حرية – (8/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
مع أن الرهبان البوذيين معروفون بكونهم أشخاصاً مسالمين بشكل عام، ولا يؤمنون بالعنف ضمن تعاليم الفلسفة البوذية، لكن هذا الأمر لم يمنع رهبان الشاولين في الصين من أن يتقنوا فنون الكونغ فو القتالية، ليس هذا فحسب، بل أصبح لهؤلاء الرهبان سمعة عالمية من قدرتهم غير الاعتيادية على تحمل الألم، والقوة الجسدية والمرونة المذهلة.
حتى أصبح يطلق عليهم محاربو الشاولين، وكل ذلك بسبب تدريباتهم الخاصة وأسلوب حياتهم الاستثنائي.
معبد الشاولين الصيني أسسه راهب هندي
تقول الأسطورة إن راهباً هندياً بوذياً يدعى باتو، جاء إلى الصين قبل أكثر من 1500 سنة، وكان باتو يعتقد أن البوذية يمكن أن تنتقل بشكل أفضل من المعلم إلى الطالب، بدلاً من دراسة النصوص البوذية.
في عام 496 م، قدم إمبراطور صيني أموالاً للراهب “باتو” لإنشاء دير في جبل شاوشي المقدس في سلسلة جبال سونغ، وسمي هذا المعبد باسم “الشاولين”، قضى بعدها باتو 9 سنوات في تأمل صامت في كهف قرب المعبد. ثم عاد لنشر تعاليمه.
كان الإمبراطور “تانغ لي شي مينغ” (598-649 م) ، مديناً لثلاثة عشر راهباً من الشاولين لإنقاذهم حياته، فمنح الإمبراطور امتيازاً خاصاً لرهبان الشاولين، بأن يكون لديهم مجموعة من المحاربين. وهو ما كان أساس “محاربو الشاولين”.
وبعدها بمئتي عام، منح إمبراطور آخر والذي كان بوذياً ملتزماً، معبد الشاولين ملكية مساحتها 1400 فدان بالإضافة إلى الحق في طحن الحبوب بمطحنة مائية، ما جعل أعداد رهبان الشاولين وثروة المعبد ترتفع بشكل كبير.
وفي أواخر عهد أسرة سونغ ما بين (960 إلى 976)، قام الإمبراطور بزيارة إلى معبد الشاولين، ثم أرسل دفعات من القوات العسكرية، لتدريب الرهبان المحاربين وكذلك إتقان فنون الدفاع عن النفس على طريقة الشاولين.
بحلول القرن السادس عشر، اشتهر رهبان الشاولين بمهاراتهم القتالية. وفي عام 1511، توفي 70 راهباً في قتال جيوش قطاع الطرق، وبين عامي 1553 و1555، تم حشد الرهبان للقتال في أربع معارك على الأقل ضد القراصنة اليابانيين.
رهبان الشاولين نوعان وليسوا كلهم محاربين
يوجد اليوم في معبد الشاولين نوعان من الرهبان: الرهبان الذين يسمون محاربو الشاولين، ورهبان الشاولين العلماء أو “شي يانبو”.وبينما يتلقى كلاهما دروساً في التعاليم البوذية، يمارس محاربو الشاولين الكونغ فو كل يوم، وينصب تركيزهم على التدريب البدني. ويسعون جاهدين لإتقان مهاراتهم. ولكن يقضي “الرهبان العلماء” وقتهم في تلاوة النصوص البوذية المقدسة والتأمل، وممارسات الفلسفة البوذية.
تدريبات رهبان الشاولين وقدراتهم الجسدية والنفسية المستحيلة
يستطيع رهبان الشاولين أداء أشياء تبدو مستحيلة للبشر العاديين، مثل ثقبهم جذوع الأشجار بضربة من أصابعهم، وضرب رؤوسهم بالجدران الحجرية، دون أن يصابوا بأي أذى، ويكسرون العصي أو الطوب أو قضبان الحديد والصلب فوق بطونهم. ويوازنون أجسادهم بالكامل على رؤوسهم أو أصابع السبابة لفترات طويلة من الزمن.
ونظراً لأن كل شيء يفعله رهبان الشاولين يبدو ليس مؤلماً وسهلاً للغاية بالنسبة لهم، فإن أفعالهم كثيراً ما يتم تصنيفها ورفضها على أنها مجرد خدع، أو مؤثرات خاصة. لكن كل هذه الشكوك ستتبخر فور اطلاعك على طريقة تدريبهم غير الاعتيادية.
الإصبع الماسي: ثقب جذع الشجرة بضربة أصبع
يتقن بعض رهبان الشاولين ما يعرف بتقنية “الإصبع الماسي”، ويستطيع خبير مهارة “الإصبع الماسي” في سيناريو افتراضي، إحداث ثقب في صدر الخصم بإصبعه وإصابة أعضائه الداخلية.
تتضمن تمارين هذه التقنية، سحب المسامير الصدئة من الأشجار بالأصابع فقط، و”نكز” الأشجار بالأصابع حتى تتمكن من إحداث ثقب في اللحاء بضربة واحدة، وضرب الحجارة حتى تتمكن من، إحداث أثر فيها.
وأظهر راهب شاولين راحل يدعى “هاي دينغ” مهارة “الإصبع الماسي” من خلال القيام بعمل يبدو مستحيلاً: بالوقوف على إصبع السبابة. وجعل وزن جسمه بالكامل فوق إصبع واحد فقط.
القميص الحديدي.. “جلد ضد الاختراق”
يتدرب بعض رهبان الشاولين بشكل يومي ولسنوات لجعل جلودهم قاسية للغاية، ويبدأون بتدريبات خاصة، من ضرب الجسم بالكامل بمطرقة خشبية، في البداية، ثم مع تقدمهم في الخبرة يستخدمون مطرقة حديدية. وكشط الجلد بأيديهم.
ثم عن طريق تركيز “طاقتهم الداخلية” وتوجيهها إلى البقعة التي يتم ضربها، تصبح أجساد خبراء “القميص الحديدي” منيعة ضد الضربات القوية بأشياء صلبة وحتى الحادة، وحتى موازنة أجسامهم فوق رؤوس الرماح دون أن تخترقهم.
ركل الحجارة بدلاً عن كرة القدم
في نزهاتهم اليومية يطلب من رهبان الشاولين الصغار، ركل الحجارة بأقدامهم العارية، ومع مرور الوقت يزيد الطلاب من قوة ضرباتهم ويبدأون تدريجياً في ركل الأحجار الأكبر حجماً. ورميها لمسافات أبعد.
احتضان الأشجار وقلعها من جذورها
يقوم هذا التمرين بتدريب عضلات الذراعين والصدر والمعدة، ويطور ما يسميه رهبان الشاولين “تدفقات القوة الداخلية”. ويختار طلاب الشاولين شجرة ما، ويلفون أذرعهم حولها ويضغطون عليها بإحكام، ويحاولون سحبها للخارج. يكررون التمرين عدة مرات في اليوم لمدة سنة.
بعد السنة الأولى من التدريب، وبمجرد تقوية عضلات الذراعين والصدر والمعدة، يتمكن الطلاب من هز الجذع؛ حتى تبدأ بعض أوراق الشجرة في التساقط. ويجب على رهبان الشاولين ممارسة هذا التمرين اليومي بشكل مكثف طوال حياتهم. وعند التمكن، يتمتع الطلاب بالقوة لاقتلاع الأشجار المزروعة بالكامل.