حرية – (19/3/2023)
🔷 أشكر المعهد العراقي للحوار على تنظيم هذا المؤتمر، وأرحب بالباحثين والأكاديميين والمتخصّصين الذين جاؤوا من كل مكان للمشاركة، مما يدل أن العراق استعاد مكانته الطبيعية حاضناً للحوارات والمؤتمرات.
🔷 على أعتاب الذكرى العشرين لسقوطِ النظامِ الدكتاتوري، نستذكرآلامَ شعبِنا ومعاناتهِ في تلك السنين التي سادتها الحروبُ العبثيةُ والتخريبُ الممنهج، حتى جاءت لحظة التغيير في عام 2003، وصار شعبُ العراقِ صاحبَ القرارِ فتقاطرت جموعُ العراقيين في سنةِ 2005 نحوَ صناديقِ الاقتراعِ بانتخاباتٍ تتحدّى القذائفَ والهجماتِ الإرهابيةَ الانتحاريةَ.
🔷 بدأَ التحدي الأهمّ عبر اختيار دستورٍ دائمٍ يُنهي الحالةَ الشاذةَ التي سارَ عليها النظامُ الدكتاتوري، الذي صاغَ دستوراً مؤقتاً يوافقُ مزاجَه، من دون أي اعتبارٍ أو مراعاةٍ للحقوقِ الأساسيةِ لجميعِ العراقيين.
🔷 لقد اختارَ العراقيون، في 15 تشرين الأول 2005، دستوراً دائماً يؤسسُ للمواطنة، ويضمِنُ كلَّ الحريات، وصارَ السقفَ الآمنَ الذي يستظلُّ به العراقيون، بعد أنْ عاشوا تحتَ ظلالِ الخوفِ والقهر.
🔷 مرّت على أبناء شعبنا مرحلة قاسية بسبب الإرهاب، فكانت مناظرُ الجثثِ الملقاةِ في الشوارعِ جراءَ القتلِ على الهُوية، غريبةً على العراقيين الذين تعايشوا لمئاتِ السنين، وهم يتقبلون بعضَهم بلا حساسيةٍ أو استنفارٍ طائفي، أو كراهيةٍ عنصريةٍ أو قومية.
🔷 و جاءت صدمةُ احتلالِ تنظيمِ داعش الإرهابي لمناطقً واسعةٍ من محافظاتِنا، ثم استنفرَ العراقيون جميعاً، بعد فتوى الجهادِ الكفائي، ولملموا شملِهم، وتزاحموا على السواترِ ليسطروا أروعَ القصصِ عن شعبٍ تجاوزَ جراحَه، وخاضَ أشرسَ المعاركِ لتحريرِ أرضهِ من أسوأِ عصابةٍ إرهابية.
🔷 بعد أن عبرنا المحنة، كانت آثار التلكؤ واضحة، وأخذت الشكوى من سوء الإدارة وهدر الأموال بالتنامي، و شهدنا الكثير من علامات السخط إزاء عدم قدرة مؤسسات الدولة على الإصلاح والقيام بواجباتها، وبعد مخاضٍ عسير، خلالَ سنواتِ ما بعدَ التحرير، جاءت حكومتنا الحالية.
🔷 هذه الحكومةُ التي رسمت برنامجاً طموحاً وشاملاً يعملُ على النهوضِ بالعراق، والسيرِ بهِ نحوَ استثمارِ كلِّ ثرواتهِ وطاقاتهِ وتوظيفِها لتعويضِ ما فاتهُ من سنواتِ الخراب.
🔷 والأهمُّ هنا، هو السيرُ بالعراق إلى ضفافِ الهدوءِ السياسي بعيداً عن الخلافاتِ التي عطلتنا كثيراً عن خدمةِ أبناءِ شعبِنا الذين طالَ صبرُهم علينا. فعقدنا العزمَ، وتوكلنا على الله، لننجزَ ما تلكأَ إنجازَه، ونبني ما تمَّ التخطيطُ له.
🔷 ننطلق من الثقة بمقدراتِ البلدِ لتحريكِ مفاصلِ الاقتصادِ وخلقِ فرصِ عملٍ جديدة، وتطويرِ الخدماتِ ومكافحةِ الفقرِ وتوسيعِ دائرةِ المشمولين بالرعايةِ الاجتماعية، واحياءِ الضمانِ الصحي.
🔷 يشاركُنا في هذه البرامج، القطاعُ الخاصُّ الذي منحناه دوراً مهماً في الموازنةِ الاستثنائيةِ التي صوّتنا عليها لثلاثِ سنواتٍ في خطوة جريئة، تعبيراً عن رؤية واضحة تؤسس لمرحلة جادة ومختلفة،و لتنطلق حركة الإعمارِ والتي سنتابعُها بدقة، سواءٌ عبر ِالمتابعةِ الشخصية أم عبر اللجانِ الحكوميةِ التي شكلناها.
🔷 لنْ نتهاونَ هنا مع أيِّ تراجعٍ أو تلكؤٍ أو خللٍ قد يتسببُ باستغلالِ مالِ الشعبِ لمصالحَ ذاتيةٍ أو حزبيةٍ أو فئوية. فالثروةُ الوطنيةُ ملكُ العراقيين جميعاً.
🔷 عازمون على مكافحةِ جائحةِ الفساد، تلك المعركةُ الكبرى التي إنْ تهاونّا فيها خسرنا كلَّ معاركِنا الأخرى.
🔷 الانتصارُ لا يأتي إلّا من التعاونِ بين كلِّ مؤسسات الدولة، فتضافرُ جهودِ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، سيعبدُ الطريقَ لتحقيقِ كلِّ الأهدافِ المرسومةِ التي لا نبتغي منها سوى وجهِ اللهِ والعراق، ورضا شعبِنا.
🔷 إن التحديَ الأكبرَ هو استعادةُ ثقةِ المواطنِ التي تراجعت نتيجةَ ضعفِ الأداءِ وكَثرةِ الوعودِ والأقوالِ وقلّةِ الأفعالِ والإنجاز.
🔷 إن النظامَ الذي قضى وانتهى بشخوصهِ وتشكيلاتهِ لا يزالُ مقيماً في الكثيرِ من المرافق، وما زلنا نعاني من منظومةٍ قانونيةٍ باليةٍ وبعقليةٍ مركزيةٍ متخشّبة، ما يتطلبُ الحزمَ في الإصلاحِ والإسراعَ في وضعِ الأمورِ بنصابِها الصحيح.
🔷 إنَّ الماضي بكلِّ ما فيهِ من محنٍ وخراب، قد صارَ درساً مهماً لنا اليومَ لنثبتَ، لأنفسِنا وللعالمِ أجمع، أنَّ العراقَ مهما تسلقت على ظهرهِ المحن، ومهما خذلتهُ أقدارهُ بسببِ الدكتاتوريةِ وسوءِ الإدارة، فإنَّه يمتلكُ الإرادةَ والمقوماتِ على النهوضِ والعودةِ إلى حيثُ الأماكنُ الي تليقُ به.
🔷 إننا نمتلكُ ثرواتٍ متنوعةً هي مصدرُ قوةٍ لنا. ثرواتٍ بشريةٍ ومكوناتيةٍ وطبيعيةٍ وحضاريةٍ وثقافية. وهي ثرواتٌ تجعلُ العراقَ بلداً قادراً على صنعِ الفرادةِ والتميز.