حرية – (21/3/2023)
مع تصويت مجلس النواب على فقرات من تعديل قانون الانتخابات، وفق نظام “سانت ليغو” والدائرة الواحدة، رجح مراقبون تدني نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة مقارنة بسابقتها، لانعدام ثقة الناخب بالقانون المؤدي إلى سيطرة الكتل الكبيرة على البرلمان، مقابل تأكيد الناشطين على توجههم لتوحيد المواقف بغية مواجهة تمرير هذا التعديل.
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، خلال حديث لـه، إن “نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، انخفضت بشكل كبير حتى وصلت في انتخابات سنة 2021 إلى 13 بالمئة بحسب بيانات أوروبية رسمية وتم إعلام الأمم المتحدة بهذه النسبة”.
ويبين الشمري، أنه “بعد التوجه لاعتماد نظام سانت ليغو لقانون الانتخابات، نعتقد أن نسبة المشاركة الشعبية سوف تنخفض بشكل كبير جداً، كون الشعب العراقي فقد الثقة بالقوانين الانتخابية وبالآليات لهذه الانتخابات، التي اعتمدت خلال الدورات على التزوير والسلاح والمال السياسي، مع إنتاج هذه الانتخابات فسادا ومحاصصة وسوء خدمات وإقصاء، وسلطة قتلت الشعب العراقي في سنة 2019”.
ويضيف أن “استمرار هيمنة القوى التقليدية على البرلمان، سيكون دافعا لعدم الذهاب نحو الانتخابات بسبب عدم وجود تغيير، وتجربة عزل التيار الصدري بالقوة، وهو الفائز الأكبر في الانتخابات الأخيرة، سيكون عامل إحباط يؤدي لعدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، وتجربة بعض قوى تشرين والمستقلين الذين تخادموا مع الإطار التنسيقي، سيكون محفزا آخر لعدم المشاركة أيضا”.
ويتابع رئيس مركز التفكير السياسي، أن “كل المؤشرات تؤكد أننا أمام نسبة مشاركة منخفضة جداً، وهذه النسبة المنخفضة لن تكون عاملا بإعطاء عدم الشرعية للانتخابات، كون الدستور والقوانين الانتخابية لا تحتوي على نص بخصوص نسبة المشاركة، حتى لو كانت 4 بالمئة، فسوف تعتمد الانتخابات ونتائجها”.
ويختم الشمري، قوله بأن “العمل على إيقاف هذا الموضوع يتم عبر طريقتين، الأولى أن يكون هناك تحالف بين القوى الناشئة التي هي خارج البرلمان حالياً مع التيار الصدري لإيجاد رد فعل سياسي من خلال الشارع، والطريقة الثانية الضغط عبر الأمم المتحدة باعتبارها تمتلك وسائل ضغط كبيرة، فعدم وجود نسبة مشاركة كبيرة في الانتخابات المقبلة، سوف يخلق أزمة كبيرة بمختلف المستويات السياسية وغيرها”.
وكان مجلس النواب، قد صوت فجر أمس الإثنين، على بعض فقرات تعديل قانون الانتخابات، وهي الخاصة بالكوتا وآلية العد والفرز وشروط المرشحين، وذلك بعد جدل واجتماعات استمرت لنحو 20 ساعة داخل أروقة البرلمان، وانسحاب بعض الأطراف السياسية قبل عودتها.
وكان من المفترض أن يمر هذا القانون بشكل خاص لانتخابات مجالس المحافظات، لكن جرى تمريره من قبل الكتل السياسية ليشمل الانتخابات المحلية والنيابية معا.
يشار الى أنه جرى اعتماد الدوائر المتعددة في الانتخابات التي جرت في عام 2021، وهو ما يحصل لأول مرة في الانتخابات العراقية، حيث كانت تجري سابقا باعتماد كل محافظة دائرة واحدة، وفق نظام سانت ليغو، وتختلف نسب تقسم الأصوات من انتخابات لأخرى وفق ما يقره البرلمان في حينها.
من جهته، يتوقع المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث له أن “نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة سواء المحلية أو البرلمانية ستكون منخفضة، بأكثر من النسبة السابقة، خصوصاً بعد اعتماد نظام سانت ليغو، إذ أن المشاركة في الانتخابات ستكون فقط للجمهور المتحزب وستكون قليلة جداً لبعض المواطنين البعيدين عن الأحزاب”.
ويبين الدعمي، أن “انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة، لن يكون له أي تأثير على الوضع السياسي والانتخابي”، لافتا إلى أن “هنالك شيئا مهما وخطيرا في قانون الانتخابات الجديد، وهو سيمنح فرصا كبيرة وخطيرة لعمليات التزوير والتلاعب، ولهذا لا أمل للتغيير لدى المواطنين بظل قانون يسمح للتزوير والتلاعب”.
ويعتقد أن “الصراع مستمر بين القوى السياسية الكبيرة وهنا اعني التيار الصدري والإطار التنسيقي، إذا كانت هناك مشاركة للصدريين في الانتخابات المقبلة، وفي حال عدم مشاركة الصدريين، فستكون السيطرة الكامل على المشهد الانتخابي لقوى الاطار التنسيقي”.
وقد شهدت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة، تراجعا كبيرا وكانت أقل نسبة تسجل في جميع الانتخابات العراقية، بواقع 41 بالمئة، حسب المعلن من قبل مفوضية الانتخابات.
و”سانت ليغو” طريقة حساب رياضية تُتبع في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وتعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم 1.4، وفي هذه الحالة، تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز، لكن العراق اعتمد سابقاً القاسم الانتخابي بواقع 1.9، وهو ما جعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين الأفراد (المستقلين والمدنيين)، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.
بالمقابل يؤكد الناشط البارز في الاحتجاجات الشعبية ضرغام ماجد، خلال حديث لـه أن “مشاركة الشعب العراقي في الانتخابات المقبلة، ستكون منخفضة بكل تأكيد بسبب فرض قانون انتخابات من قبل القوى المتنفذة مخالف لتوجهات المرجعية والشارع العراقي”.
ويبين ماجد أن “اعتماد القوى السياسية على قانون يفرض هيمنتها على الواقع الانتخابي امر متعمد وهدفه احباط الشارع العراقي ومنعه من المشاركة، حتى يشارك فقط الجمهور المتحزب بهذه الانتخابات، وهنا تكون الهيمنة بشكل كامل من
ويتابع الناشط البارز في الاحتجاجات الشعبية أن “الناشطين والتنسيقيات لم تبق متفرجة على ما يحصل من مؤامرة ضد الشعب العراقي، وسيكون لها موقف وهناك تواصل واتصال لتوحيد المواقف خلال الأيام القليلة المقبلة، ليكون لنا وقفة مما حصل من فرض قانون للانتخابات يفرض نفوذ الكتل والأحزاب ويفتح باب التزوير والتلاعب من جديد في الانتخابات”.
وأفرزت نتائج الانتخابات الأخيرة، فوز نحو 40 مرشحا مستقلا بمقاعد نيابية، منهم من يمثلون الحركات السياسية المنبثقة من تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019، وأبرزها حركة امتداد حيث حصلت على 9 مقاعد نيابية، بالإضافة الى مستقلين آخرين ينتمون لـ”قوى تشرين”، فيما ضم الجزء الآخر شخصيات شاركت بصفة “مستقل”، لكنها ترتبط بالأحزاب السياسية التقليدية، وسرعان ما انكشف ذلك من خلال إعلانها الانضمام لتلك الأحزاب.