حرية – (9/3/2023)
مع ما يكابدونه في ظل الحرب والجوع، تأتي الأوبئة والأمراض لتفاقم من معاناة أطفال اليمن، وفي حين تخلصت أغلب دول العالم من داء الحصبة، يواصل المرض المعدي، منذ أسابيع، حصد أرواح العشرات من الأطفال في مختلف مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، في ظل تكتم سلطات الجماعة على الأعداد الحقيقية للضحايا ومحاربة وسائل الوقاية منه.
وترجمة للحال المريعة التي تحيط بهم جراء الوباء، أعلن رئيس منظمة “أطباء بلا حدود” الدولية كريستوس كريستو، الثلاثاء الماضي، انتشار مرض الحصبة وسط الأطفال بمحافظة حجة الخاضعة لسيطرة الحوثيين شمال غربي اليمن، داعياً إلى توسيع نطاق التطعيم.
وقال بيان صادر عن مكتب المنظمة في اليمن، إن “المحطة الأخيرة للرئيس الدولي للمنظمة خلال زيارته للبلاد، كانت مستشفى عبس العام في محافظة حجة، وهي إحدى أكبر الاستجابات الإنسانية لمنظمة أطباء بلا حدود حول العالم”.
تراجع المواجهة
وخلال الزيارة، قال كريستو “رأيت هنا عديداً من الأطفال المصابين بعدوى الحصبة، والفريق الطبي أفاد بأن السبب الرئيس في هذه الزيادة هي الفجوة الكبيرة في اللقاحات الروتينية وانخفاض مستوى التطعيم بين الأطفال”، وفق البيان.
وأضاف رئيس المنظمة “من الواضح أن هناك حاجة إلى توسيع نطاق أنشطة التطعيم وأتيح لي الفرصة لمناقشة هذا الموضوع مع وزير الصحة (بحكومة الحوثيين) في صنعاء (طه المتوكل) وأكد أنهم سيبذلون الجهود لتوفير اللقاحات للجميع”، من دون الكشف عن مدى قابلية الميليشيات بالسماح للفرق الصحية تنفيذ حملات التلقيح.
ماسونية اللقاحات
وعلى مدى الأشهر الماضية، شنت ميليشيات الحوثي حرباً مفتوحة ضد اللقاحات الطبية للأطفال، ومنعت المواطنين من تلقيح أبنائهم وسط تفشي عدد من الأوبئة، وهو ما دفع الحكومة اليمنية ومنظمات دولية لعقد ندوات للتحذير من الإجراءات الحوثية القاتلة.
ونظمت سلطات الميليشيات بصنعاء، ندوة بعنوان “خطورة اللقاحات على البشرية” بحضور عديد من قياداتها، على رأسهم رئيس حكومة الحوثي عبدالعزيز بن حبتور ووزير الصحة، الذي قال إن اللقاحات وجرعات التحصين “سموم ومؤامرة يهودية وفكرة شيطانية تهدف إلى قتل ملايين البشر”.
في الندوة ذاتها شارك وزير الصحة في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها) طه المتوكل، قائلاً إن وزارته تعتبر “اللقاح ليس إلزامياً بالمطلق”، وإن “من يصر عليه ويطالب به نمنحه إياه على أن يتحمل المسؤولية”.
رد الفعل بحملة
في إطار إيجاد معالجات في المقابل، أطلقت الحكومة الشرعية، الأسبوع الماضي، حملة تطعيم موسعة ضد مرض شلل الأطفال.
وتهدف الحملة إلى تطعيم أكثر من مليون و290 ألف طفل دون سن الخامسة في 12 محافظة، وكذلك الحد من انتشار مزيد من حالات شلل الأطفال في المناطق اليمنية التي تصارع انتشار الأوبئة والأمراض، بسبب البنية التحتية الهشة للرعاية الصحية، ونقص الخدمات الطبية الأساسية.
يقول الأطباء، إن هناك عشرات من الحالات التي ترقد في غرف عنايات المستشفيات الخاصة والحكومية، مرجحين أن موسم الدراسة واختلاط الأطفال ببعضهم زاد من معدلات انتشار الحصبة.
في معالجة أخيرة، يقول سكان محليون إنهم آثروا عزل أطفالهم في المنازل والاعتناء بهم بدلاً من المستشفيات عقب حملات الميليشيات على منع التحصين، فضلاً عن عدم مقدرة آخرين على دفع كلفة العناية الطبية التي تفرضها المشافي.
نتيجة ذلك، يحذر الطبيب في مستشفى الثورة، جمال عبدالمغني من الأوبئة كون مرض الحصبة منتشراً وكذلك السعال الديكي.
وأضاف في مقال نشره على صفحته بموقع “فيسبوك”، “مصر منعت دخول أي طفل يمني ما لم يحمل شهادة تطعيم. العالم يتعامل معنا على أساس أننا بلد موبوء”.
مناشدات وضحايا
سكان محليون بمحافظة حجة (شمال) ناشدوا المنظمات الإغاثية والدولية إنقاذ أرواح مئات الأطفال المصابين.
ووفق مناشدات نشرها نشطاء وسكان محليون فإن قرى المرخام والعوارض والمغرز في منطقة حجر اليماني التابعة لمديرية المحابشة، تعد من أكثر مناطق المحافظة تضرراً من الوباء.
وفي محافظة الجوف (شمال شرق) نقل طبيب القلب، مروان الغفوري المقيم في ألمانيا، عن مصدر طبي قوله، إن أكثر من 10 أطفال توفوا خلال الشهرين الماضيين نتيجة مضاعفات الحصبة من بينهم طفلتان توأم.
كما أكد سكان في محافظات ذمار وإب والحديدة إصابة العشرات في المدن الرئيسة والقرى البعيدة بالحصبة، ووفاة أعداد منهم.