حرية – (14/3/2023)
أصبح ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان يمشي على حبل مشدود ويحاول إجراء موازنات في علاقات بلاده الخارجية قد تكون هي الأصعب في حياته العملية الآن.
بهذه العبارة علق تحليل نشره موقع “أوراسيا ريفيو” على إعلان السعودية وإيران، قبل ساعات، عن إعادة العلاقات الدبلوماسية والأمنية بينهما، بعد وساطة ورعاية من الصين، وهو الإعلان الذي جاء بعد تقارير عن عرض سعودي تم تقديمه للولايات المتحدة لتطبيع المملكة مع إسرائيل مقابل صفقة من 3 بنود في العلاقات بين الرياض وواشنطن.
التحليل ــ الذي كتبه جيمس دورسي، الأكاديمي والزميل في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية ــ اعتبر أن التطور المفاجئ بإبرام صفقة لعودة العلاقات السعودية الإيرانية، بدعم من الصين، كان بمثابة هدية من كلا البلدين لبكين، ومثالا نادرا على نجاح جهود الصين في الوساطة بأزمات إقليمية ودولية ملحة.
ملفان لا ينفصلان
ويعتبر دورسي أن الإعلان عن عودة العلاقات بين السعودية وإيران لا ينبغي أن ينفصل عن أنباء العرض السعودي للتطبيع مع إسرائيل، مقابل تلقي الرياض امتيازات أمريكية، تتمثل في ضمانات أمنية مشددة من واشنطن، ومساعدة في البرنامج النووي السعودي للأغراض السلمية، وإلغاء أو تقليل القيود على مبيعات الأسلحة الأمريكية للمملكة، وهي الصفقة التي نشرها “أوراسيا ريفيو”، في تقرير، قبل ساعات، ترجمه “الخليج الجديد” أيضا.
وبحسب التحليل، فإن تصاعد قدرات إيران العسكرية خلال الفترة الماضية، والتي وصلت إلى بداية ذروتها بعد التعاون مع روسيا في أوكرانيا، يشير إلى أن السعوديون يحاولون الموازنة بين محاولة تخفيف التوتر مع الإيرانيين كقوة عسكرية صاعدة في المنطقة، وأيضا السعي لضمان علاقة أخرى مع الولايات المتحدة وإسرائيل ستفيد الرياض أمنيا وعسكريا في مواجهة طهران.
هذه الموازنة تمثل حبلا مشدودا للغاية وشديد الحساسية بدأ ولي العهد السعودي في السير عليه الآن، وفقا للتحليل.
صفقة التطبيع
لهذا السبب، فإن استعادة العلاقات السعودية الإيرانية الأخير لن يزيح صفقة التطبيع المقترحة بين الرياض وتل أبيب من على الطاولة، رغم أن هذا التطبيع تنظر إليه إيران كتهديد يصعب التسامح معه.
وينظر إلى إسرائيل، لاسيما خلال الفترة الأخيرة، على أنها قد تكون ضامنا محتملا لأمن دول الخليج في مواجهة إيران، ولا تزال السعودية، ومعها الإمارات على الأقل، تنظر بإيجابية للحرب السرية بين إسرائيل وإيران والتي ترجمت إلى ضربات وهجمات على أهداف تابعة لطهران في سوريا والعراق وداخل إيران ذاتها، وفي الوقت نفسه تخشى دول الخليج أن تكون هدفا لأي انتقام إيراني كبير.
ويرى التحليل أن الالتزام الدفاعي للولايات المتحدة يمكن أن يقلل من هذا الخوف بالسعودية ودول الخليج، كما يمكن أن يشجع إسرائيل على الانخراط أكثر بالمنطقة، في الوقت الذي يمكن أن تؤدي فيه إعادة العلاقات السعودية مع إيران إلى تغيير ديناميكيات التنافس بين البلدين.
هكذا تتداخل الملفات وتدور في فلك متوازن، بحسب دورسي، فالخوف من الانتقام الإيراني من الخليج سيكون أقل في حال التوصل إلى صفقة سعودية أمريكية إسرائيلية لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، وعلاوة على ذلك فإن إعادة العلاقات السعودية الإيرانية قد يهدئ هذا الأمر برمته، لتكون تفاصيل المشهد الأخير دالة على حالة توازن ردع في المنطقة تقف على أرض أكثر صلابة.
علاوة على ذلك، ستمكن الصفقة السعودية الأمريكية الإسرائيلية المقترحة ابن سلمان من تلبية احتياجاته الدفاعية الأكثر إلحاحًا ، ودفع عجلة إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط بشكل كبير ، وإنشاء إطار عمل لعلاقات المملكة مع الولايات المتحدة والصين، وفقا للتحليل.
وإذا تم إبرام الصفقة أيضا، فإنها ستخلق دعامة لنظام عالمي جديد ثنائي القطب وثلاثي الأقطاب للقرن الحادي والعشرين مع الولايات المتحدة والصين باعتبارهما القوى العظمى الأولية، التي انضمت إليها الهند في مرحلة لاحقة، والعديد من القوى المتوسطة، مثل السعودية، مع تعزيز الوكالة والنفوذ.
كما أنه سيفتح الباب أمام اعتراف العديد من الدول ذات الأغلبية المسلمة بإسرائيل ، لا سيما في آسيا.
وعلى نفس القدر من الأهمية، فإن الصفقة ستعيد ترسيخ ثقة الخليج في مصداقية الولايات المتحدة كضامن للأمن الإقليمي.
ولا تزال الصعوبات أمام تلك الصفقة حاضرة، لاسيما فيما بتعلق بالتباينات السياسية بين إدارة بايدن ومن خلفها الكونجرس، خاصة الديمقراطيين بداخله، وبين السعودية الآن، حيث يطالب هؤلاء محمد بن سلمان بإثبات أولا أنه شريك موثوق للولايات المتحدة وأن يوقف نهجه المتهور في المنطقة، قبل إحداث أي تقارب من شأنه وضع صفقة كهذه على الطاولة.