حرية – (28/3/2023)
تشي الأحداث العالمية الأخيرة بتشكل ما يسمى النظام العالمي الجديد لاسيما بعد الاصطفافات العالمية الأخيرة وتنامي الدور الصيني الروسي فيما تراجعت مصداقية الولايات المتحدة على المستوى العالمي بعد غزو العراق .
دعت صحيفة بريطانية، إلى أهمية استمرار الولايات المتحدة في لعب دور الشرطي العالمي بالرغم من “سجلها السيء” في الحفاظ على النظام العالمي.
وفيما بينت أن البديل هو نظام عالمي يحدد معاييره الزعيمان الصيني والروسي، أكدت أن (التوأم الرهيب) يريد أن يهمين الجمهوريون (الانعزاليون) في الولايات المتحدة عبر حكم جديد لترامب.
محاولات منع تشكل النظام العالمي الجديد
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية إن “من المهم استمرار الولايات المتحدة في لعب دور الشرطي العالمي بالرغم من سجلها السيء في الحفاظ على النظام العالمي، بما في ذلك ما فعلته في العراق قبل 20 سنة، وذلك نظرا الى ان البديل هو نظام عالمي يحدد الزعيمان الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين، معاييره”.
انعزال واشنطن
واعتبر التقرير البريطاني أن “انجراف الولايات المتحدة نحو المزيد من الانعزالية، سيجعل من الزعيمين الصيني والروسي، الفائزين الوحيدين من ذلك”.
مشيرا الى انه “فيما كانت الانتقادات تنهال على الغزو الكارثي للعراق في ذكراه الـ20، كان الكونجرس يتحرك لإلغاء قانون صلاحيات الحرب الذي يجيز للرئيس الأمريكي القيام بتدخلات عسكرية في الخارج”.
شي جين اقترح النظام العالمي الجديد
وفي الوقت نفسه، قال التقرير إن “شي جين بينغ كان يقترح من موسكو، متناغما مع بوتين، نظاماً عالمياً جديداً ليحل محل النموذج الذي قادته الولايات المتحدة بعد العام 1945”.
مبيناً أن “الدكتاتور الصيني يطرح عرضا سخيا من اجل حماية الكوكب، لكنه يطرح الخضوع والرقابة مكان الصدمة والرعب (كالتي نفذها جورج بوش في العراق)، بينما تأتي الديمقراطية في المقعد الخلفي.
غزو العراق والنظام العالمي الجديد
ولفت التقرير إلى “حقيقة مفادها بأن حرب العراق كانت هدفاً كارثياً كان بالامكان تجنبه لكنها لم تعد محل نزاع، وان العديد من التحذيرات التي سبقتها، ذهبت أدراج الرياح، إلا انه حذر من “المحاولات الجارية الحالية، من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، من أجل استغلال هذه الكارثة بهدف تشويه سمعة السياسة التدخلية التي تقوم بها الولايات المتحدة بشكل عام، والاحتفاء بالتراجع الحاصل بالنسبة الى النفوذ الأمريكي”.
وللتأكيد على ذلك، استحضر التقرير “نموذج الشرق الأوسط حيث يظهر ما سيحدث عندما تفك واشنطن انخراطها او تتراجع عن حمايتها للمنطقة”.
مشيرا إلى أن “الانسحاب من العراق في العام 2011، كان بمثابة إنذار باندلاع عقد من الارهاب والحرب الاهلية في سوريا، واثارة الايرانيين للاضطرابات، وقيام الحلفاء السعوديين بإطلاق موجة من القتل في اليمن، بينما غرقت أفغانستان في البؤس، ووقعت الفوضى بين اسرائيل وفلسطين”.
ونقل التقرير البريطاني عن المحلل بيل شنايدر تساؤله “ماذا كان سيحدث لو فشلت الولايات المتحدة في التحرك بعد غزو صدام حسين للكويت في العام 1990؟.”.
مبينا بالقول “بعدما حل الرعب في أوروبا، تولت الولايات المتحدة مهمة قيادة تحالف لإنهاء حرب البوسنة خلال التسعينات من القرن الماضي”.
كما قال شنايدر إنه “عندما وقعت فظائع في كمبوديا ورواندا والكونغو ودارفور، أشاح العالم بأكمله، بما في ذلك الولايات المتحدة، بعيدا لذلك لم يتم فعل أي شيء وكانت النتيجة وقوع ابادة جماعية”.
وذكر التقرير ايضا بفشل الرئيس الأسبق باراك اوباما “الذي احرقه الملف العراقي، في التدخل في سوريا في العام 2013 لوقف استخدام نظام الرئيس الأسد لاسلحة الدمار الشامل”.
الإمبريالة الغربية والشرطي الأمريكي
وبرغم اقراره بان الولايات المتحدة غالبا ما تفسد الامور، الا ان التقرير وجه سؤاله الى منتقدي “الهيمنة الامريكية عما اذا كانوا يعتقدون ان الاستبداديين، مثل الزعيم الصيني او الروسي، سوف يقومون بعمل افضل كشرطي عالمي؟”.
وبعدما اعتبر التقرير انه من “الناحية المثالية لا ينبغي ان تكون هناك حاجة لشرطي عالمي”، الا انه اضاف “للاسف، ان العالم ليس هذا هو حاله”.
مشيرا الى ان “مجلس الامن الدولي منقسم دائما، وليس بإمكانه فرض قواعده ومعاهداته، في حين ان المنظمات الاقليمية مثل الاتحاد الاوروبي والاتحاد الافريقي و(آسيان) لا تتمتع بالقوة اللازمة في حال انهارت الأمور”.
وبرغم أن اداء اوروبا كان أفضل مما كان متوقعا فيما يتعلق بحرب اوكرانيا، الا أن التقرير اعتبر أنه “لولا تدخل الرئيس جو بايدن والمساعدات الامريكية المقدرة بنحو 77 مليار دولار، لربما كانت الحرب قد جرى خسارتها، كما كانت بروكسل تتطلع نحو واشنطن من اجل القيام بدور القيادة، ورفضت ألمانيا تقديم السلاح لكييف ما لم يفعل بايدن ذلك ايضاً”.
ولفت التقرير إلى أن “المشاعر الانعزالية آخذة في الارتفاع بين الجمهوريين في الولايات المتحدة”، مضيفاً أن “الانقسامات الجمهورية مع اقتراب الانتخابات تمثل فرصة لبايدن – ولشي وبوتين ايضا، حيث يأمل “التوأم الرهيب”، اي بوتين وشي، أن يهيمن الانعزاليون كترامب”.
وختم التقرير بالقول إن “تقسيم بايدن للعالم ما بين ديمقراطيات محبة للحرية، وبين وانظمة استبدادية قمعية، هو عملية تبسيط مبالغ بها للتعامل مع التحديات القادمة”.
معتبرا أن “الهدف في القرن الـ21 يجب ان يكون قيام عالم متعدد الاقطاب وتحقيق توازن قوى اكثر انصافا، وهو عالم يجب ألا تهيمن عليه وتشوهه القوى العظمى أو الديكتاتوريون، وهو عالم يجب أن يكون أكثر أمانا”.
وبيّن التقرير أن هذا يعني ان التدخل الغربي بقيادة الولايات المتحدة تحت عنوان المسؤولية عن الحماية للامم المتحدة، يجب الا يتم التخلي عنه كسياسة الملاذ الاخير، اذ ان العالم المضطرب سيحتاج دوما إلى صناع للسلام.