حرية – (29/3/2023)
تتوالى الزيارات والجولات الأميركية. أفريقيا هي المقصَد والعنوان مُثير. كمالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي تجول اليوم في القارة السمراء، سبقها وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وسبقته وزيرة الخزانة جانيت ييلين، السفيرة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد والسيدة الأولى جيل بايدن. تعميق الروابط الأميركية هنا هدف سامٍ. في البال تزايد التنافس الدولي… فهل تملك واشنطن “شِفرة” قطع الطريق على لاعبين كبار أقوياء؟
تسعة أيام تقضيها هاريس في أفريقيا. غانا أولى المحطات، بعدها تنزانيا وزامبيا. هدف جولتها، بحسب بيان رسمي، “البناء على ما تم التوصل إليه خلال القمة الأفريقية-الأميركية في واشنطن في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقتذاك، قال الرئيس جو بايدن إن بلاده “ملتزمة تماماً المشاركة في بناء مستقبل أفريقيا”.
أمن واقتصاد
بلينكن جال أخيراً في إثيوبيا والنيجر. تركزت محادثاته على التحديات الأمنية، بينما العنوان العريض لكمالا هاريس اقتصادي. غانا تعاني. وزير ماليتها قصد الصين وعاد مُغرداً: “حتى الآن، أجرينا اجتماعات إيجابية ومشجعة للغاية في الصين”.
زامبيا ليست أفضل حالاً. أصبحت أول بلد أفريقي يعجز عن سداد ديونه بعد جائحة كورونا. وكما غانا كذلك زامبيا تجري محادثات مع بكين بهدف إعادة هيكلة ديونها، إضافة إلى طلبها المساعدة من صندوق النقد الدولي.
تنزانيا في الميزان الاقتصادي العاثر كذلك. خلال عهد الرئيس السابق جون ماغوفولي كانت دولة شبه منبوذة من المجتمع الدولي. رئيسها ذو النزعة الاستبدادية قيّد المعارضة وكمّ أفواه الإعلاميين.
رأي
“ينبغي ألا يُحدد لنا أحدٌ الدولَ التي ينبغي أن نقيم علاقات معها”. تصريحات رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا خلال زيارته واشنطن العام الماضي، عكست في جانب مهم منها الجو العام في أفريقيا لناحية التمسك بحرية اختيار القارة السمراء علاقاتها مع بقية الدول.
الصين حاضرة. روسيا كذلك وفرنسا… قوى كبرى تبحث عن حصص لها في قارة الثروات والمآسي… فماذا عن الولايات المتحدة؟ “النهار العربي” سأل الباحث والمتخصص بالشؤون الأفريقية إسماعيل ولد الشيخ سيديا (موريتانيا)، ومدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديموقراطية توم حرب (واشنطن).
برأي الباحث الموريتاني “الولايات المتحدة والصين ليستا فرسي رهان في أفريقيا في الوقت الحالي. مقدراتهما في القارة ومقدرتهما على التنافس متباينة إلى حد بعيد، فالصين تقرض الدول وتتعامل معها مهما كان وضعها السياسي والحقوقي، بينما الولايات المتحدة مكبلة بسبب الأجهزة الرقابية”، يقول ولد الشيخ سيديا. تالياً، يضيف، “محكوم على الصين بالاستئثار بالقارة بحكم انسيابيتها في التعاطي مع أفريقيا، وضعف هامش المناورة لدى الولايات المتحدة الأميركية”.
…”جولة كمالا هاريس هي لإبداء المشاركة الأميركية-الأفريقية وبخاصة في مجال التعاون الاقتصادي”، يقول مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديموقراطية. توم حرب يرى أن “الإعلام الأميركي لا يغطي رحلة هاريس كما كان يغطي سابقاً بكثافة أي زيارة أو جولة لمسؤول أميركي رفيع (…)”.
“الصين تخترق أفريقيا، وتأخذ استثمارات هائلة”، يرى حرب، بينما “هاريس ليس ضمن برنامجها بحث قضايا استراتيجية اقتصادية وتغيير سياسات من دول معنية مثل الصين. وهي لن تبحث بمواضيع خلافية أفريقية داخلية أو بين الدول الأفريقية، أو بمواضيع الإرهاب، ولن تدخل بمواضيع استراتيجية دولية بمستوى الولايات المتحدة وتناقشها وتخرج منها بمبادرات أو اتفاقيات بين البلدان الأفريقية والولايات المتحدة”، يقول. “بشكل عام، جيد أن تذهب هاريس إلى أفريقيا، ولكن زيارتها ضعيفة ولا أحد في أميركا ينتظر منها أي نتيجة سوى تعبئة الوقت (…)”.
…التنافس المتصاعد بين القوى العظمى يشبه الحرب الباردة، وفق وصف صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية. “استراتيجية واشنطن في أفريقيا، التي أعلنها بلينكين في ضجة كبيرة في جنوب أفريقيا العام الماضي، تقدم البلدان الأفريقية كشركاء مهمين، وليس كبيادق في التنافس العالمي”. التنافس على أفريقيا “مثل الماضي يدفعه السلاح والذهب، وبإضافة جديدة، هي وسائل التواصل الاجتماعي”.