حرية – (10/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
على رغم مضي أكثر من أربع سنوات على إقرار المغرب قانوناً جديداً يُجرّم العنف ضدّ المرأة، إلا أن الأرقام والمعطيات الرسمية وغير الرسمية تفضح الفجوة بين التشريعات وتطبيقها، في مجتمع لا تزال النساء فيه هن الحلقة الأضعف.
تعرّضت حوالى 1.5 مليون امرأة مغربية للعنف الرقمي بواسطة الرسائل الإلكترونية أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، أي ما يناهز 19 في المئة من مجموع أشكال العنف ضدّ المرأة في المغرب وفق المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة حكومية)، والتي حذّرت في مذكرة أصدرتها أخيراً من الواقع الصادم لمستوى العنف الرقمي (الإلكتروني) الذي تتعرض له المغربيات جرّاء استخدام التكنولوجيات الحديثة للمعلومات والاتصالات.
الشابات المغربيات يتصدرن قائمة المعنّفات
وسجّل التقرير ذاته، ارتفاع نسبة التعرّض للعنف الرقمي في صفوف المغربيات من 19 إلى 34 في المئة بالنسبة إلى اللواتي تراوح أعمارهنّ ما بين 15 و19 عاماً، وإلى 28 في المئة بالنسبة إلى اللواتي تراوح أعمارهنّ ما بين 20 و24 عاماً.
ويرتفع خطر التعرّض لهذا النوع من العنف بصورة كبيرة لدى نساء المدن في المغرب بنسبة 16 في المئة، و29 في المئة لدى اللواتي تراوح أعمارهنّ ما بين 15 و19 عاماً، و25 في المئة لدى صاحبات المستوى الدراسي العالي، و30 في المئة لدى العازبات، و36 في المئة لدى التلميذات والطالبات.
ووفق بيانات المؤسسة الحكومية، فإن هذا الشكل من العنف يُرتكب في 73 في المئة من الحالات من رجل غريب. أمّا حالات العنف الرقمي الباقية فتأتي متساوية تناهز تقريباً نحو أربعة في المئة من أشخاص لهم علاقة بالضحية، لا سيّما الشريك أو أحد أفراد العائلة أو زميل في العمل، أو في إطار الدراسة أو صديق.
الحكومة قلقة
وكانت وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة في المغرب، قد دعت في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى تحصين الفضاء الرقمي بترسانة قانونية قوية تحمي النساء والفتيات من العنف الرقمي وإيجاد مناخ عام رافض للعنف والتمييز.
وفي هذا الإطار، أكدت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة المغربية عواطف حيار، أن الرقمنة بقدر ما أصبحت رافعة أساسية للتنمية وتمكين الفئات المهمشة من الولوج بسهولة إلى الخدمات الاجتماعية والمعرفة والعلم، باتت تشكل تهديداً على الصحة النفسية وسلامة العديد من النساء والفتيات، داعية إلى تحصينها بقوانين قوية كي لا تشكل خطراً على النساء.
وأوضحت أن الوزارة تحرص على عدم جعل هذه الحملة مجرد تقليد سنوي للاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات، الذي يتزامن مع الـ25 من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) كل سنة، “بل محطة أساسية لإحداث تعبئة اجتماعية وإيجاد مناخ عام رافض للعنف والتمييز بكل أشكاله ضد النساء، والتحفيز على الانخراط الإيجابي في تنفيذ الإصلاحات التي تقودها بلادنا في هذا المجال”.
وأضافت حيار أن الوزارة اختارت أن تتمحور حملة هذه السنة حول موضوع “مخاطر العنف الرقمي على النساء والفتيات” لاعتبارات عدة، تهدف أساساً إلى تسليط الضوء على تنامي هذا الشكل من العنف الذي جاء نتيجة التغيرات المتتالية التي يشهدها المغرب، على غرار باقي دول العالم في مجال التطور الرقمي والإقبال المتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورأت أن هذا الإقبال على مواقع التواصل تتعرض على إثره نساء وفتيات إلى أشكال متنوعة من العنف الرقمي؛ من ابتزاز جنسي وتشهير وتنمر وتعذيب ومختلف الإساءات التي يمكن أن يتعرض لها ضحايا العنف الرقمي.
ونبّهت حيار إلى أن هذا العنف أضحى يشكل مصدر قلق كبير يهدد السلامة البدنية والصحة النفسية للمرأة والفتاة، كما تترتب عنه آثار وعواقب وخيمة تؤثر سلباً في وجودهن في المجتمع ومشاركتهن اليومية، وتهدد الاستقرار الأسري والمجتمعي.
الحقوقيون يأملون بتغير القوانين
من جانبها، قالت حسناء خريبش الفاعلة في صفوف جمعية المرأة والمساواة والتنمية، إن العنف الرقمي الممارس على المغربيات في مواقع التواصل الاجتماعي والمكالمات الهاتفية والرسائل النصية، أصبح يستدعي وقفة جدية من القائمين على تدبير الشأن العام، مشدّدة على أن “القوانين المتاحة والترسانة القانونية لا تسمح بهذا حالياً”.
وأشارت خريبش في تصريح لـه إلى أنه وعلى رغم تفشي الظاهرة، وفق ما تظهره الأرقام الرسمية وغير الرسمية، يبقى القانون الرقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة جامداً، بحيث لم يمنح العنف الرقمي حيزاً كبيراً، ولم يفصل في طرق الإثبات وغيرها.
وترى الناشطة الحقوقية أن تجاهل القوانين للعنف الرقمي يزكي تفشيه ويسهم في استمراره، وخصوصاً أن التبليغ عنه يكون قليلاً جداً بالنظر إلى غياب الإدراك بالحقوق القانونية المتبعة في ذلك.
يذكر أنّ الأمم المتحدة اختارت إحياء يوم المرأة العالمي لهذا العام تحت شعار “إشراك الجميع رقمياً: الابتكار والتقنية لتحقيق المساواة بين الجنسين”، وذلك بهدف التوعية على أهمية حماية حقوق المرأة في الفضاء الرقمي، والتصدّي بطريقة جماعية للخطابات المناهضة للحقوق والنوع الاجتماعي.