حرية – 5/3/2023
أحمد الحمداني
الانتقام السياسي بتعريف بسيط هو أحد وسائل السلطة المسيطرة على زمام الحكم في تثبيت أركانها وهو سلوك بشري يدخل ضمن تعريف “الصراع في سبيل البقاء” ولكنه صراع لتحقيق الطمع لا الكفاية.
وهو موجود منذ بدء الخليقة والبشرية ولكن تختلف أدواته باختلاف الزمان والمكان.
الانتقام السياسي يختلف أيضاً باختلاف نظام حكم الدولة سلطوي أو شورى أو ديمقراطي أو أي مسمى حديث لا يخرج عن دائرتين:
الأولى: الحكم بالمشاركة.
الثانية: الحكم الفردي المطلق.
وللانتقام السياسي وسائل فقد يكون بالقتل المباشر للخصوم بلا تقديم أي مبررات للمجتمع الدولي وهذا عندما تكون الدولة متخلفة وخاضعة لقوانين القبائل والميليشيات والمافيات ونظرة للمحيط كفيلة بتوضيح الفكرة وقد يكون بالاغتيالات السرية بالرغم من أن القاتل معروف ولكن لا أحد يجرؤ في المجتمع على توجيه الاتهام إليه حتى لا يلحق بالمقتول!
أيضاً منه التدمير العائلي استهداف السمعة والشرف اوالعزل الاجتماعي او الاضطهاد الوظيفي او الحصار الاقتصادي او النفي من الدولة وممكن الإقامة الجبرية داخل الدولة التجريد من جنسية الدولة (إلغاء المواطنة) استهداف الأرشيف القذر ولا يخلو تاريخ أحد منه ونشره لتحطيم معنويات الخصم إلى آخره من وسائل الشيطان.
ليست المشكلة أن السلطة الحاكمة منذ أن تتسلم مقاليد الدولة في أي مكان وأياً كان شكل نظام الحكم تظن أنها تخترع عجلة الأحداث بينما الحقيقة أن كل ما تفعله ليس إلا إعادة لتدوير التاريخ بوجوه جديدة ورزنامة مختلفة لا أكثر بل المشكلة فيمن يُرتكب في حقهم أشكال من الانتقام السياسي ويستهجنونه ثم يبدؤون بالدخول في الحلقة المفرغة من الاعتراض والاستنكار والصياح بلا اتخاذ خطوات للدفاع عن حقوقهم والانتصار ممن ظلمهم رغم أن القصص الشبيهة ضجت بها كتب التاريخ!
أظنها متلازمة ستوكهولم: التي تعرف هي ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو مَن أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يُظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المُختَطَف مع المُختَطِف.
والتي ترافق المظلومين والمضطهدين
يجب أن نبحث أكثر في سبب تعاطف الضحية مع القصاب خصوصاً عند شعوب العالم الثالث فغريب أنه كلما زاد القرب من خط هذا العالم زاد انبطاح البشر!
إذاً نحن متفقون أن الانتقام السياسي ليس إلا أداة ظلم للآخر والمخالف بغرض إزاحته من السلطة إن كان فيها أو القضاء على فرصته في تسلمها إن كان خارجها أو ما رأيكم؟
السؤال الذي يجيب على ذاته: هل الانتقام السياسي سلوك أخلاقي؟
أظننا أيضاً متفقون أن الانتقام سلوك عدواني قد يصل للإجرام وهو خارج لائحة القيم الأخلاقية.
وبقيَ أن ننوه أن الانتقام السياسي قد ينفذه حليق وملتح، سافرة ومنتقبة علماني التوجه أو ديني المبدأ وأثبتت النظرية النفعية الماكيافيلية أن الغاية تبرر الوسيلة منهج أصيل في الإدارة السياسية وأسلوب مشروع في التسلق للسلطة ويمكن لها أن تجند له من تشاء من مرضى ستوكهولم وهم أغلبية!
ذلك حتى لا نزكي أحداً و نكرمه كشريك أو فاعل أصلي نحن نعلم أن هناك من سيأتي يوم الحساب حامل وزره وهناك من يأتي حامل بقشة فيها وزره ووزر غيره بلا شك هؤلاء من الأشقياء ولكن ماذا عنا نحن؟
فعلنا لنوقف العجلة على الأقل لنخفف الظلم إن عجزنا عن منعه؟!
سؤال إجابته ستؤلم من له أخلاق فقط.