواطنين عرضة لتفسيرات شخصية مزاجية سياسية للمسؤولين في هيئة الإعلام والاتصالات، فالهدف من هذه اللائحة محاولة أخرى من قبل قوى السلطة لقضم الحريات وللتجاوز على الحقوق التي منحها الدستور لكل المواطنين”.
ويؤكد الأكاديمي والناشط المدني أن “أبناء الشعب العراقي لن يسكتوا على هذه اللائحة التي تريد قمع الحريات والتعبير والرأي، وربما سيكون لنا حراك للطعن الدستوري ضدها”.
حملة المحتوى الهابط
وتتزامن هذه المسودات، مع حملة “المحتوى الهابط” التي أطلقتها وزارة الداخلية بالتعاون مع القضاء العراقي، وأسفرت عن القبض على العديد من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي، بذريعة تقديم محتوى هابط وخادش للحياء، وصدرت أحكاما بالسجن وصلت إلى عامين بحق بعضهم.
يشار إلى أن المادة 38 من الدستور تنص على: تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب: أولاً:- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. ثانياً:- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر. ثالثاً:- حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون.
ومنذ فترة حاول البرلمان تمرير قانون حرية التعبير عن الرأي والتظاهر السلمي، حيث أدرجه على جدول أعماله قبل أن يرفع منها بضغط من بعض الكتل السياسية المدنية، ويأتي طرح هذا القانون بعد طرح قانون جرائم المعلوماتية قبله، والذي رفع من جدول الأعمال بضغط أيضا.
لا تهدف إلى تقييد حرية الرأي
بالمقابل، يذكر عضو الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، أن “اللائحة المعدة من قبل هيئة الإعلام والاتصالات لا تهدف إلى تقييد حرية الرأي والتعبير ومصادرة الحريات، بل الهدف منها تنظيم هذا المحتوى، الذي بسببه تحدث مشكلات كبيرة وخطيرة”.
ويبين الفتلاوي أن “هناك الكثير من المحتويات في الإعلام الرقمي وغيره، تحاول إثارة الفتن والمشاكل وتبث الشائعات، وتحتوي حتى على تهديد للأمن القومي، وغيرها من المحتويات التي فيها إساءة للمجتمع العراقي وقيمه، وهذا الأمر يحاسب عليه القانون”.
ويضيف أن “الحكومة الحالية، داعمة وبقوة لحرية التعبير والرأي وليس لديها أي فكرة أو نية لتقييد الحريات إطلاقا، وهذه اللائحة تهدف لتنظيم المحتوى الرقمي في العراق ليس إلا، وهي تنسجم من الدستور العراقي والقوانين العراقية النافذة”.
وتعد هذه القوانين، وفقا لناشطين وإعلاميين، مقيدة لحرية الرأي وتفرض عقوبات بالسجن والغرامات الكبيرة على كل من يحاول إبداء رأيه، في خطوة اعتبرت مخالفة للدستور العراقي الذي كفل حرية التعبير عن الرأي.
قانون العقوبات العراقي رقم 111
جدير بالذكر، أن جميع هذه القوانين ما زالت تستند إلى مواد في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، وفي الفترة الأخيرة جرى الاستناد إلى المادة 403 من القانون الخاصة بخدش الحياء.
يذكر أن المواد في قانون العقوبات العراقي، والخاصة بإهانة السلطات، كانت تستخدم بشكل واسع خلال فترة النظام السابق، وسبق أن أصدر الحاكم المدني للعراق بول بريمر في 10 حزيران يونيو 2003، أمرا بإيقاف استخدامها، لكن أمر بريمر ألغي فيما بعد من قبل الدولة العراقية.
ونشر مجموعة من السياسين والاعلامين عبر مواقع التواصل الاجتماعي رفضهم لهذه اللائحة التي تتعارض مع المادة 38 من الدستور العراقي.
واستذكر بعض الصحافيين والاعلاميين تدوينة رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني التي كتبها عام 2020 “أي قبل تسنمه رئاسة مجلس الوزراء” رافضاً مصادرة حق الرأي.