حرية – (21/3/2023)
يحمل رئيس الوزراء في جعبته إلى تركيا مشروع القناة الجافة والذي يعود بالفائدة على العراق وجيرانه ويجعله محورا تجاريا في المنطقة فيما أثارالبعض مخاوف من هجمات العمال الكردستاني.
أهمية القناة الجافة في المنطقة
ويقول الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط “اورسام” التركي المقيم في أنقرة عادل زين العابدين، إن “هناك مجموعة من المشتركات بين تركيا والعراق، أولها موضوع النفط والغاز المستخرج من إقليم كردستان وثانيها الموضوع الأمني الخاص بحزب العمال الكردستاني وثالثها القناة الجافة”.
ويضيف زين العابدين، أن “تركيا تتابع مراحل بناء ميناء الفاو بأهمية كبيرة، لأنها تعتبر هذه القناة ممرا للانفتاح التركي نحو المياه الخليجية، ومن جانب آخر فأن تركيا ستتحول إلى ممر إستراتيجي بين الشرق والغرب، أي بين أوروبا والهند والصين”.
مبينا أن “تركيا في العام 2020، وخلال زيارة رئيس الحكومة العراقي السابق مصطفى الكاظمي إلى أنقرة، أعلنت عن تقديم 5 مليارات دولار بصيغة ديون مؤجلة للعراق، وخصصت للاستثمار، وقد زارت وفود تركيا العراق لبحث آليات استثمار هذه المبالغ، وهذا الدعم يشمل القناة الجافة، وممكن أن يتحقق على أرض الواقع إذا طلب العراق ذلك”.
الأخطار المحدقة بالقناة الجافة
ويؤكد أن “هناك تخوفا لدى أنقرة من عاملين بشأن القناة الجافة، أولها حزب العمال الكردستاني المتمركز في سنجار، خاصة وأن القناة الجافة ستمر بمحافظة نينوى، وهناك توقع تركي ان ينفذ الحزب عمليات تعيق هذه القناة، والعامل الثاني هو الجماعات المسلحة، فتركيا تتوقع أن تعمل هذه الجماعات على ضرب المصالح التركية ومنها القناة الجافة”.
ويتابع أن “تكلفة القناة الجافة تصل إلى 20 مليار دولار، بشقيها سكك الحديد والطريق البري السريع، وهذه التكلفة لا يمكن للعراق أن يتحملها لوحده حتى إذا استمرت أسعار النفط بهذا المستوى، لذا من المتوقع أن يتفاوض مع تركيا من أجل أن تشارك ببعض التكاليف”.
ومن المفترض أن يزور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، تركيا لبحث عدة ملفات منها المياه والعمليات العسكرية والتبادل التجاري، إضافة إلى القناة الجافة.
وكان السوداني، قال يوم أمس، إن: نتطلع إلى تنفيذ مشروعات اقتصادية طموحة مع تركيا، في قطاعي الطاقة والنقل وتحويل العراق الى مركز للتجارة العالمية بين آسيا وأوروبا من طريق مشروع ميناء الفاو الكبير، ونهدف من هذا المشروع العملاق الذي سيمتد على مساحة تزيد عن 20 ميلا مربعا إلى فتح الطريق أمام وثبة اقتصادية للعراق.
كما أكد السوداني أن مشروع ميناء الفاو الكبير سيشمل ممر القناة الجافة التي سيشكلها طريق سريع وخطا للسكك الحديدية ويمر عبر الديوانية والنجف وكربلاء وبغداد والموصل ويمتد إلى الحدود التركية، وسنناقش تفاصيل هذه المشروعات مع المسؤولين الأتراك في إطار مساعينا لتعزيز الشراكة الاقتصادية والتجارية مع تركيا.
يذكر أنه من المخطط، أن يكون ميناء الفاو نقطة الربط بين شرق اسيا وبين اوروبا، وسيحول العراق الى ممر للبضائع، تبدأ من ميناء الفاو وتمر بريا عبر خطوط حديثة الى تركيا ومنها الى اوروبا، ما يختصر الفترة الزمنية لنقل البضائع الى ساعات، بدلا من 20 يوما تقريبا عبر قناة السويس، وهي الممر الحالي الرابط بين شرق آسيا وأوروبا.
شروط إنشاء القناة الجافة
إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن الاقتصادي باسم أنطوان، ان “مفاوضات إنشاء مشروع القناة الجافة، لن تكون سهلة وستكون بمراحل متعددة وسيكون هناك فرض شروط ومطالب متبادلة بين الجانب العراقي والتركي، خصوصاً أن هذا المشروع مهم وسيكون ممرا لنقل البضائع نحو أوروبا، فهو سوف يختصر الوقت من شهرين الى أسبوعين او اقل من ذلك، واكيد سوف تدخل ضمن هذا المشروع بعض القضايا السياسية والأمنية وغيرها التي تخص الجانب التركي ودول المنطقة”.
