حرية – (2/4/2023)
انتعشت العلاقات بين روسيا وإيران بشكل خاص منذ اندلاع حرب أوكرانيا وبدء تدفق إمدادات الطائرات بدون طيار العسكرية من طهران إلى موسكو لمساعدتها هناك، لكن تلك العلاقات كانت موجودة قبل ذلك، غير أن التقارب الأخير أفرز توغلا إيرانيا بشكل أعمق داخل أراضي الاتحاد الروسي، بموافقة ومباركة الكرملين، لكن الأمر قد يتحول إلى سلاح يؤثر سلبا على المصالح الروسية.
ماسبق كان خلاصة تحليل نشره موقع “أوراسيا ريفيو” وكتبه بول جوبل، الذي كان يعمل من قبل في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ووزارة الخارجية، وهو متخصص في القضايا العرقية في أوراسيا.
وكان تطوير الممرات التجارية بين الشمال في روسيا والجنوب في إيران، أحد محددات التقارب بين البلدين، لكن في الآونة الأخيرة هناك حركة للاستثمارات الإيرانية في الداخل الروسي باتت تجتذب الاهتمام، رغم أن الواقع من بعيد يشير إلى أن إيران تحتاج روسيا أكثر من العكس.
ويلفت الكاتب إلى أنه قد يكون هناك قلق داخل روسيا في القريب العاجل، نظرا لاحتمال أن يؤدي الوجود الإيراني المتزايد في المناطق ذات الغالبية المسلمة في روسيا إلى زيادة الصعوبات التي يواجهها الكرملين بالفعل في هذه المناطق.
ويقول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فتح الطريق أمام إيران لتوسيع نفوذها، أولاً في القوقاز إلى جانب روسيا ثم داخل الاتحاد الروسي نفسه لمساعدة موسكو في الأماكن التي تعاني من الاختناقات المالية والتكنولوجية.
وفي الوقت الحالي، تبلغ التجارة الثنائية بين روسيا وإيران حوالي 4.6 مليار دولار، وتستثمر روسيا في إيران أكثر بكثير من العكس، حيث توفر موسكو ما يقل قليلاً عن 2.8 مليار دولار من أصل 4.2 مليار دولار تمثل جميع الاستثمارات الأجنبية في إيران.
استثمارات إيرانية
ومع ذلك، تتوقع كل من موسكو وطهران أن ترتفع الاستثمارات الإيرانية في روسيا وأن تتحول التجارة بين البلدين، من كونها تتعلق في المقام الأول بالمنتجات الزراعية، إلى المواد الصناعية والكيميائية أيضًا.
وعلى سيل المثال، هناك خطط إيرانية لبناء مصنع كبير للشاحنات ومركبات الطرق الوعرة بالقرب من سانت بطرسبرج.
وهناك تقارب استثماري آخر بين إيران وجمهوريات الاتحاد الروسي، مثل جمهورية باشكورتوستان، وهي جمهورية مسلمة في منطقة الفولجا الوسطى.
وقبل نحو أسبوعين، ترأس رئيس الجمهورية، راضي خابيروف، وفدا كبيرا إلى طهران لمناقشة توسيع الاستثمار الإيراني في باشكورتوستان، ومن أبرزها مركز لتنمية تكنولوجيا الطائرات بدون طيار.
وخلال الاجتماعات، اتفقت أوفا وطهران على فتح طريق جوي مباشر بين الجانبين – لزيادة السياحة وتسهيل تعاون الشركات.
وأشار الجانبان بشكل واضح إلى أن موسكو وافقت بالفعل على هذا الارتباط؛ وبالتالي ، فمن المحتمل أن يبدأ في غضون أسابيع.
ويخلص التحليل إلى أن موافقة الحكومة الروسية المركزية بسهولة على هذا يعكس ضعف موسكو ورغبتها في فعل أي شيء لجذب المزيد من الاستثمارات إلى البلاد، لكن الكرملين قد يكون لديه سبب للندم قريبًا على ذلك، حيث أظهرت إيران أنها ليست بارعة ليس فقط في إنتاج التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج ولكن أيضًا في استغلال ما يمكن تسميته سياسات التنمية “ذات الاستخدام المزدوج” – أي ، المشاريع الاقتصادية وكذلك البرامج الإيديولوجية والثقافية والدينية المصممة لإبراز النفوذ الإيراني ثم ترسيخه في المناطق التي تستثمر فيها.
وبالتأكيد لن يغيب عن الكثير من المراقبين أن إيران تركز الآن على جمهورية إسلامية في قلب روسيا، والتي قد يكون سكانها أكثر انفتاحًا على نفوذ ملالي طهران أكثر مما يريده أي شخص في موسكو.
ويختم الكاتب تحليله بالقول: إذا ثبت أن هذا هو الحال بالفعل، فإن تشجيع موسكو للاستثمار الإيراني هناك قد يضر بمصالح روسيا على المدى الطويل.