حرية – (3/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
قام رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بزيارة لمصر، استغرقت ثلاثة أيام، اختتمها الثلثاء. وشهدت الزيارة التي التقى خلالها المسؤول الياباني الرفيع بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نقلة مهمة في مستوى العلاقات الثنائية بين الدولتين، حيث اتفقت القاهرة وطوكيو على رفع مستوى العلاقات بينهما إلى “الشراكة الاستراتيجية”.
ومستوى “الشراكة الاستراتيجية” بين الدول هو مفهوم انتشر خلال العقدين الأخيرين، ويتجاوز الشراكة الاستثمارية والتجارية، ويمتد إلى ترتيبات وتفاهمات بشأن قضايا إقليمية ودولية، بهدف تحقق المصالح الاستراتيجية للدولتين.
ومع أن العلاقات المصرية – اليابانية، توصف بأنها مميزة، وتمتد لنحو مئة عام – وتحديداً بدأت في عام 1922 حين اعترفت طوكيو باستقلال مصر – إلا أن ثمة نقلة مهمة في تلك العلاقات، حدثت مع تولي الرئيس السيسي السلطة في مصر عام 2014.
ويشير منشور للسفارة اليابانية في القاهرة، إلى التحول المهم الذي شهدته العلاقات الثنائية في عصر السيسي، وورد فيه أنه “على مستوى القمة، زار رئيس الوزراء (السابق) شينزو آبي مصر في كانون الثاني (يناير) 2015 وزار الرئيس السيسي اليابان في شباط (فبراير) وآذار (مارس) 2016. ومنذ ذلك الحين، تشهد العلاقات الثنائية بين اليابان ومصر نقلة جديدة من خلال تعزيز التعاون في مجال التعليم، والتبادل الإنساني، والثقافي، وكذلك التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة والشاملة”.
شهدت الزيارة عدداً من اللقاءات بين مسؤولين ورجال أعمال من البلدين وتوقيع اتفاقات وتفاهمات عدة.
رسالة مهمة
ويرى رئيس وحدة العلاقات الدولية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة الدكتور أحمد قنديل أن “زيارة رئيس الوزراء الياباني لمصر مهمة للغاية، لأنها أرسلت رسالة لكل من يهمه الأمر، سواء من رجال الأعمال، أو رجال الحكومة، في الدولتين، بأن القيادة السياسية عازمة على تطوير العلاقات بين البلدين”.
ويضيف الخبير في الشؤون الآسيوية في حديثه له : “هذه الزيارة سوف تفتح مجالاً أمام رجال الأعمال في الدولتين، لبحث مشاريع كبرى في المستقبل، في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر وغيره من المجالات الواعدة، وسوف يدعم العلاقات القائمة بالفعل بين البلدين في مجالات التعليم، والصحة، والثقافة، وخصوصاً أننا على وشك افتتاح المتحف المصري، الذي لعبت اليابان دوراً كبيراً في تمويله”.
وكان منتدى الأعمال المصري – الياباني انعقد برئاسة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ونظيره الياباني كيشيدا، مساء الأحد، وقال رئيس الجانب الياباني في مجلس الأعمال المصري – الياباني جون كاروبي: “عازمون على تعزيز شراكاتنا مع الشركات المصرية خلال المرحلة المقبلة”.
كما حدثت لقاءات موازية بين مسؤولين مصريين ويابانيين، ومن بينها لقاء جمع وزيرة التعاون الدولي المصرية رانيا المشاط والرئيس العالمي لمجموعة تمويل البيئة والبنية التحتية ببنك اليابان للتعاون الدولي “جيبيك” أوشيدا ماكوتو.
وبحثت المشاط مع ماكوتو “آليات تنفيذ مذكرة التفاهم للشراكة لاستراتيجية للتعاون المالي والاقتصادي، التي تم توقيعها ضمن فعاليات الزيارة، وبحث جهود تعزيز دور شركات القطاع الخاص اليابانية لدعم جهود الدولة في مجال التنمية والعمل المناخي، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، ومناقشة مشاركة القطاع الخاص الياباني في تنفيذ المنصة الوطنية للمشاريع الخضراء برنامج (نُوَفِّي)”، وفق بيان أصدرته وزارة التعاون الدولي المصرية، الاثنين.
شراكة استراتيجية
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية المستشار أحمد فهمي، إن “مباحثات القمة المصرية – اليابانية شهدت الاتفاق على ترفيع العلاقات بين مصر واليابان إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، كتتويج لمسيرة ممتدة من العلاقات التاريخية المتجددة بين البلدين الصديقين”.