ويبين أنطوان أن “الوضع الاقتصادي لتركيا لا يساعدها الدخول بهكذا المشاريع العملاقة في شأن الصرف، خصوصا بعد أحداث الزلازل، فهذا كلفها خسائر مادية كبيرة، ولهذا نعتقد ان تركيا سوف تترك الأعباء المالية الأكبر سوف تقع على العراق، وهذا الامر سيكون وفق اتفاقيات موثقة، وهي تحتاج بصراحة لوقت ليس بالقصير”.
القناة الجافة عراقية بالكامل
ويضيف أن “مشروع القناة الجافة، سيكون تحت التصرف العراقي بشكل كامل ولا اعتقد سوف يسمح بان تستغل ايران هذا المشروع لنقل بضائعها نحو تركيا وأوروبا، خصوصاً مع استمرار العقوبات الاقتصادية على طهران، ولهذا العراق سيكون حذر بقضية السماح لإيران باستغلال هذا المشروع للمصالح الإيرانية، وستكون هناك رقابة أمريكية شديدة على هذا المشروع، كما حتى تركيا لن توافق على استغلال المشروع من قبل ايران”.
وفي تموز يوليو 2019، أعلن وزير النقل السابق، عبد الله لعيبي، عزم بغداد ربط البلاد بسكك حديد مع تركيا.
مبيناً أن “كل عملية ربط بين دول تخضع لمعيارين، الأول هو الجدوى الاقتصادية، والثاني الاعتبارات السياسية”.
وتأتي هذه التطورات، في وقت تحاول كل من إيران والكويت ربط خطوط سكك حديد مع محافظة البصرة للاستفادة من موقع العراق المهم على مستوى التجارة الدولية، ولتكون بديلا عن ميناء الفاو من خلال استقبال البواخر والسفن التجارية في موانئ الدولتين، فيما يتحول العراق الى مستقبل للبضائع فقط وممر بري لها فقط، في وقت سيتيح ميناء الفاو الفرصة للعراق ان يكون المستقبل للسفن والبضائع مباشرة، ويتحول الى قوة اقتصادية كبرى في المنطقة.
تأثيرات الربط السككي
وأجمع خبراء ومختصون على تأثير مشاريع الربط السككي مع الكويت وإيران سلبيا على نشاط الموانئ العراقية، ما سيؤدي لانتقال الحركة التجارية إلى الموانئ الكويتية والإيرانية القريبة من البصرة، كما أن نقل البضائع للعراق عبر القطارات سيؤدي إلى إقصاء الموانئ العراقية من المنافسة بالكامل.
وكانت إدارة الشركة العامة لسكك حديد العراق، أعلنت في العام 2021، عن إجرائها لقاء مع وفد شركة (يابي مركزي) التركية لمناقشة الربط الى تركيا عبر القناة الجافة اضافة الى امكانياتها برفع كفاءة الخطوط الفرعية والرئيسية بتأهيلها ضمن المواصفات العالمية لزيادة وتأمين انسيابية سير قطارات المسافرين والبضائع.
مشروع دولي
من جهته يعتقد الباحث في الاقتصادي ناصر الكناني، أن “تركيا ستوافق على مشروع القناة الجافة، كون هذا المشروع سوف يورد لها عائدات مالية كبيرة جداً، وهذا المشروع مهم جداً لانقرة، كما ان هذا المشروع ليس فقط يخص العراق وتركيا، بل هو مشروع دولي، كونه القطار الذي سيخرج من العراق نحو تركيا سيذهب الى أوروبا، كما ان القضايا السياسية لدول المنطقة ستكون محل نقاش ضمن المشروع”.
ويبين الكناني انه “في حال تم العمل بمشروع القناة الجافة، فستكون المصاريف المالية لهذا المشروع ضمن الحدود العراقية من مسؤولية الحكومة العراقية والعمل على المشروع ضمن الحدود التركية، سيكون الصرف المالي عليه من قبل الحكومة التركية، وهذا سيكون ضمن اتفاق موقع ما بين الطرفين، بعد الاتفاق بشكل نهائي على المشروع، كما أن العراق سيكون مسؤولا عن تأمين هذا الخط الناقل داخل حدوده”.
يخدم دول المنطقة
ويؤكد الباحث في الاقتصادي أن “مشروع القناة الجافة، سيكون له مصلحة لكافة دول العالم والمنطقة وايران سوف تستغل هذا المشروع بكل تأكيد من أجل نقل بضائعها نحو تركيا وأوروبا ومع وجود عقوبات أمريكية على ايران، بكل تأكيد العراق على تواصل مع الولايات المتحدة الامريكية، حول هذا المشروع فالعراق لا يخطو هكذا خطوة الا بعد وجود موافقات أمريكية على هكذا مشروع دولي كبير”.
ومن المتوقع أن يمتد مسار “القناة الجافة” إلى منطقة فيشخابور عند المثلث الحدودي العراقي التركي السوري، وهي المنطقة التي سبق لتركيا أن أعلنت أنها تفكر بإنشاء معبر حدودي إضافي باسم “أوفا كوي” مع العراق بموازاة معبر “خابور” الحالي.
وما يزال العمل جار في ميناء الفاو الكبير، من قبل الشركة الكورية “دايو”، بعد أن حصلت على العقد، عقب لغط كبير أثير بين منحها العقد أو للشركة الصينية المنافسة في العام 2020.