حرية – (28/3/2023)
تواجه جهود إيران وروسيا لتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين عراقيل عديدة، لكنهما تمتلكان “إرادة سياسية مستمرة لتعزيز العلاقات الوثيقة” في مواجهة العقوبات الغربية، بحسب الخبير في الشؤون الروسية والإيرانية نيكيتا سماجين.
سماجين أضاف، في تحليل نشره موقع “أمواج ميديا” أنه “على الرغم من الجهود التي بذلها البلدان، وبينها الزيارات رفيعة المستوى واتفاقيات الطاقة، فإن عام 2022 لم يحقق سوى نمو معتدل في التجارة بينهما”.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، صرح رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين بأن التبادل التجاري بين بلاده وإيران زاد بنسبة 15% في 2022 إلى نحو 4.6 مليار دولار أمريكي.
لكن ذلك الرقم يتضاءل بالمقارنة مع التحولات في أنماط التجارة الروسية في أعقاب فرض العقوبات الغربية على موسكو جراء حربها في أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط 2022، وفقا لسماجين.
وتابع: مثلا توسعت التبادلات الروسية مع الصين بنسبة 29% العام الماضي لتصل إلى 190 مليار دولار، وقفزت التجارة مع تركيا جارة إيران 84% لتتجاوز 60 مليار دولار.
وأضاف أنه “من غير المرجح أن تقدم إيران حلا سحريا للتحديات المالية التي تواجهها روسيا في مواجهة العقوبات الغربية، ومع ذلك يواصل البلدان إظهار الإرادة السياسية لدمج اقتصاداتهما”.
ولفت سماجين إلى أن البيانات التجارية المعلنة المتعلقة بروسيا قد تكون مضللة إلى حد ما، فبعد شهرين من بدء حرب أوكرانيا أوقفت موسكو نشر بيانات الاستيراد والتصدير الكاملة، معتبرة ذلك مسألة تتعلق بالأمن القومي.
وقال مصدر دبلوماسي روسي إن موسكو لم تُدرج الصادرات العسكرية في إحصاءات التجارة الرسمية منذ 5 سنوات. وبالتالي فإن حجم التجارة المعلن مع إيران يشير فقط إلى السلع والخدمات غير العسكرية، بحسب سماجين.
نظام تحويل مالي
سماجين قال إن اعتماد آليات جديدة لتحسين الاتصال بين الأنظمة المالية يوفر آفاقا لمزيد من التكامل الاقتصادي بين إيران وروسيا.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن خدمة الرسائل المالية الوطنية الإيرانية مرتبطة بخدمة روسيا كبديل عن المزود الدولي لخدمات التراسل المالي (سويفت)، الموجود مقره في بروكسل ويسيطر عليه الغرب.
وتتيح خدمات “سويفت” ربط أكثر من 11 ألف منظمة مصرفية وبنى تحتية وشركات متعاملة في أكثر من 200 بلد ومنطقة.
ومنذ 2018، جرى فصل إيران إلى حد كبير عن “سويفت”، بعد أن انسحب الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 وأعاد فرض جميع العقوبات على طهران. كما تم قطع العديد من البنوك الروسية عن “سويفت” بعد غزو أوكرانيا.
وعلى الرغم من أن آلية رسائل الدفع الجديدة التي اعتمدتها إيران وروسيا تبشر بتسهيل المعاملات المصرفية بينهما، لكن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو قال في فبراير/شباط الماضي إن هذا المسعى موجود فقط على الورق حتى الآن.
وبالفعل تمتلك إيران وروسيا، بحسب سماجين، نظام دفع قيد الاستخدام منذ 2015 أطلقه بنك مير بيزنس، وهو فرع روسي لبنك ميلي الإيراني المملوك للدولة، لكن نظام سعر الصرف متعدد المستويات في إيران يجعل هذا النظام شبه عديم الفائدة لممثلي القطاع الخاص في البلدين.
وأردف: “تتمثل إحدى الآليات المقترحة للتغلب على مشكلات أسعار الصرف في إنشاء عملة مشفرة مشتركة مدعومة بالذهب، وربما يؤدي استخدامها إلى الالتفاف على العقوبات الغربية واستقرار التجارة وسط تقلبات العملة.
منطقة تجارة حرة
وتتمثل إحدى الخطوات المؤكدة لتحقيق التكامل الاقتصادي الإيراني الروسي في إنشاء منطقة تجارة حرة بين إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU)، بقيادة موسكو. وأعلنت روسيا أوائل فبراير/شباط الماضي أن المفاوضات حول بشأن المنطقة الحرة في مرحلتها النهائية.
وخفضت اتفاقية مؤقتة أُبرمت في 2019 الرسوم الجمركية على مئات من أنواع السلع المختلفة، ما مهد الطريق أمام المنتجات الزراعية الإيرانية للوصول بشكل أفضل إلى أسواق دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، ولاسيما روسيا، ولذلك نمت الصادرات من إيران إلى تلك الكتلة بنسبة 51.5% في 2020.
واعتبر سماجين أنه من شأن اتفاقية تجارة حرة شاملة وواسعة النطاق أن توسع فئات السلع مع الإعفاء من الرسوم الجمركية أو تخفيضها.
وقال إن “زيادة التعاون الاقتصادي الإيراني الروسي قد لا يتناسب مع الجهود التي بذلتها الدولتان ولا يلبي التوقعات، وستحتاج معظم المبادرات الجديدة أيضا إلى وقت وصقل قبل أن تصبح فعالة”.
واستدرك: “من الواضح أن إيران وروسيا تتطلعان إلى تعميق العلاقات عبر مختلف القطاعات الاقتصادية وتمتلكان إرادة سياسية مستمرة لتعزيز العلاقات الوثيقة بينهما.