حرية – (12/4/2023)
لا تريد السعودية وقطر الوقوف في وجه قطار عودة سوريا إلى الجامعة العربية، والتي تحولت إلى أمر واقع بسبب التغييرات الإقليمية والدولية، ولكنهما تريدان إجماعا خليجيا وعربيا على هذه العودة لتلافي الحرج، وهو ما ينتظر أن يوفره الاجتماع الوزاري الخليجي المقبل.
وأعلنت الدوحة الثلاثاء أنها تلقت دعوة من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لحضور اجتماع الجمعة المقبل في جدّة بالسعودية لتبادل وجهات النظر حول إمكانية عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية.
ولئن كانت السعودية قد مهدت لانفتاحها على دمشق بخطوات سابقة، فإن قطر لا يزال يسيطر التردد على موقفها بسبب مخلفات تدخلها في الحرب السورية لدى السوريين وخاصة لدى النظام، فضلا عن أنها لم تمهد لخطوة التقارب مع الرئيس بشار الأسد كما فعل جيرانها الخليجيون.
ويرى مراقبون أن مشاركة الدوحة في الاجتماع الوزاري سيكون الهدف منها تأمين انفتاح على الأسد تحت غطاء “الإجماع” الخليجي، وهو ما يرفع عنها الحرج لدى المعارضين السوريين الذين راهنت عليهم وراهنوا عليها لسنوات قبل أن تتغير الأوضاع كليا في غير صالحهم.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال إيجاز صحفي في مقرّ الوزارة بالدوحة إن الهدف الأساسي من “هذا الاجتماع التشاوري”، الذي تشارك فيه دول الخليج إضافة إلى الأردن ومصر والعراق، هو “التباحث حول الوضع في سوريا”.
وأشار الأنصاري إلى أن الموقف القطري لم يتغيّر، موضحًا أن أي تغيير في الموقف من سوريا “مرتبط أساسًا بالإجماع العربي وبتغير ميداني يحقق تطلعات الشعب السوري”.
وينتظر أن يفضي الاجتماع الخليجي إلى موقف موحد سيكون نواة لموقف عربي أوسع يمهد لاستدعاء سوريا إلى حضور القمة العربية المقررة في السعودية بعد أن فشلت الجزائر أثناء القمة السابقة في أن تحقق هذا المراد الذي وضعه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون هدفا للقمة تحت عنوان “لمّ الشمل”.
وكان الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري، قد أكد في تصريحات سابقة أن الأسباب التي عُلقت عضوية سوريا في الجامعة العربية على أساسها لا تزال قائمة.
وأضاف “لم نر أي تقدم أو تطور في سلوكيات هذا النظام وتعاطيه مع هذه الأسباب”، وأكد أن لا منطق من تطبيع العلاقات مع دمشق من دون اتخاذ خطوات جدية بهدف إيجاد حل سياسي لإنقاذ ومساعدة الشعب السوري وإعادة اللاجئين إلى بلادهم.
لكن الأمر بالنسبة إلى السعودية مختلف، ومع ذلك فهي تريد موقفا خليجيا موحدا كغطاء لأي خطوات تجاه دمشق. غير أن الأهم بالنسبة إليها أن يوفر الغطاء الخليجي حاليا، والعربي لاحقا، مدخلا للقمة العربية التي ستحتضنها في مايو المقبل لتتخذ قرارا جماعيا يقضي بعودة سوريا.
وتجري السعودية وسوريا مباحثات تتعلّق باستئناف الخدمات القنصلية بعد قطيعة مستمرة منذ سنوات نتيجة إغلاق الرياض سفارتها في دمشق على خلفية موقفها المناهض للنظام، حسب ما أفاد به مسؤول في وزارة الخارجية السعودية مؤخرًا.
وبدأ التمهيد لانفتاح الرياض على دمشق منذ 19 فبراير الماضي عندما قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في منتدى ميونخ للأمن إن إجماعا بدأ يتشكل في العالم العربي على أنه لا جدوى من عزل النظام السوري، وإن الحوار مع دمشق مطلوب “في وقت ما”، حتى تتسنى على الأقل معالجة المسائل الإنسانية، بما في ذلك عودة اللاجئين.
وأضاف أنه في ظل غياب سبيل لتحقيق “الأهداف القصوى” من أجل حل سياسي، فإن نهجا آخر “بدأ يتشكل” لمعالجة مسألة اللاجئين السوريين في دول الجوار ومعاناة المدنيين، خاصة بعد الزلزال المدمر في سوريا وتركيا.
وقدم التخلي عن “الأهداف القصوى” أولى الإشارات إلى أن المواقف القائمة على “كسر العظم” لم يعد لها مبرر، وهي غير ذات جدوى، كما أنها لم تحقق شيئا لكلا طرفي الأزمة.
وفي 8 مارس الماضي قال الأمير فيصل بن فرحان إنّ زيادة التواصل مع النظام السوري قد تمهّد الطريق لعودته إلى جامعة الدول العربية.
وفي الشهرين الماضيين زار الرئيس السوري سلطنة عمان والإمارات، في أول زيارة لبلدين عربيين منذ نشوب النزاع السوري عام 2011، في ظلّ مساعٍ إقليمية لعودة سوريا إلى الحاضنة العربية.
وإثر نشوب النزاع قطعت عدة دول عربية، خاصة منها الخليجية، علاقاتها الدبلوماسية مع سوريا وأغلقت سفاراتها في دمشق، كما علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا.