حرية – (20/3/2023)
اثارت حادثة تحطم مروحيتين كانتا في طريقهما إلى السليمانية من شمال شرق سوريا، تضمان قيادات في قوات سوريا الدمقراطية، عن عمق التعاون والتنسيق العملياتي بين الاتحاد الوطني وقوات “قسد” الأمر الذي لا يشغل تركيا فقط بل أيضا الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أصدر بيانات وتوضيحات ومطالبات بالتحقيق.
وسلطت حادثة تحطم مروحيتين في الخامس عشر من الشهر الجاري كانتا في طريقهما إلى مدينة السليمانية، معقل الاتحاد الوطني في كردستان العراق، وتضم عددا من عناصر النخبة في قوات سوريا الديمقراطية، الضوء على حجم التعاون القائم بين الجانبين.
وبحسب المعلومات المتوفرة لا تملك قوات سوريا الديمقراطية، المعروفة اختصارا بـ”قسد” المدعومة من التحالف الدولي والتي تسيطر على شمال شرق سوريا هذا النوع من المروحيات، ما يرجح فرضية أن تكون المروحيتان اللتان تحطمتا، على ملكية الاتحاد الوطني، وهو ما أكده الأحد رئيس حكومة كردستان مسرور بارزاني في لقائه مع وفد دبلوماسي متعدد الجنسيات.
وقال بارزاني، في كلمة له خلال اجتماعه مع قناصلة وممثلي الدول في الإقليم والعراق “كما تعلمون قبل أيام كانت هناك حادثة سقوط مروحية، ويوجد بعض الغموض حول ما حدث. بخاصة عندما نشرت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بيانا حول الحادثة وتقول إن المروحية وكل ركابها الذين قتلوا من عناصرها”.
وأضاف رئيس حكومة الإقليم الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي “هاتان المروحيتان في الأصل تم شراؤهما من قبل مجموعة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، ولكن كيف ولماذا وصلتا إلى يد قوات سوريا الديمقراطية هذا ما لا نعرفه. ولماذا كانتا موجودتين في هذا المكان وتحطمتا هناك، هذا ما يحتاج إلى تحقيقات أكثر”.
وقال بارزاني “سنعمل مع الحكومة الاتحادية والتحالف الدولي ضد تنظيم داعش لإجراء تحقيقات أكثر في هذه الحادثة، لمعرفة سبب تحليق هاتين المروحيتين في هذا المكان دون وجود أي رخصة”.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية كشفت في وقت سابق أن طائرتي هليكوبتر تقلان قوات النخبة تحطمتا في طريقهما إلى السليمانية.
وأشارت قسد إلى أن الوحدات كانت جزءا من “تبادل الخبرات” في محاربة تنظيم داعش. وكان من بين الضحايا شروان كوباني، من عائلة القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني، المعروف أيضا باسم مظلوم عبدي.
وقوات سوريا الديمقراطية تشكلت في العام 2014 في شمال شرق سوريا، بدعم من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش، وتعد وحدات حماية الشعب الكردي التي تتهمها تركيا بأنها امتداد لحزب العمال الكردستاني عمودها الفقري.
وتمثل هذه القوات مصدر تحد بالنسبة لتركيا، التي سبق وأن خاضت ضدها ثلاث حروب خلال السنوات الماضية، وقد شهدت العلاقة بين هذه القوات والاتحاد الوطني الكردستاني تطورا ملحوظا في الأشهر الماضية.
وسبق وأن قام رئيس الاتحاد الوطني بافل طالباني بزيارة إلى الحسكة في ديسمبر الماضي، حيث التقى بقيادات قسد وعلى رأسها قائدها مظلوم عبدي، وأيضا بقائد قوات المهام المشتركة في عملية العزم الصلب الجنرال ماثيو ماكفارلين.
وعدت تلك الزيارة رسالة عن رغبة رئيس الاتحاد الوطني في لعب دور متقدم في ساحة شمال شرق سوريا، كما وأنه لا يمكن إغفال تأثيرات الصراعات الكردية، فغريم الاتحاد أي الحزب الديمقراطي يرتبط بعلاقات قوية مع المجلس الوطني الكردي، وهو مجموعة من الأحزاب المنافسة للوحدات الكردية في هذا الشطر السوري.
ويرى متابعون أن منح الاتحاد الوطني الكردستاني لمروحيات تستخدمها قيادات الوحدات الكردية، يشي بأن العلاقة بينهما باتت تتجاوز مجرد الدعم المعنوي إلى الدعم العملي، وأن هناك تنسيقا عملياتيا يجري بين الطرفين.
ونشر جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم عبر حسابه الرسمي على فيسبوك الأحد بيان مجلس الأمن في إقليم شمال العراق حول المروحية المتحطمة.
ولفت البيان إلى قيام مروحيتين بالتحليق بين شمالي سوريا ومدينة السليمانية، دون إبلاغ المؤسسات الرسمية في الإقليم. وقال إن “طرفا في السليمانية” قدم أشكالا مختلفة من المساعدة لتنظيم قسد، بشكل سري وغير رسمي.
والخميس، أعلنت حكومة إقليم كردستان أن بعض من كانوا في المروحية المتحطمة في دهوك هم أعضاء في حزب العمال الكردستاني.
ما كشفته الحادثة من تعاون بين قسد والاتحاد الوطني من شأنه أن يشكل مصدر إزعاج كبير، ليس فقط بالنسبة لتركيا، بل وأيضا للحزب الديمقراطي الكردستاني.
وأفاد بيان نشرته وحدة مكافحة الإرهاب في حكومة الإقليم بأن المؤسسات المعنية في إقليم كردستان تواصلت مع الحكومة المركزية العراقية وقوات التحالف الدولي وتركيا بشأن المروحية المتحطمة، وتبين لها أنها لا تعود للجهات المذكورة.
وذكر أن القوات الأمنية بدأت تحقيقا أوليا حول الحادثة، حيث أشارت النتائج المبدئية إلى أن المروحية من طراز “يوروكوبتر أي.أس 350″، وأن بعض القتلى هم عناصر في حزب العمال.
ويرى مراقبون للشأن الكردي أن ما كشفته الحادثة من تعاون بين قسد والاتحاد الوطني من شأنه أن يشكل مصدر إزعاج كبير، ليس فقط بالنسبة لتركيا، بل وأيضا للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده الزعيم السياسي المخضرم مسعود بارزاني.
ويلفت المراقبون إلى أن هذا الأمر من شأنه أن يقود إلى زيادة فجوة عدم الثقة بين الحزبين، وينسف جهود التهدئة الجارية بينهما، مشيرين إلى عودة التصعيد الكلامي بين الجانبين، وتلويح الاتحاد بالانفصال مجددا، بعد تأكيدات طالباني خلال الفترة الماضية بأنه ليست للاتحاد أي نوايا للسير في هذا السيناريو.
وعلق عضو المكتب السياسي للاتحادالوطني الكردستاني، ستران عبدالله على الاتهامات الموجهة للاتحاد بدعم حزب العمال الكردستاني بالقول “شرف لا ندعيه واتهام لا ننفيه” استناداً الى مقولة للرئيس راحل جلال طالباني.
وانتقد عبدالله الحملة الجارية من الديمقراطية ضد الاتحاد مستعينا بدول الجوار (تركيا) لأنه ساندا طرفا كرديا بطائرات مروحية وفق مزاعم الحملة والبيانات.