حرية – (25/4/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
قدم “معهد لوو فاير” الأمريكي نموذج العراق ليتناول الاخفاقات الامريكية في اعتمادها الكبير على تقديم الدعم العسكري والأمني لدول من أجل تعزيز النفوذ الامريكي حول العالم، اذ ان هذه الجيوش والقوات الامنية تخفق في كثير من الأحيان في تلبية التوقعات عندما تخضع للامتحان الفعلي.
وعلى سبيل المثال، أشار التقرير الأمريكي، الذي نشره المعهد ، إلى سقوط الفرقة الثانية في الجيش العراقي أمام غزو تنظيم داعش في العام 2014، معتبراً أن هناك حاجة للاهتمام بالإحباط المتمثل بسياسة الولايات المتحدة في العراق لان له تداعيات عميقة على السياسة الأمريكية، وهو فشل الولايات المتحدة في بناء الجيش العراقي.
وأوضح التقرير الأمريكي أن بناء جيش عراقي يتمتع بالكفاءة، كان أحد ركائز الاستراتيجية الأمريكية لتأسيس الأمن في العراق والحفاظ عليه، وهو ما كان سيمكن القوات الأمريكية من الخروج من حرب لا تتمتع بشعبية بين الأمريكيين.
وتابع التقرير انه رغم محورية جهود المساعدات الامنية للسياسة الخارجية الامريكية، حيث تم إنفاق مليارات الدولارات و8 سنوات من العمل، ومشاركة عشرات الالاف من الاشخاص في هذه المهمة، الا ان الجيش العراقي لم يتمكن من تطوير الكفاءة الاساسية في ساحة المعركة.
وأوضح التقرير أنه في صيف عام 2014، أي بعد أقل من 3 سنوات من الانسحاب الامريكي، فان الفرقة الثانية في الجيش العراقي انهارت في مواجهة أعداد صغيرة من مقاتلي داعش المدججين بالسلاح ولهذا فان القوات الامريكية عادت بشكل عاجل الى العراق وما تزال تقوم بتدريب وتقديم المشورة وتجهيز الجيش العراقي الى الان ، بعد 20 عاما من بدء المهملة الاصلية.
لكن التقرير اعتبر أن مشكلة بناء قوات أمن تتمتع بالكفاءة، ليست مقتصرة على هذه الحالة العراقية البارزة، بل تطال جهود الولايات المتحدة وحلفائها في كافة أنحاء العالم، مضيفا أن إدراك الخطأ الذي حدث في العراق وفهمه، قد يؤدي الى تحسين تحقيق النتائج مع الشركاء الاخرين ايضا.
السجل المختلط
وبعدما ذكر التقرير أن بناء جيوش شريكة تتمتع بالكفاءة، شكل جانبا محوريا لجهود الحرب الامريكية في العراق وأفغانستان وفيتنام، لفت إلى أن الولايات المتحدة تقوم حاليا بتدريب القوات المسلحة الاوكرانية وتجهزها لمحاربة روسيا، كما تقوم بالأمر نفسه مع الجيش التايواني لمحاربة الصين. الا ان التقرير اشار الى ان الولايات المتحدة تقدم شكلا من اشكال المساعدة الأمنية لكل دولة في العالم تقريبا، وأنه برغم ذلك، فان نتائج هذه الجهود الامريكية متفاوتة.
واعتبر التقرير أن التحدي المركزي للذين يحاولون بناء جيوش أفضل في الدول الشريكة، يكمن في التأثير على القيادة الشريكة، موضحا أن واشنطن تبني جيوشا أفضل عندما ينفذ القادة الشركاء الإصلاحات السياسة الحيوية التي توصي بها الولايات المتحدة، في حين ان المساعدة الامنية الامريكية تفشل عندما يفشل النفوذ الامريكي.
وتابع التقرير قائلا ان صعوبة المساعدة الامنية تكمن في أن الفعالية العسكرية لا تعتمد فقط على ما تمتلكه (أو ما يتم منحه) من الناحية المادية وكيف يتم تدريب القوات على المستوى التكتيكي، وانما ايضا على أنماط القرارات التي يتخذها القادة، خصوصا هؤلاء الذين يحصلون على المساعدة الامنية من واشنطن، وقد يواجهون اضطرابات مجتمعية أو تمردات او حروبا اهلية، لكنهم يعملون في المقابل على تعزيز النفوذ السياسي و الإثراء الشخصي او تعزيز قوتهم الشخصية على حساب جيشهم الوطني.
واوضح التقرير ان متلقي المساعدة الامريكية قد يرحبون بالدفعات المالية الكبيرة والمساعدات من واشنطن، لكنهم في الوقت نفسه يتجاهلون نصيحة واشنطن، ويبقون جيوشهم ضعيفة.
