حرية – (4/3/2023)
سرتيب جوهر
الجزء الاول
“اي مصير ينتظر الاتحاد الوطني الكردستاني بعد مام جلال”
واجه الاتحاد الوطني الكردستاني، الكثير من المشاكل والمعوقات والازمات، بعد غياب رئيسه مام جلال بسبب مرضه ومن ثم وفاته، حيث استطاع مامجلال أن يحافظ على التوازن الداخلي للحزب والسيطرة على مشاكله، اضافة الى خبرته السياسية العريقة والتأريخية، كما لعب دورًا كبيرًا كشخصية بارزة و كبيرة وفذة في العراق وكردستان، وكما قال عادل عبدالمهدي “ذهب معه التأريخ والمرحلة”.
وبعد ان اصيب مام جلال (على روحه السلام) بالمرض، واجه الاتحاد الوطني الكردستاني موقفا صعبا للغاية والتنظيم الحزبي خرج عن المألوف، فبعد غياب مامجلال لنحو سبع سنوات، تعمق الصراع بين جماعات الاتحاد الوطني الكردستاني وازداد البعد بين المكتب السياسي للاتحاد والجماهير، وتم اتخاذ قرارات خاطئة خلال عدة مراحل مختلفة، تعارضت مع الديمقراطية وإرادة شعب الاتحاد الوطني الكردستاني، ومنها تمديد فترة رئاسة الاقليم والمشاركة في مشروع الاستفتاء، حيث اضر القرار الاول كثيرا بالديمقراطية والثاني ألحق ضررا كبيرا بدور الكرد في العراق والمنطقة، ونتيجة هذه القرارات الخاطئة حصل الاتحاد الوطني الكردستاني خلال انتخابات 2013على 18 مقعدًا فقط في برلمان كوردستان!، مما جعل المكتب السياسي للاتحاد وقيادة الاتحاد في وضع صعب للغاية وفي مواجهة انتقادات لاذعة.
أصبح الوضع الداخلي للاتحاد الوطني الكردستاني بعد الاستفاء أكثر صعوبة يومًا بعد يوم، واجتماعات المكتب السياسي اصبحت صعبة جدا، فيما كان يزداد الرغبة والطلب على عقد المؤتمر يومًا بعد اخر، وقامت مجموعات مختلفة من الكوادر بجمع التوقيعات والضغط من اجل عقده، وأخيرا وفي نهاية عام 2019 ، عقد المؤتمر الرابع للاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية.
وشارك في المؤتمر أكثر من 1150 شخصًا، ولم يتم إجراء أي نقاش حول ماضي ومستقبل الاتحاد الوطني الكردستاني باستثناء تقرير المؤتمر! واصبح بمثابة عيب كبير للمؤتمر، وفي الواقع فان المناقشة كانت صعبة بعض الشيء بسبب العدد الكبير من المشاركين، ومن ثم تم التصويت على المجلس السياسي للمصلحة العليا للاتحاد، وانتخاب (د. برهم صالح ، ريواز فائق ، قوباد طالباني) بالتزكية لان هذه المناصب الثلاثة سيادية وبناء على مناصبهم لايجوز ان لايكونوا من القياديين، ولكن من خلال التصويت مُنع جعفر شيخ مصطفى ان يصبح عضو قيادة بالتزكية وعارضه غالبية أعضاء المؤتمر.
ما حدث في المؤتمر لم يكن عاديًا مثل المؤتمرات الأخرى، حيث لايجوز عدم مناقشة أعمال ونشاطات ومشاكل وانتقادات الماضي! كما لايجوز ألا يرسم الحزب خارطة طريقه المستقبلية في المؤتمر، وذلك لان المؤتمر عقد بعد 10 سنوات، وبغياب مام جلال الشخصية الفذة والبارزة للحزب.
وتم انتخاب 121 من القياديين وانتخبوا عن طريق التكتلات، وضمت القائمة التي كانت مشتركة أبناء كوسرت رسول علي ومعظم أعضاء المكتب السياسي والقادة القدماء، وقد حصل لاهور شيخ جنكي على المركز الاول في تصويت المؤتمر، لكن بحسب معلومات جديدة ، وبسبب الحساسيات الداخلية للاتحاد ، لم يتم الإعلان عن تصويت على المركز الأول، فيما تم الاعلان عن الأصوات الأخرى (الثاني والثالث والرابع)، وما تم الإعلان عنه كان بعيدا عن الترتيب الحقيقي.
وبالرغم من كثرة الانتقادات والملاحظات العديدة على المؤتمر ونتائجه، الا انه بعد المؤتمر، تم انتخاب لاهور شيخ جنكي وبافل طالباني رئيسين مشتركين للاتحاد الوطني الكردستاني. وبدأ الحزب بإعادة تنظيم هيكله واجتماعاته القيادية لإعادة تنظيم وضعه الداخلي وعلاقاته وإعادة تشكيل الاتحاد الوطني الكردستاني، ولكن سرعان ما اندلع صراع عنيف بين الرئيسين المشتركين لاهور شيخ جنكي وبافل طالباني.
وبدأ أصل هذا الصراع مع قوباد طالباني ودور ونفوذ الاتحاد الوطني الكردستاني في الحكومة وسياسة الاتحاد الوطني الكردستاني تجاه حزب الديمقراطي الكردستاني وبرز اتجاهين مختلفين على قمة الاتحاد.
الاتجاه الأول كان يتكون من لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني وكان يدعمه عدد كبير من القيادات وأعضاء المكتب السياسي الذين كانوا ضد تهميش السليمانية في أربيل وضد وجود حكومة الظل وكانوا غير راضين عن أداء الحكومة تجاه السليمانية ودور الاتحاد الوطني الكردستاني، أما الاتجاه الثاني فكان يتكون من بافل الطالباني الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني، وقوباد طالباني نائب رئيس الوزراء عن الاتحاد الوطني الكردستاني ، وشاناز إبراهيم أحمد ، المدير التنفيذي للمكتب السياسي.
والاتجاه الثاني كان يعمل ضد الاتجاه الاول وكما قال بافل طالباني في مؤتمر أربيل قبل أيام، “وقف قوباد طالباني ضد ابن عمه من أجل الحكومة” ، أي أنهم كانوا يغازلون سياسات حزب الديمقراطي الكردستاني ومسؤوليه، وكما رأينا عندما وصل لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني ، إلى أربيل في 25 تموز / يوليو 2020 ، مكث عدة أيام وألقى خطابا ضد سياسات وقرارات حكومة مسرور بارزاني قائلا “لا يمكننا دعم هذه الحكومة بهذه الطريقة”، الا انه وفي اليوم التالي بعد عودة لاهور شيخ جنكي، وصل بافل طالباني الى أربيل وزار رئيس الوزراء مسرور بارزاني واعلن انهم يدعمون حكومة مسرور بارزاني! مما أظهر مدى الخلاف والاختلاف في الرأي بين الاتجاهين.
كان هناك صدام خطير للغاية بين الاتجاهين في غضون عام ونصف العام بعد المؤتمر، الاتجاه الأول الذي قاده لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني كان يواجه الحكومة وتفردها وإهمال السليمانية، وأعدت قيادة الاتحاد مشروعا لترسيخ اللامركزية على أساس توسيع الصلاحيات الإدارية والمالية للسليمانية، وارسل المشروع الى الحكومة لمناقشته ولكن نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني قام بتعديل المشروع في اربيل ووضع عراقيل امامه ومن ثم تم اجهاضه.
وبخصوص موضوع الرواتب، حاول الرئيس المشترك للاتحاد لاهور شيخ جنكي ومن معه لتوفير رواتب المحافظات في الموازنة العراقية (2021) على اساس تسليم الايرادات وتم ايجاد صيغة قانونية لها وأقر في المسودة لجنة مالية برلمان العراق، الا ان قوباد طالباني وقف ضد هذا المشروع ايضا وأجهظ هذه المحاولة، ووفقًا للمعلومات فقد واجه نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني الذي كان في بغداد انذاك، بشدة شيروان ميرزا عضو برلمان الاتحاد الوطني الكردستاني في اللجنة المالية، وأزال البند الذي كان متضمنًا في الميزانية لتوفير رواتب المحافظات بما فيها محافظات اقليم كردستان، مما سبب هذا بخلق فجوة كبيرة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني.
وفي محطة اخرى قررت قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني عدم تلبية دعوة نيجيرفان بارزاني لاجتماع الأحزاب السياسية في مقر الرئاسة في أبريل 2021 ، الا ان قوباد طالباني لم يكتف الحضور بنفسه فقط في ذلك الاجتماع وانما رافق معه ريواز فائق وأدت هذه المشاركة إلى صدام عنيف بين الاتجاهين.
واثر محاولة اغتيال غالب محمد في ربيع عام 2021 من قبل ثلاثة متهمين في السليمانية، تجدد مواجهة حادة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، عندما أطلق قوباد طالباني سراح المتهمين الثلاثة من سجن اسايش السليمانية وسلمهم إلى حزب الديمقراطي الكردستاني، حسب قول لجنة التحقيق، وهذا الحادث تسبب في إثارة ضجة كبيرة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني.
واجتمعت قيادة الاتحاد وتم تشكيل لجنة تحقيقية وحملت بوضوح قوباد طالباني مسؤولية تسليم المتهمين الثلاثة إلى حزب الديمقراطي الكردستاني ، ودعت إلى اتخاذ إجراءات ضد المخالفين.
وكانت رئيسة مجلس النواب المنتهية ولايتها ريواز فايق، عقدة أخرى من التعقيدات لعلاقتها المشبوهة مع حزب الديمقراطي الكردستاني ! واعمالها كانت تتعارض مع رغبات وتوجهات القاعدة الجماهيرية للاتحاد الوطني الكردستاني وقرار القيادة، وعلى اثر ذلك وفي أحد اجتماعات قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني، غضب لاهور شيخ جنكي الرئيس المشترك للاتحاد الوطني الكردستاني ، وقال لها: “انك لديك خط متعرج”.
بالتأكيد ان هذه المقدمة كانت هي للخوض في أحداث انقلاب 8 من تموز وعواقبه، ولا أريد أن اكون طرفا في تعقيد الوضع الداخلي للاتحاد الوطني الكردستاني، وإلا فهناك الكثير من التفاصيل والأحداث الأخرى التي لا يمكننا الحديث عنها الآن، ما أعنيه انا هو عرض بعض الحقائق بعد المؤتمر الرابع والانقلاب وتداعياته.
وانتظروا هناك المزيد ….