حرية – (9/3/2023)
في تطور لافت، أعلن المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد مقتل حاكم ولاية بلخ، الملا محمد داود مزمل، إثر هجوم انتحاري استهدفه أمام مكتبه في مدينة مزار الشريف عاصمة الولاية شمالي البلاد، وقال مجاهد إن تحقيقا بدأ حول ملابسات الحادث.
من جانبه، قال جاويد فاتح المتحدث باسم الولاية للجزيرة نت “تمكن مهاجم انتحاري من الوصول إلى الطابق الثاني، وعندما وصل الملا محمد داود مزمل وأثناء دخوله إلى مكتبه، مد المهاجم يده للمصافحة وفجّر حزامه الناسف، فقتل الحاكم و3 آخرين، وإن نعش مزمل نقل إلى العاصمة كابل”.ولاية بلخ التي شهدت اغتيال حاكمها الملا محمد داود مزمل بتفجير انتحاري .
المولد والنشأة
ولد الملا محمد داود مزمل عام 1974 بمديرية كرشك التابعة لولاية هلمند جنوبي أفغانستان، وينتمي إلى نورزاي أكبر قبيلة بشتونية بالولايات الجنوبية من أفغانستان، درس العلوم الدينية في مسقط رأسه وتخرج من المدرسة الجهادية أثناء حكم طالبان الأول للبلاد.
بدأ مزمل نشاطه العسكري ضد القوات الأميركية والأجنبية في ولاية هلمند عبر كتيبة الملا أختر محمد عثماني، ولمع نجمه بين عامي 2013-2015 خلال المعارك بهذه الولاية.
غير أن للملا مزمل تاريخا سابقا للغزو الأميركي للبلاد عام 2001، ففي أواخر 1999، اختطفت طائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية كانت في طريقها من كتماندو (عاصمة نيبال) إلى العاصمة الهندية نيودلهي، وأجبرت الطائرة على الهبوط في مطار قندهار الذي كان يخضع آنذاك لحكم طالبان.
وظلت الطائرة وركابها لمدة 8 أيام رهائن إلى أن وافقت نيودلهي على الإفراج عن 3 مقاتلين كشميريين كان من بينهم “مسعود أظهر” الذي أسس لاحقا جماعة مسلحة باسم “جيش محمد”.
في السياق، يقول محمد سليم للجزيرة نت وهو مسؤول سابق في طالبان “لعب الملا مزمل دورا بارزا في التواصل مع خاطفي الطائرة والحكومتين الأفغانية والهندية، ولم يخرج من مطار قندهار لمدة 8 أيام نظرا لحساسية الوضع، وقد تمكن من جلب ثقة الخاطفين والهنود في نقل الرسائل إلى أن توصل الأطراف لحل المشكلة بقبول مطالب الخاطفين وإنقاذ أرواح الرهائن”.
حياته العسكرية
يقول وكيل وزارة الإعلام والثقافة مهاجر فراهي -للجزيرة نت- إن تعيين الملا مزمل نائبا للجنة العسكرية في طالبان، قبل توليها السلطة، كان دليلا على خبرته العسكرية.
فقد اشتهر مزمل بين طالبان عام 2015 عندما أجرى الصحفي وصانع الأفلام الوثائقية الإيراني محسن إسلام زاده مقابلة معه بولاية فراه المجاورة لإيران، حيث صور معاركه ضد القوات الأميركية والأفغانية بهذه الولاية، ثم عمل عام 2017 كحاكم ظلٍ لدى الحركة لهذه الولاية، وتولى لجنة الشكاوى لفترة محددة.
وما لبثت وزارة الخزانة الأميركية أن فرضت قيودا على الملا مزمل عام 2018 بزعم تورطه بالعمليات العسكرية ضد قواتها في البلاد، واتهامه بعلاقته مع إيران.
ويقول سميع يوسف زي الخبير بالجماعات المسلحة للجزيرة نت “يعتبر الملا مزمل من القادة الكبار في طالبان، وكان عضوا مهما في شورى ولاية هلمند، وكان يتمتع بعلاقة قوية مع إيران، ويشكل مقتله ضربة قوية للحركة”.
نشاطه قبيل الانسحاب الأميركي
تولى الملا مزمل الإشراف على العملية العسكرية التي شنتها طالبان ضد تنظيم الدولة أثناء المفاوضات بين الحركة وواشنطن، في ولاية ننغرهار (شرقي أفغانستان) التي تعتبر من أهم معاقل تنظيم الدولة.
إلى ذلك، يقول وكيل وزارة الإعلام والثقافة مهاجر فراهي للجزيرة نت “ما يميز الملا مزمل عن غيره أنه كان يشارك بنفسه في العمليات العسكرية ضد القوات الأجنبية والأميركية بالولايات الجنوبية والغربية، وقد تولى مسؤولية الجبهات العسكرية في 3 ولايات قبيل الانسحاب الأميركي”.
وبعد وصول طالبان للسلطة عام 2021 إثر الانسحاب الأميركي، تولى الملا مزمل منصب حاكم ولاية ننغرهار، ثم عُين نائبا أول لوزير الداخلية، قبل أن يُكلف حاكما لبلخ عام 2022.
والملا مزمل يعد ثاني مسؤول في طالبان يقضي نحبه بهجوم انتحاري، حيث تعرض قائد شرطة بدخشان قبل 4 أشهر للاغتيال في حادث شبيه أمام منزله بمدينة فيض أباد عاصمة هذه الولاية شمالي البلاد.