ولفت التقرير إلى أنه حتى بالنسبة الى أوكرانيا ، التي أصبحت تصور انها قصة نجاح في مجال المساعدة الأمنية، فإن القيادة الأوكرانية تجاهلت تنفيذ إصلاحات حيوية في نظام المشتريات الفاسد حتى بعد الغزو الروسي في شباط/ فبراير 2022، ما جعل الجيش الأوكراني يفتقر إلى صواريخ “ستوغنا” المضادة للدبابات التي يحتاج إليها لمواجهة الروس.
وحدد التقرير تصورا لاستراتيجيات الولايات المتحدة للتأثير في المساعدة العسكرية يعتمد على أربع درجات: التدريس، والإقناع، والحوافز، والقيادة المباشرة، معتبرا أن اعتماد الولايات المتحدة المستمر على استراتيجيات غير فعالة للتأثير في المساعدة العسكرية، أمر مثير للحيرة.
وقال التقرير أن المنظمة العسكرية المسؤولة عن الجزء الأكبر من المساعدة العسكرية الأمريكية في العراق، وحول العالم، هي الجيش الأمريكي، مضيفا أن الجيش لا يعتبر المساعدة الامنية مهمة اساسية، وهو في المقام الأول يسعى الى حماية مهمته القتالية نفسها، والحفاظ على استقلاليته ضد التدخل المدني، والعمل مع أقل قدر ممكن من المشكلات، وهو بذلك يضع هذه الأهداف فوق الهدف المتمثل بتقوية الجيوش الشريكة.
الأولوية في الانقلاب السياسي
واشار التقرير الى وجود ديناميكيات بيروقراطية في فشل الولايات المتحدة في بناء الجيش العراقي ليصبح قوة فعالة، مضيفا أن العديد من القادة السياسيين والعسكريين العراقيين أعطوا، ولأسباب مفهومة، الاولوية لمنع الانقلاب وتعزيز السلطة، والمصالح الضيقة بدلا من تقوية الجيش العراقي.
أما ضباط الجيش الأمريكي المكلفون ببناء الجيش العراقي، فقد منحوا الأولوية للمهمة القتالية على حساب دورهم في المهمة الاستشارية.
دروس نحو الأفضل
وذكر التقرير إنه من المهم تحديد العلل القائمة في نهج الجيش الأمريكي لبناء جيش في العراق، لان المساعدة الامنية برزت كركيزة أساسية لاستراتيجية الدفاع الامريكية، كما ان الكثير من اسس المساعدة الأمنية الامريكية حول العالم اليوم تم وضعها في العراق وأفغانستان.
ولهذا، قال التقرير انه اذا كان يراد للجهود الحالية والمستقبلية، مثل تلك التي تقدم الدعم للقوات الاوكرانية والتايوانية، أن تحقق النجاح، فإنه يتحتم عليهم التعلم من النهج المتبع في حروب العراق وأفغانستان، وليس مجرد تكرارها.
وحذر التقرير من ان الاصلاحات المأمولة لن يكون لها تأثير يذكر على نتائج المساعدة الأمنية الأمريكية في غياب إصلاح جذري للنهج الأساسي للجيش الأمريكي في تقديم المشورة. واعتبر ان خطة المساعدة الامنية صعبة للغاية، وتعتمد احتمالات النجاح بدرجة كبيرة على مدى تحفيز القادة المحليين المتلقين للمساعدات من أجل تقوية جيوشهم.
وذكر التقرير أنه حتى الحرب الفعلية داخل حدود أوكرانيا من 2014 الى 2022 لم تكن كافية لكي تحفز القيادة الأوكرانية على معالجة الفساد في مشتريات الدفاع، وان الامر يتطلب غزوا واسع النطاق في شباط/فبراير 2022 و”الحرب الاكبر على الاراضي الاوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، لكي تقتنع كييف بتبني الإصلاح”.
وختم التقرير مستبعدا أن يغير الجيش الأمريكي من اسلوبه في بناء جيوش شريكة بمفرده، موضحا أن وزارة الدفاع، وغالبا المستشارون العسكريون الأمريكيون في مسارح العمليات، يتحملون نصيب الأسد من مسؤولية تصميم وتنفيذ جهود بناء الجيوش في جميع أنحاء العالم.
وخلص الى القول إن جهود الولايات المتحدة لتعزيز جيوش الدول الاخرى هي جهود سياسية بطبيعتها، وبامكان القادة المدنيين الأمريكيين ان يلعبوا دورا أكثر نشاطا، سواء من خلال العمل بشكل مباشر أكثر مع القادة المستفيدين لتعزيز الاصلاحات، وايضا عن طريق الإشراف بشكل أكثر نشاطا وتوجيه الجيش الأمريكي لفعل الشيء نفسه.