حرية – (30/3/2023)
واجه السلطات العراقية ظاهرة التسول التي تتوسع بشكل كبير في البلاد، فيما يقول أكاديميون ومتابعون إن “المشكلة معقدة وتصعب السيطرة عليها كونها مرتبطة بجهات سياسية ومتنفذين في الدولة”.
وأطلقت وزارة الداخلية، قبل أيام، حملة كبرى لمنع التسول في عموم العراق، وذكرت في بيان لها أن القضاء “أطلق حملة بإشراف اللجنة العليا لمكافحة الإتجار بالبشر، ومن خلال قسم مكافحة الإتجار بالبشر في مديرية مكافحة الجريمة المنظمة بوكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية، للقبض على عصابات التسول في بغداد والمحافظات”. وأضاف البيان أن الحملة أسفرت عن “القبض على أعداد كبيرة من المتسولين، حيث تم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم”.
الى ذلك، شدد رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق القاضي فائق زيدان على ضرورة إنهاء ظاهرة التسول من خلال حملات متكاملة لملاحقة شبكات الإتجار بالبشر، لما تشكله من خطر على امن المجتمع.
“مافيات كبيرة”
ويقول الأكاديمي والإعلامي مسلم الكربلائي إن “السلطات العراقية تشن بين الحين والآخر حملة كبيرة لمكافحة التسول، وسرعان ما تنتهي من دون الوصول الى نتيجة ما، ليعود المتسولون الى الطرقات والتقاطعات العامة وكأن شيئاً لم يحصل، فهذه الظاهرة مرتبطة بمافيات كبيرة ومتنفذة وجهات حزبية والموضوع ليس تسولاً فقط، بل تقف خلفه عصابات خطيرة تدير تجارة الأطفال والأعضاء البشرية”.
ويلفت الكربلائي في حديثه لـه إلى أن “ظاهرة التسول منظمة بشكل ذكي. المتسولون ليسوا فقط عراقيين، بل هناك عناصر من جنسيات أخرى تتسول في شوارع العراق”، مشيراً الى أن “هذه الظاهرة مشكلة كبيرة ويصعب حلها كونها مرتبطة بتجارة المخدرات وغيرها”.
https://www.instagram.com/reel/CqH-Zy-IlMx/?utm_source=ig_web_copy_link
وفي السياق، تفيد الناشطة الاجتماعية حنان عبدالواحد بأن “ارتفاع نسب الفقر في العراق أدى الى اتساع ظاهرة التسول نتيجة الأزمات السياسية والظروف التي تمر بها البلاد، ما دفع الكثير من الأسر العراقية الى زج أطفالهم في التسول، وحتى الفتيات القاصرات تم زجهن في النوادي الليلية “. وتقول إن “التسول أصبح ظاهرة اجتماعية خرجت عن السيطرة بسبب عدم وجود قوانين واضحة لمكافحتها، لذلك باتت “مهنة” منتشرة بشكل كبير”.
وبلغت نسبة الفقر في العراق 25 في المئة من إجمالي السكان في العام 2022 مرتفعة عن عامي 2019 و2020، عندما كانت لا تتجاوز 20 في المئة.
تسوّل منظّم!
وترى عبد الواحد أنه “يجب على السلطات الأمنية اعتقال الرؤوس الكبيرة التي تدير التسول وليس اعتقال الأطفال المشردين”، مبينة أن “منطقة البتاوين وسط العاصمة بغداد هي الموزع الرئيسي للتسول في البلاد”.
وتلفت الى أن “التقاطعات في بغداد موزعة بشكل منظم للمتسولين، ولا يمكن لمتسول أن يقف في تقاطع ما من دون الحصول على موافقات من الشخص المسؤول على ذلك التقاطع”.
وكانت قيادة شرطة محافظة البصرة قد أعلنت عن الإطاحة بشبكات تسول تتاجر بالبشر، جميعها من خارج المحافظة.
وذكر بيان للقيادة أنه “ضمن حملة واسعة للقضاء على ظاهرة التسول في محافظة البصرة، تمكنت مفارز مكافحة الإجرام من إلقاء القبض على عدد كبير من المتسولين في مركز المحافظة (50 طفلاً و30 امرأة و15 رجلاً على شكل عوائل يمتهنون التسول)”.
وتابع البيان أن “جميع المتسولين المعتقلين هم من خارج المحافظة وكانوا مستقرين في الفنادق الموجودة في منطقة العشار”.
ولفت الى أنه “تم تسليمهم الى العدالة وقررت المحكمة توقيفهم وفقاً للمادة الخامسة من قانون مكافحة الإتجار بالبشر، ولا تزال الجهود مستمرة حتى القضاء على هذه الظاهرة”.