حرية – (12/4/2023)
تبادلت قوات التحالف الدولي، بقيادة أميركا، وفصائل تابعة لإيران القصف مجدداً في أقصى الشرق السوري، الذي بات ميداناً لبعث الرسائل بين طهران وواشنطن.
وذكرت شبكات إخبارية محلية أن قوات التحالف، بقيادة أميركا، ردت مساء أمس الأول الإثنين، على قصف تعرضت له من قبل الفصائل التابعة إلى إيران، في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات، مؤكدة مقتل وإصابة عدد من عناصر الفصائل بالقصف.
وكانت الفصائل قصفت الإثنين الماضي قاعدتين للتحالف في حقلي “كونيكو” للغاز و”العمر” النفطي، وفق مصادر محلية، أكدت لـ”العربي الجديد” أن الفصائل الإيرانية المتمركزة في بادية بلدة جديد عكيدات هي من شن الهجوم على القاعدتين.
وتعد قاعدة العمر، أهم قواعد التحالف في المنطقة التي باتت تُعرف بشرق الفرات، والتي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد). وفي مقابل “العمر”، هناك قاعدة كبرى للإيرانيين شرقي دير الزور هي “الإمام علي”، التي أقامها “الحرس الثوري” في العام 2019 عقب طرد تنظيم “داعش” من المنطقة.
إيران تحشد قواتها
وبيّن الناشط الإعلامي فواز المرسومي، وهو من أبناء ريف دير الزور، أن الجانب الإيراني “يحشد قواته في شرقي سورية”. وأوضح أنه يومياً يدخل عناصر وخبراء إيرانيون من معبر البوكمال مع العراق إلى ريف دير الزور.
ولفت إلى أن “الحرس الثوري” الإيراني “يجهز قواعد للدفاعات الجوية في مدن المحافظة الثلاث، وهي دير الزور، والميادين، والبوكمال”.
وأعرب المرسومي عن اعتقاده أن أي تصعيد واسع النطاق شرقي سوريا “ليس بصالح الإيرانيين”، موضحاً أن أي رشقة صواريخ من قبل الفصائل على قواعد تابعة للتحالف تقابلها هجمات رادعة وقوية، تصل أحياناً إلى تدمير مقرات لهذه الفصائل في ريف دير الزور، واستهداف شاحنات تابعة لها تدخل من العراق إلى سورية عبر معبر البوكمال الذي يسيطر الإيرانيون عليه بشكل كامل. وأضاف: أعتقد أن الإيرانيين غير قادرين على مواجهة مفتوحة مع الأميركيين في محافظة دير الزور.
تبادل التصعيد بين أميركا وإيران
وكان الطرفان الأميركي والإيراني تبادلا التصعيد أواخر الشهر الماضي، عقب مقتل متعاقد أميركي، وإصابة 5 جنود ومتعاقد أميركي آخر، “بعد أن ضربت طائرة مسيرة منشأة صيانة في قاعدة للتحالف قرب الحسكة في شمال شرق سورية”.
وأشارت وزارة الدفاع الأميركية، في بيان وقتها، إلى أن الاستخبارات تقول إن الطائرة “من أصل إيراني”. وأعلن البنتاغون مقتل 14 مقاتلاً موالياً لإيران جراء ضربات جوية “دقيقة” نفذها الجيش الأميركي، رداً على هجوم الفصائل الإيرانية.
وتسيطر هذه الفصائل على عدة قرى شمال نهر الفرات، هي: حطلة، الزغيّر، مرّاط، الحسينية، مظلوم، طابية جزيرة، وخشام، وتتخذ منها منصات لإطلاق رشقات الصواريخ على حقل “كونيكو” القريب من هذه القرى.
وفي جنوب نهر الفرات، تسيطر الفصائل التابعة إلى إيران على كامل ريف دير الزور، أو ما يُعرف محلياً بـ”الشامية”، من البوكمال على الحدود السورية العراقية شرقاً، إلى منطقة التبني غرباً عند الحدود الإدارية بين دير الزور والرقة.
وتضم دير الزور، ثاني أكبر المحافظات السورية مساحة (33 ألف كيلومتر مربع)، أغلب الفاعلين في الملف السوري، كالإيرانيين والروس والأميركيين والنظام و”قسد” وتنظيم “داعش”. وتخوض هذه الأطراف صراعاً على المحافظة التي تضم أكبر حقول وآبار النفط والغاز في سورية، أبرزها “العمر” الذي تحول إلى قاعدة مهمة للتحالف شرقي نهر الفرات.
ومع مطلع عام 2019 سيطر التحالف، عبر “قسد”، على ريف دير الزور شمال نهر الفرات وهو الأغنى بالثروات النفطية. وجرت منذ ذلك العام مناوشات بين الإيرانيين والتحالف، الذي لطالما شن هجمات على مواقع وقواعد الفصائل، بما فيها “الإمام علي” التي تعرضت لأكثر من هجوم. لكن الإيرانيين عززوا وجودهم في شرقي دير الزور، من خلال الفصائل لخلق واقع لا يمكن تجاوزه.
تجنب الصدام واسع النطاق
وتشي الوقائع الميدانية بأن واشنطن وطهران تتجنبان حتى اللحظة صداماً واسع النطاق في الشرق السوري من شأنه تغيير قواعد الاشتباك المعمول بها حالياً، التي تقتصر على قصف إيراني “محدود”، ورد أميركي على مصادر النيران.
وتعليقاً على التصعيد المتجدد في ريف دير الزور الشرقي، قال النقيب المنشق عن قوات النظام والباحث السياسي في مركز “جسور” للدراسات رشيد حوراني، لـ”العربي الجديد”، إن الفصائل الإيرانية هي من بدأت الاثنين باستهداف القواعد الأميركية في منطقة شرقي الفرات.
وأضاف: طهران تحاول من خلال هذا التصعيد جس نبض رد الفعل الأميركي، حيال هذا القصف. وأعرب حوراني عن اعتقاده أن “إيران تعرف أين تطلق صواريخها عندما تشن هجمات على قواعد وأهداف للتحالف الدولي”، موضحاً أن القصف الأخير لم يؤد إلى وقوع إصابات بين الأميركيين وكانت أضراره مادية فقط.
ورأى أن “إيران لا تريد إيقاع خسائر في صفوف القوات الأميركية الموجودة في شرقي نهر الفرات لأنها تعلم أن ردة فعل واشنطن ستكون قوية ورادعة ضد الفصائل الإيرانية المنتشرة في ريف دير الزور”.
وأوضح أن التصعيد في ريف دير الزور الشرقي “لن يتسع نطاقه بين الإيرانيين والأميركيين”، مضيفاً: سيبقى ضمن حدود التصعيد المنضبط لتحقيق أهداف سياسية. ورأى أن إيران “يمكن أن تطور هذا التصعيد وتنتقل إلى مرحلة تؤثر أكثر، لجهة إحداث أضرار وخسائر في صفوف الجيش الأميركي في حال تهاون واشنطن مع التصعيد الحالي”.