حرية – (7/3/2023)
لم يكن بياض الورود كافياً وقائمة المدعوين بدت مثل مسرح جريمة قتل وهناك تأخير في دعوة ميغان وهاري. هذه هي الشكاوى التي كتبتها الممثلة وابنة الملياردير نيكولا بيلتز عندما نظمت حفل زفافها من بروكلين بيكهام الذي يشاركها الانتماء إلى الطبقة المخملية. أقيم الحفل في منزل عائلة بيلتز الذي تبلغ قيمته 76 مليون جنيه استرليني في بالم بيتش بولاية فلوريدا في أبريل (نيسان) الماضي، حيث عقد الثنائي قرانهما بحضور كبار الشخصيات: ميل بي وسيرينا ويليامز وغوردون رامزي على سبيل المثال لا الحصر. بينما قدم مغني الراب سنوب دوغ تشكيلة موسيقية وأشرف تييري آيزمبرت، الطاهي الشخصي لـبيل كلينتون، على الطعام المقدم. يقال إن كلفة الحفل برمته بلغت 3.5 مليون دولار (ما يعادل 2.85 مليون جنيه استرليني).
على كل حال، لم تكن الأمور وردية بالكامل. استعانت بيلتز بفريقين مختلفين من مخططي حفلات الزفاف وطردتهما أثناء الاستعدادات. وكي يزداد الطين بلة، تبين هذا الأسبوع أن والد بيلتز، نيلسون، يقاضي منظمتي حفلات الزفاف السابقتين، نيكول براغين وأريانا غريجالبا، بحجة أنهما رفضتا في بداية الشهر إعادة عربون بقيمة 159 ألف دولار.
حاولت شركتهما التي تحمل اسم “بلان ديزاين إيفنتس” إنقاذ الحفل قبل ستة أسابيع من موعد عقد القران بعدما تخلت الشركتان اللتان تمت الاستعانة بهما مبدئياً عن المشروع. رفعت السيدتان الآن دعوى قضائية مضادة لدعوى بيلتز وبقية أفراد عائلته يتألف نصها من 188 صفحة تطالبان فيها بتعويض بقيمة 49 ألف دولار بحجة خرق شروط العقد و”التدخل”. تدعي السيدتان أن والد العروس أراد إلغاء حفل الزفاف بالكامل لأنه كان “عرضاً رديئاً”، لكن كلوديا (والدة نيكولا) “توسلت إلى نيلسون ألا يلغي حفل الزفاف لأنه سيدمر مسيرة نيكولا المهنية” بحسب زعمهما.
من الواضح أن الأثرياء والمشاهير مستعدون بكل سرور لإنفاق ما يساوي ثمن جزيرة صغيرة على أعراسهم، لكن لماذا يبدو الأمر مؤلماً جداً لجميع المعنيين في مثل هذا اليوم الذي يفترض أن يكون بهيجاً؟
تعمل مارسي بلَم في صناعة تنظيم الفعاليات منذ 37 عاماً، ويشار إليها دائماً كأفضل منظمة فعاليات في العالم. أقوم بتحفيزها من خلال أسئلة القيل والقال حول حفلات الزفاف التي تنظمها. من صرخ على من؟ من الذي تراجع في آخر لحظة عند تبادل النذور؟ ما هو أغرب شيء طلبه منها عروسان؟ لكنها لا تخبرني وهي مترددة في قول الكثير أساساً. أنا لا ألومها، ضمت قائمة عملاء بلَم نجم كرة السلة ليبرون جيمس والموسيقي بيلي جويل والروائي سلمان رشدي والممثل كيفين بيكن. في يوم زفاف أحد عملائها، تراقب بلَم كل طبق وهو يغادر المطبخ، تشرف على تقديم المشروبات، وتهيئ العروسين للسير بين الضيوف باتجاه المذبح. أخبرتني أن كلفة أغلى حفل زفاف نظمته كانت في حدود “ملايين عدة” من الدولارات.
تقول: “لا يكون الزوجان سعيدين إلا عندما يكون الضيوف سعداء… أنت لا تريدين تخييب آمالهم”. من الواضح أن الزفاف مناسبة توضع فيها السمعة والأموال على المحك. أكدت لي أن العمل مع المشاهير والعملاء البارزين عادة ما يكون “ممتعاً”، مضيفة أن ملحمة بيلتز-بيكهام هي “حالة شاذة”.
على كل حال، كان رأي مخطط الفعاليات الرائد ديفيد توتيرا مختلفاً. ألف ثمانية كتب مستوحاة من حياته المهنية، وهناك فصل يحمل عنوان “هراء المليارديرات” في كتابه الجديد “رحلة الفرح: الكشف عن صبي” الذي يروي سيناريوهات حدثت مع بعض من أعسر عملائه. يقول: “إنه عالم المشاهير والأشخاص المرموقين… ليست لديهم معايير ولا تنقيح”. يروي قصصاً تبدو أنها تستحق تضمينها في فيلم كوميدي رومانسي، مثل الاستعانة بحاخامات مزيفين ومشاهد استعراضية لدخول العروس وحالات انهار فيها العريس.
أخبرت إحدى العرائس توتيرا أنها تريد أن تصل إلى حفل زفافها معلقة بحبل الألعاب البهلوانية في السيرك. كانت اختارت صالة في مدينة نيويورك يزيد ارتفاع سقفها على 21 متراً. يخبرني: “بدلاً من الدخول سيراً على قدميها، أرادت دخول القاعة متدلية من حبل سيرك… اعتقدت بأنها المغنية ’بينك‘ [التي قدمت استعراضاً بهلوانياً على حبل سيرك في حفل جوائز غرامي لعام 2010]. أنا لا أمزح”. أضاف توتيرا أن فستانها كان ضخماً لدرجة أنه لم يكن “آمناً” من الناحية العملية. وبدلاً من حرمانها من تلك اللحظة المسرحية، طلب توتيرا منها أخذ دروس في ألعاب الحبل البهلوانية. يتذكر بنبرة حازمة لكن لبقة: “قلت لها ’اذهبي وتعلمي، وعندما يحل يوم زفافك وتريدين إنزالك من علو 21 متراً، سنحقق لك ذلك‘… كنت أعلم أنها عندما تظهر في حفل زفافها فمن المستحيل أنها ستعلق نفسها على ذلك الارتفاع”.
في مطلب فظيع آخر، طلب من توتيرا تنظيم حفل مزور حرفياً. بعدما تبين أن العريس لا يزال في الواقع متزوجاً من زوجته السابقة، كلف والد العروس توتيرا بالعثور على ممثل يمكنه لعب دور الحاخام. أخبرني توتيرا ضاحكاً: “قال لي ’لا، نحن لن نلغي هذا الزفاف، لقد دفعت كلفه‘. بالتالي كان حفلاً مزيفاً… بعد انتهاء الحفلة، ذهب العروسان كل في طريقه وانفصلا”.
عند هذه النقطة أدركت أن جزءاً كبيراً من عمل توتيرا هو إقناع مفرطي الثراء بعدم إحراج أنفسهم أمام كل من يعرفونهم. يقول: “تصلنا مطالب سخيفة… وغالباً ما يتعين علي التحدث إلى العميل وقول إن هذا الطلب غير آمن أولاً، أو إنه لن يكون واقعياً”. كما يطلب منه عادة أن يكون أكثر من مجرد منظم حفلات زفاف. يوضح: “أصبحت وسيطاً وحكماً وساحراً وصديقاً مقرباً، آخر دور ألعبه هو المخطط والمنظم”. أساله: من الذين تقوم بدور الحكم بينهم؟ يجيب: “الجميع، العروس، العريس، الأم، الإشبينات… عليك دائماً التحلي بشعور أنك مستعدة للمعركة”.
بدوره، يعتقد مارك نيميركو، منظم حفلات الزفاف البريطاني الذي نظم حفل زفاف جيمس كوردن وجوليا كاري، بأن زبائنه “أكثر عقلانية” من العرائس المغاليات اللواتي يظهرن في برنامج تلفزيون الواقع “برايدزيلا” وأمهات العرائس المهووسات اللواتي نسمع عنهن في الثقافة الشعبية. لكن هذا لا يعني أن عملاءه لا يبذلون جهوداً متطرفة لإقامة حفل زفاف متميز. استأجر ذات مرة كلاباً ليضفي على قاعة زفاف إنجليزية مزيداً من “الأجواء الريفية”. حتى إن إحدى العرائس طلبت الوصول إلى زفافها بطائرة هليكوبتر… على رغم أنها كانت موجودة بالفعل في المكان. وفي مناسبة أخرى، تم استئجار قطار من شركة بولمان البريطانية لنقل الضيوف إلى الفندق.
يقول منظم حفلات الزفاف مارك نيميركو إنه اعتاد التعامل مع أزواج “أكثر عقلانية”، مثل جيمس كوردن وجوليا كاري
يقول إن “ديزني” تتحمل لائمة جزء كبير من حفلات الزفاف الخيالية التي لا يمكن تحقيقها. وصف نيميركو في السابق بيكهام وبيلتز “بالعروسين المترفين” بسبب مطالب زفافهما، لكنه يتعاطف مع الرغبة في تنظيم أعراس مثالية. يوضح: “يمكنك قول ما تشائين عن نيكولا، لكنني أتفهم مصدر كل هذا التوتر… عندما تكونين في الثالثة من عمرك وتشاهدين سندريلا والجميلة النائمة وتحلمين بيوم زفافك… ولا تنسي ضغوط المقارنة وتأثير إنستغرام وبنترست! لا عجب في أن العرائس يفقدن صوابهن”.
هذا صحيح ولكن موقف بيلتز لا يبدو جيداً في الدعوى المضادة. تمتلئ مستندات الدعوى بعدد هائل من الرسائل العدوانية الهجومية المرسلة بواسطة “واتساب” على غرار تلك التي شهدتها قضية واغاثا كريستي [التي استمرت ثلاث سنوات بين زوجتي لاعبي كرة القدم البريطانيين الشهيرين وين روني وجيمس فيردي]. مثال على تلك الرسائل، اعتراض بيلتز أن باقات الأزهار ليست بيضاء بما يكفي، أو عندما طالبت برؤية قائمة المدعوين في رسالة مكتوبة بالبنط العريض. علاوة على ذلك، اتهمت غريجالبا وبراغين والد العروس “بالتصرف مثل ملياردير متنمر” بعدما سألتاه عن سبب الاستغناء عن خدماتهما. لكن على الأغلب هذا دليل على أن بعض الأعراس الراقية لا تتعلق بالحب تحديداً بل بالمصالح بالأحرى: كيف يراك الآخرون وبرفقة من يرونك، ما هو مقدار المال الذي يتطلبه الحصول على ما تريد وما هي سرعة حصولك عليه، أما أية تفاصيل أخرى، فليست لها قيمة.