حرية – (5/3/2023)
تناول تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، “المصاعب” و”المعاناة الكبيرة” غير المقصودة التي ترتبت على عراقيين اعتياديين من أبناء البلد من الذين يرومون السفر خارج العراق وبحاجة الى عملة الدولار، والناجمة عن الإجراءات والاحكام المصرفية الأخيرة التي اتبعتها الولايات المتحدة والعراق للحد من التسرب غير المشروع للعملة الصعبة لجهات اجرامية منتفعة خارج البلد ومن المتهمين بغسيل الأموال،
مشيرا إلى أن الطلب على الدولار قد ازداد وان كلفة شرائه بالدينار العراقي قد ارتفعت عند قسم من تجار العملة المحلية.
وتالياً نص التقرير:
طوابير طويلة من العراقيين الذين يخططون للسفر خارج البلد تتشكل في الساعات المبكرة من اليوم خارج محلات الصيرفة وهم يحملون معهم أكياس مليئة بالعملة العراقية، وفي هذه الأيام من الصعوبة العثور على محل صيرفة باقي له رصيد من الدولار، والمحلات التي لها رصيد تنفد مبكرا.
أبو علي، صاحب محل صيرفة في منطقة الكرادة، يقول، “لم تتبق عندي أية عملة دولار.”
الاحكام الجديدة، التي تم تطبيقها بالاتفاق ما بين الولايات المتحدة والعراق، تتطلب شفافية أكثر فيما يخص التحويلات المصرفية لعملة الدولار من حساب الاحتياطي العراقي للعملة المودع لدى البنك الفيدرالي الاتحادي في نيويورك.
ودخلت هذه الاحكام حيز التنفيذ في أواخر العام الماضي، وهي جزء من خطة طال انتظارها لتحديث النظام المالي العراقي مع بدئها لموافقة الأحكام التي تتبعها معظم البلدان وتتأقلم مع أحكام تتطلب مزيدا من الشفافية في التحويلات المالية الدولية.
ولكن قسما من تجار عراقيين وآخرين اعتادوا عملية التسديد بالدولار عبر التحويلات الدولية لم يرق لهم هذا الاجراء او انهم غير قادرين على تطبيق متطلبات الشفافية، ولهذا فانهم لجأوا الى محلات الصيرفة مسببين بذلك طلبا كبيرا على الدولار في الشارع العراقي وارتفاع سعره مقابل الدينار.
كل يوم يقوم البنك المركزي العراقي بتسهيل التحويلات المالية من حسابه في البنك الفيدرالي في نيويورك لصالح تجار عراقيين واشخاص لتسديد اثمان البضائع المستوردة من خارج العراق. عمليات التحويل المالية تعتبر مهمة لان قليلا من الجهات التجارية لديها حسابات مصرفية دولية.
من جانب آخر يتم ارسال حصة من العملة الصعبة نقدا الى البنك المركزي العراقي تذهب الى محلات الصيرفة والبنوك يتم صرفها على نحو كبير لعراقيين ينوون السفر الى الخارج.
ولحد اليوم الذي تم فيه تطبيق هذه الاحكام لم يكن باستطاعة المسؤولين الأميركان تتبع مسار التحويلات المالية للعملة الصعبة وفيما إذا كان ينتهي بها الحال لجهات هي مدرجة أصلا في قوائم العقوبات الاقتصادية.
ووفقا للأحكام الجديدة فانه يتطلب من الأشخاص او الشركات التي تطلب تحويلات مالية لعملة الدولار ان تكشف هويتها وعائديتها وهوية الجهة او الأشخاص التي ستتسلم الأموال، وتتم بعد ذلك مراجعة المعلومات من قبل نظام إلكتروني وكذلك من قبل خبراء في البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي في نيويورك قبل ان يتم صرف الحوالة.
ويقول الخبير الاقتصادي العراقي، احمد الطبقجلي، رئيس صندوق الاتحاد الاسيوي للعراق بان النظام الجديد يسمح للمصارف حول العالم بان تجري تدقيقات الكترونية على الحوالات المالية الصادرة من العراق لبلدان أخرى.
ويضيف الطبقجلي بالقول، “باختصار ان هذا النظام المصرفي يعمل على سهولة كشف الحالات المشبوهة.”
المستشار المالي للحكومة العراقية مظهر صالح، يقول ان كثيرا من الطلبات ترفض الان، مشيرا الى انه في بعض الأحيان تكون الهويات المشكوك بها هي السبب وفي أحيان أخرى يكون السبب هو ان كثيرا من التجار العراقيين لا يمتلكون تراخيص مطلوبة لاستيراد بضائع او انهم غير مسجلين بشكل اصولي على انهم كيانات تجارية وبالتالي يشكلون خرقا للقانون العراقي. وأضاف صالح، بان حالات الرفض هذه خلقت طلبا متزايدا على الدولار لدى محلات الصيرفة العراقية وارتفع سعر تصريفه بشكل كبير على العراقيين الذين هم بحاجة شرعية له.
منذ العام 2003 هناك سعران لمعدل تصريف الدولار امام الدينار العراقي، هناك السعر الرسمي المحدد من قبل البنك المركزي وسعر غير رسمي بالنسبة للسوق السوداء وغالبا ما يكون اعلى، وعندما تكون هناك شحة في عملة الدولار يزيد سعره في السوق السوداء لدى محلات الصيرفة.
الفروقات الحاصلة بين السعرين تخلق مصاعب للعراقيين كما حصل بالنسبة للسيدة، جنة، وهي ام لأربعة أولاد. وتقول انها تقوم بادخار مال لشراء ثلاجة كان سعرها 250 دولارا.
وفي تشرين الأول كانت تكلف بالدينار العراقي 320 ألف دينار، اما اليوم وبسبب شحة عملة الدولار فقد ارتفع سعرها الى 375 ألف دينار، وتقول “ان السعر الجديد هو فوق طاقتي الشرائية.” واستنادا لبيانات البنك المركزي حول التحويلات المالية اليومية للدولار فان الأحكام الجديدة تسببت بتقليص تدفق الدولار للسوق بنسبة 65% تقريبا مقارنة بالفترة التي سبقت هذه الإجراءات، وان معدل البيع اليومي للدولار انخفض من 180 مليون الى 67 مليون دولار.
ومنذ ذلك الوقت بدأت التحويلات تتصاعد ولكنها ما تزال اقل من نصف معدلها الذي كانت عليه قبل تطبيق النظام الصيرفي الجديد.
ويشير التقرير الى انه لحد الان لم يتضح بالضبط حجم التقلص الحاصل في الحوالات المالية غير الشرعية.
ويقول رئيس معهد دول الخليج في واشنطن والسفير الأميركي السابق لدى العراق، دوغلاس سليمان، “لا يمكنني ان أحجم معدل التلاعب والاحتيال بنسبة 90%، ربما نسبة التلاعب 45% ونسبة 45% أخرى عدم كفاءة او مجرد عدم معرفة كيفية التعامل مع الأحكام الجديدة.”