حرية – (19/4/2023)
بعد نحو خمسة أعوام من القطيعة وأزمة بناء الثقة بعد سنتين من مصالحة “قمة العلا”، يبدو أن الدوحة وأبو ظبي قررتا “إعادة السفراء وفتح السفارات” في خطوة تأتي ضمن سلسلة انفراجات دبلوماسية في الشرق الأوسط.
وذكر مكتب الإعلام الدولي في قطر في بيان أن “العمل جار لإعادة فتح السفارتين المعنيتين في أسرع وقت ممكن”، وهو الأمر الذي أكده مسؤول إماراتي.
وعلى رغم أن مسؤولي البلدين لم يحددوا موعداً لعودة العلاقات الدبلوماسية بشكل رسمي، إلا أن مسؤولاً خليجياً قال لوكالة “رويترز” إنه يتوقع ألّا يكون الموعد أبعد من “منتصف يونيو (حزيران) المقبل” وستتضمن العلاقات تطوراً يصل “إلى إعادة فتح السفارتين وتعيين سفيرين جديدين”.
وتعود العلاقات الدبلوماسية بعد أزمة خليجية بدأت عام 2017 حين قطعت كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر على خلفية اتهامها بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة وهو ما نفته الأخيرة.
وفي يناير (كانون الثاني) 2021 احتضنت قاعة المرايا بمدينة العلا شمال السعودية الفرقاء الذين وقعوا على مصالحة عرفت بـ”اتفاق العلا”.
وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال مؤتمر صحافي في الدوحة عن اعتقاده بأن “فتح السفارات بين البلدين سيكون خلال الأسابيع المقبلة”.
وأكد أن “اللجان الفنية تقوم بعملها الآن في هذا الإطار ومن المتوقع أن تكون هناك زيارات متبادلة للنظر في الإجراءات التي نحتاج إليها لإعادة فتح السفارات”، مشيراً إلى وجود “تقدم إيجابي في كل اجتماع”.
من جانبه أكد مسؤول إماراتي لـوكالة الصحافة الفرنسية، رفض الكشف عن اسمه، أنه “يجري حالياً تفعيل العلاقات الدبلوماسية التي ستشمل إعادة فتح السفارات بين البلدين”، موضحاً أن العلاقات بين الجانبين استؤنفت منذ توقيع “اتفاق العلا”، وجرت “زيارات عدة بين أبو ظبي والدوحة تضمنت نقاشات حول مواصلة تطوير العلاقات وتحقيق مزيد من الازدهار المتبادل والتقدم في البلدين والمنطقة”.
منذ 2021 عادت العلاقات إلى حد كبير بين قطر والسعودية، لكن التقارب مع الإمارات والبحرين استغرق وقتاً أطول. والأسبوع الماضي، استأنفت الدوحة والمنامة علاقاتهما الدبلوماسية بعد عامين على المصالحة الخليجية، وذلك في أعقاب اجتماعات عقدها الطرفان بحثت الخلافات بين البلدين ومنها الحدود البحرية.
بناء الثقة
ولم يكن نبأ عودة السفراء مفاجئاً، إذ قطع البلدان أشواطاً طويلة من اختبار حسن النوايا وبناء الثقة، ففي 22 فبراير (شباط) 2020 عقد لقاء ثنائي هو الأول منذ “قمة العلا” في الكويت. وكان يتضمن بحث آليات عودة العلاقات وتطوير العمل المشترك وفق بيان رسمي.
وعلى مستوى رفيع، زار رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في ديسمبر (كانون الأول) الدوحة بدعوة من أميرها تميم بن حمد وهي الأولى له منذ توقيع “اتفاق العلا”. وأفادت حينها وكالة أنباء الإمارات أن الزيارة تأتي انطلاقاً من العلاقات الأخوية التي تربط البلدين وشعبيهما الشقيقين”.
وزار مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان الدوحة مرتين في إطار مساعي أبو ظبي لمعالجة الخلافات الإقليمية.
حل سياسي مستدام
وتأتي استعادة العلاقات وسط مساع أوسع للمصالحة في المنطقة، إذ اتفقت إيران والسعودية الشهر الماضي على إعادة العلاقات بينهما بعد عداء استمر أعواماً وهدد الاستقرار في الخليج وأجج الصراع في اليمن.
ويأمل مراقبون ومحللون في أن ينعكس الاتفاق السعودي- الإيراني على ملفات إقليمية، لا سيما اليمن حيث تقود الرياض تحالفاً عسكرياً يدعم الحكومة المعترف بها دولياً، في مواجهة الحوثيين المدعومين من طهران.
وأجرت السعودية والحوثيون محادثات في صنعاء خلال الشهر الجاري سعياً الى “تثبيت الهدنة” والتوصل الى “حل سياسي شامل ومستدام” للنزاع. وخلال الأيام الأخيرة، تم تبادل نحو ألف سجين بين الطرفين.
وفي ظل أجواء التهدئة هذه، استقبل رئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق اليوم الثلاثاء وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في أول زيارة رسمية لمسؤول سعودي منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً، وذلك بعد أيام من زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى جدة.
ويأتي الحراك الدبلوماسي في وقت تبحث دول عربية إمكانية عودة دمشق لجامعة الدول العربية مع قرب موعد القمة العربية التي من المقرر أن تستضيفها السعودية في الـ19 من مايو (أيار).