حرية – (23/2/2023)
وجئ وليد وهو يسحب راتبه من إحدى ماكنات الصرافة الآليَّة (ATM) لأحد المصارف التي وطّن راتبه عليها، باقتطاعٍ زاد على عشرة آلاف دينار وهو مبلغ يضاهي علاوته السنوية من الوزارة التي يعمل بها.
وحين حمل وليد وصل التسلم الورقي المطبوع، وتوجّه لموظف الحسابات داخل المصرف ليسأله عن سبب هذا الاستقطاع الذي وجده كبيراً قياساً براتبه، أجابه الموظف أنَّ عمولة الاستقطاع أصولية وقانونية، وأنَّ هذا (الاستقطاع) مع عمولات لعمليات أخرى، يمول الفعاليات التجارية لهذا المصرف ويغطي رواتب العاملين والصيانة وما شابه، ولكون الزبون قد وطّن راتبه على مصرفٍ آخر، فهو لا يحظى بميزة السحب النقدي المجاني من الماكنات الإلكترونية للزبائن الذين وطنوا رواتبهم على فرع هذا المصرف.
وليس هذا هو الاستقطاع الوحيد من الراتب، فهناك استقطاعات عدّة أخرى، فعند تعزيز الراتب لوزارته من المالية ووصول المبلغ بحسابه، يتم استقطاع (2000) دينار شهرياً عن كل راتب، وهناك استقطاع سنوي يصل لنحو عشرة آلاف دينار تحت باب صيانة إلكترونية، ومبالغ أخرى لدى طلبه أي تأييد أو نسخة مطبوعة من حركة حسابه المالي (ستيتمنت) لأي غرضٍ يحتاجه، وهناك فوائد معلومة قد تصل إلى 7 – 8 بالمئة عند استلافه أي قرضٍ شخصي، وغير ذلك.
حسين العوادي وهو مصرفي في أحد المصارف الحكومية يقول : إنَّ “العمولات والاستقطاعات تختلف ما بين المصارف الحكومية والأهلية برغم خضوعها جميعاً لتعليمات وقوانين البنك المركزي، وعلى سبيل المثال فوائد القروض، فبعضها يتم بالنسبة الثابتة وأخرى بالفوائد المتناقصة، كما أنَّ مبلغ استبدال بطاقة الائتمان المصرفية (فيزا أو ماستر كارد) في حال نفاد صلاحيتها أو ضياعها أو تلفها، يختلف هو الآخر مابين مصرفٍ وآخر”.
وأقرّ العوادي بتخلف و(رثاثة) الإجراءات البالية وبطئها وضعف التوجه نحو (التحول الرقمي والحوكمة الإلكترونية لدى بعض المصارف الحكومية، حسب تعبيره.وقريباً من هذا الرأي، قال المواطن عدي عبد الهادي: “قبل سنوات حصلت مشكلات مع بعض زبائن المصارف الأهلية لدى حالات إفلاس بعضها مثلما حصل مع بنك (الوركاء)، لذا يطمئن المواطن إلى البنوك الحكومية أكثر من غيرها في الوقت الراهن”. وأضاف أنَّ “المصارف الأهلية حدّثت آليات عملها واختزلت بعض حلقات الروتين وواكبت مبادرات البنك المركزي بهدف جذب المواطنين وتنويع العمليات المصرفية التي كانت تحتكرها المصارف الحكومية حتى وقتٍ قريب”.
لكنَّ عبد الهادي يرى أنَّ “هناك بوناً شاسعاً ما بين قطاعنا المصرفي والدول الأخرى من حيث التحديث وسلاسة الإجراءات حيث لا تزال المصارف العراقية متخلفة كثيراً عن نظيراتها في البلدان المجاورة أو في المنطقة”، كما تتقاضى عمولات يراها (عالية جداً)، حسب وصفه.