وأضاف فهمي في بيان رسمي: “بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي المشترك بين البلدين، خاصةً في مجالات الاستثمار والتجارة، والتعليم، والصحة، وتكنولوجيا المعلومات، والنقل، والطاقة المتجددة، وكذلك المتحف المصري الكبير، الذي يعد علامة بارزة على التعاون التنموي المثمر بين الدولتين”.
وأشار المتحدث الرسمي إلى أن “المباحثات تطرقت إلى الجهود الجارية لصون وترسيخ السلم والأمن على المستوى الدولي، حيث جرى تبادل لوجهات النظر حول عدة مواضيع، من بينها الأزمة الروسية – الأوكرانية، وجهود منع انتشار الأسلحة النووية، وتعزيز العمل الدبلوماسي متعدد الأطراف وإصلاح منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن. كما تم تناول تطورات عدد من القضايا الإقليمية لا سيما القضية الفلسطينية، وسد النهضة”.
أزمة السودان
ولم تخلُ القمة من التطرق إلى الشأن السوداني، حيث أكد فهمي أنه “تم التوافق بشأن ضرورة تحقيق وتثبيت وقف إطلاق النار، ودفع جهود الحوار السياسي واستكمال المرحلة الانتقالية، كما ثمن رئيس الوزراء الياباني في هذا الصدد المساعدة التي قدمتها مصر لإجلاء الرعايا اليابانيين من السودان، متقدماً بخالص التعازي إلى مصر حكومةً وشعباً في استشهاد أحد أعضاء البعثة الدبلوماسية المصرية بالخرطوم أثناء أداء واجبه”.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن “الزعيمين شهدا بعد انتهاء المباحثات مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقات بين مصر واليابان في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والشؤون القانونية والقضائية، والمرحلة الأولى للخط الرابع لمترو الأنفاق، فضلاً عن الشراكة بين وزارة التعاون الدولي والبنك الياباني للتعاون الدولي، وأعقب ذلك عقد مؤتمر صحافي”.
وأفادت تقارير صحافية أن طوكيو قدمت تمويلاً قيمته 100 مليار ين ياباني (قرابة 700 مليون دولار أميركي) لتنفيذ المرحلة الأولى من الخط الرابع لمترو الأنفاق، وهو الخط الذي سوف يربط مدينة السادس من أكتوبر بالمنطقة الأثرية لأهرامات الجيزة مع شبكة مترو الأنفاق في القاهرة الكبرى.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=680022194168204&set=a.144073987763030
مستقبل واعد
الخبير في الشؤون الآسيوية الحاصل على زمالة المعهد الياباني للشؤون الدولية في طوكيو، وكذلك زمالة كلية الدفاع الوطني بأكاديمية ناصر العسكرية في القاهرة، يشعر بتفاؤل كبير تجاه العلاقات المصرية – اليابانية إثر زيارة رئيس الوزراء الياباني لمصر.
ويقول قنديل: “هذه هي الزيارة الأولى لرئيس الوزراء الياباني الحالي منذ توليه السلطة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وثاني زيارة لرئيس وزراء ياباني في عهد الرئيس السيسي، بعد توليه المسؤولية في عام 2014، وقد كانت الزيارة الأولى لرئيس الوزراء السابق شينزو آبي، فاتحة خير للعلاقات بين البلدين”.
ويعتقد رئيس وحدة العلاقات الدولية بمركز الدراسات أن “الكثيرين لديهم تفاؤل بأن تكون الزيارة الأخيرة فاتحة خير كبيرة للعلاقات الثنائية، ليس فقط في المجالات الاستثمارية أو التجارية، وإنما أيضاً في المجالات الأمنية والاستراتيجية، خصوصاً بعد انفجار الأوضاع في السودان، وأهمية الدور المصري والياباني في استعادة الأمن والاستقرار بالسودان في الفترة المقبلة”.
“اليابان هي الرئيس الحالي لمجموعة السبع، وسوف تنعقد قمة لهذه الدول في اليابان خلال الشهر المقبل” يقول قنديل، “تالياً، فإن مخرجات القمة المصرية – اليابانية يمكن أن تصب في صالح استعادة الهدوء ووقف إطلاق النار بالسودان”.
وعن المصالح المشتركة في مجال الأمن المائي بالمنطقة، يقول الخبير في الشؤون الآسيوية: “الدولتان لهما مصلحة كبيرة في تأمين الممرات البحرية، خصوصاً أن جزءاً كبيراً من التجارة اليابانية مع أوروبا وأميركا تمر من خلال قناة السويس، وبحر العرب، والمحيط الهندي، والبحر الأحمر، لذا اعتقد أن هذه الزيارة سوف تسهم في بلورة رؤية مشتركة في مجال الأمن البحري بين الدولتين”.