حرية – (20/4/2023)
مؤخرًا، يشهد العراق انهيارات متكررة وغير متوقعة في المباني بعضها قيد الإنشاء، وأخرى مسكونة منذ سنوات، حيث أنّ أغلبها تنضوي تحت جناحي القطاع الخاص والاستثمار، وسط تحذيرات من انهيار المزيد من المباني الحكومية والأهلية في البلاد.
وفي مطلع الشهر الجاري، سجلت بغداد انهيار مبنى تجاري قيد الإنشاء في منطقة زيونة وسط العاصمة، الأمر الذي أسفر عن إصابة عمال، وفي اليوم نفسه، انهار مبنى تجاري كبير قيد الإنشاء أيضًا أثناء صب الخرسانة الكونكريتية في مدينة الرمادي.
وسبق الحادثين الأخيرين خلال العام 2023، انهيار مبنى آخر قيد الإنشاء في أربيل، والذي أسفر عن إصابة 11 عاملًا، في حين سجلت الموصل في محافظة نينوى سقوط مبنى تجاري مكوّن من 3 طوابق خلال عملية البناء.
تحذيرات مسبقة
وجاءت هذه الحوادث بالتزامن مع تصريحات أعلنت عنها مديرية الدفاع المدني خلال الشهر الماضي، بشأن وجود أكثر من 2500 مبنى حكومي وأهلي آيل للسقوط في العراق.
المدير العام للدفاع المدني العراقي اللواء محسن كاظم علك، قال إنّ مديريته قامت بتحديد الأبنية الآيلة للسقوط، مؤكدًا “إعلام الأمانة العامة لمجلس الوزراء والدوائر الحكومية ذات الصلة لاتخاذ الإجراءات السريعة لمعالجتها”.
وفي السنوات القليلة الماضية، ازدادت ظاهرة الاعتماد على المجمعات السكنية ذات البناء العمودي في عموم المحافظات على غرار دول المنطقة، وبالتزامن مع الأزمة السكنية التي يعاني منها العراق.
أسباب الانهيارات
في المقابل، يقول المتحدث باسم مديرية الدفاع المدني العميد عبد الرحمن، في حديث له ، إنّ “أغلب الانهيارات كانت في المباني قيد الإنشاء”، مشيرًا إلى أنّ “الأسباب الرئيسية التي تقف وراء الانهيارات تحددها الأدلة الجنائية وليس مديرية الدفاع المدني”.
ويشير عبد الرحمن إلى أنّ “فرق الأدلة الجنائية التابعة لوزارة الداخلية هي من تحدد الأسباب الحقيقية للانهيارات، ومن ثم ترسل تقريرها (العلمي) الرسمي إلى مراكز الشرطة في نفس المنطقة التي انهار فيها المبنى لاتخاذ الإجراءات الروتينية الأخرى”.
ووفقًا لحديث عبد الرحمن، فإنّ المخططات الهندسية لجميع المشاريع الجديدة تذهب إلى الدوائر المختصة ولا تتسلم مديرية الدفاع المدني نسخة منها، مضيفًا أنّ “فرق الدفاع تكون مهامها الإنقاذ في حال حدوث أي انهيار لأي مبنى حكومي أو أهلي”.
ويختم عبد الرحمن، حديثه قائلًا إنّ “المديرية والفرق المختصة لا تملك إحصائيات دقيقة لأعداد المباني التي انهارت خلال العام 2023″، مشيرًا إلى أنّ “العراق سجل انهيار العديد من المنازل القديمة جراء الأمطار الأخيرة التي ضربت المحافظات”.
ووفقًا لمختصين في مجال البناء، فإنّ أغلبية المباني التي شيدت في العراق بعد العام 2003 لا تمتلك معايير تطابق شروط السلامة العامة التي تفرضها الجهات المعنية الحكومية.
تعليق حكومي
وزارة الاسكان والإعمار، تبرأت من جانبها من قضية انهيارات المباني، مؤكدة أنها “لا تمتلك صلاحية على مشاريع القطاع الخاص كونه من مهام دوائر أخرى”.
ويقول مدير إعلام الوزارة أحمد آوات، في حديث لـه إنّ “وزارته لا تشرف على المباني الأهلية والاستثمارية الجديدة في بغداد والمحافظات، إلا على المباني الحكومية وبعض المشاريع التي تتعاقد عليها دائرة المباني في الوزارة”.
وهناك العديد من الجهات ـ والكلام لآوات ـ التي تشرف وتتدخل في المشاريع الجديدة مثل هيئة الاستثمار وأمانة بغداد إذا كانت المباني في العاصمة، بينما تكون من صلاحية الحكومات المحلية (البلديات)، إذا كانت في المحافظات الأخرى، مؤكدًا أنّ “الوزارة فكت ارتباطها في الإشراف على المشاريع الجديدة بعد تطبيق قانون نقل الصلاحيات”.
وشهد العام 2018، موافقة مجلس الوزراء على نقل الصلاحيات الإدارية والقانونية والمالية والفنية من وزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة إلى المحافظات غير المنتظمة في إقليم، استنادًا إلى أحكام المادة (45/1) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008 المعدل.
ويتابع آوات، حديثه قائلًا إنّ “الجهات ذات الاختصاص في بعض الأحيان تستشير القسم الهندسي الموجود في الوزارة من أجل منحه الاستشارات العلمية حول المباني الآيلة للسقوط كما حدث في عمارة الجادرجي الموجودة في منطقة المنصور غربي العاصمة بغداد”.
وأغلقت الإدارة المحلية لمنطقة المنصور بشكل مؤقت عمارة الجادرجي في المنصور خوفًا من انهيارها، بعد ظهور تشققات كبيرة في أرضية وجدران المبنى.
وحول معايير السلامة التي تفرضها الحكومة على المباني، يختم آوات حديثه بالقول إنّ “وزارة الإسكان والإعمار تفرض معايير عديدة على الجهات المنفذة لأي مشروع يقع تحت مسؤوليتها لضمان عدم حدوث أي حوادث مستقبلًا كالانهيار وغيرها”.