حرية – (10/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
من بين 17 دولة في العالم تعاني من الإجهاد المائي، 12 منها توجد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هذا الوضع دفع البلدان العربية للجوء إلى تحلية مياه البحر لسد العجز المائي، في ظل زيادة عدد السكان، والجفاف الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض والتغير المناخي.
ووفق تقرير أممي صدر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، في آذار 2023، فإن 90% من سكان الوطن العربي يعانون من ندرة المياه.
كيف يتزايد اعتماد الدول العربية على مياه البحر؟
يتوقع علماء الطقس أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في الشرق الأوسط بمقدار 5 درجات مئوية مع نهاية القرن الـ21، أي بعد 77 عاماً، ما سيجعل أجزاءً من هذه المنطقة غير صالحة للعيش البشري، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الفقر المائي.
وتستحوذ الدول العربية مجتمعة على نحو 50% من سوق تحلية مياه البحر والمحيطات في العالم، وحصة السعودية لوحدها تقدر بـ22.2% من السوق العالمي.
ويبلغ إنتاج السعودية من تحلية مياه البحر أكثر من 7.9 مليون متر مكعب يومياً، وفق المؤسسة العامة للمياه المحلاة في السعودية (حكومية)، التي تنتج نحو 75% من إجمالي إنتاج المملكة، تليها الإمارات بنحو 14% من الإنتاج العالمي، أي إن بلدين عربيين فقط يستحوذان على أكثر من ثلث الإنتاج العالمي.
لكن الكويت أكثر الدول العربية اعتماداً بل تبعية لمياه التحلية بنسبة 90%، أي إن مياه الأمطار والمياه الجوفية لا تغطي سوى 10% من احتياجات السكان، والاستخدامات الصناعية والزراعية.
وسلطنة عمان لا تختلف كثيراً عن الكويت، إذ تعتمد بنسبة 86% على تحلية مياه البحر، وهذه النسبة تبلغ في السعودية 70%. وقطر، التي احتضنت كأس العالم في عام 2022، ضاعفت إنتاجها من تحلية مياه البحر أربعة أضعاف خلال السنوات العشرين الماضية.
550 محطة تحلية لمياه البحر في دول الخليج
خلال الفترة ذاتها، أنفقت الدول الخليجية مجتمعة 33 مليار يورو لإنشاء 550 محطة لتحلية مياه البحر، ما ساهم في ازدهار العمران والمساحات الخضراء المسقية في منطقة يسود أغلب أرجائها مناخ صحراوي قاسٍ.
لكن الأمر لم يقتصر على دول الخليج، فمصر إحدى الدول التي تعاني من فقر مائي، ومع ذلك فإن حصتها التاريخية من نهر النيل التي تفوق 55 مليار متر مكعب سنوياً، مهددة بعد اكتمال سد النهضة الإثيوبي، الذي يقام على نهر النيل الأزرق، أحد روافد النيل.
فمصر تعاني من عجز مائي شديد يصل إلى نحو 42 مليار متر مكعب، وفق تصريح صحفي للدكتور نادر نور الدين، الأكاديمي المتخصص في كلية الزراعة بجامعة القاهرة.
هذا الوضع الحرج دفع البلاد للتوسع في مشاريع تحلية مياه البحر، حيث يبلغ عدد المحطات القائمة 63 محطة، بطاقة إنتاجية إجمالية تصل لـ799 ألف متر مكعب يومياً، وفق إعلام محلي.
ووضعت البلاد خطة لمضاعفة قدراتها في تحلية مياه البحر لتبلغ 3.35 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2025، ثم إلى 8.85 مليون متر مكعب يومياً بحلول عام 2050.
الجزائر، التي تواجه حالياً موجة جفاف، أمر رئيسها عبد المجيد تبون، في أبريل/نيسان الماضي، بوضع مخطط استراتيجي استعجالي لتعميم محطات تحلية مياه البحر عبر كامل شريطها الساحلي، البالغ أكثر من 1600 كلم.
وتمتلك الجزائر حالياً 24 محطة تحلية مياه البحر، تنتج نحو 2.2 مليون متر مكعب يومياً، تمثل 18% من مياه الشرب المستهلكة سنوياً، وفق تقرير لموقع العربي الجديد. ومن المرتقب أن تدخل 7 محطات جديدة حيز الإنتاج مطلع 2024، ما سيرفع إنتاج محطات تحلية مياه البحر إلى 3.7 مليون متر مكعب يومياً.
وفي الصيف المقبل، تعتزم الجزائر الانطلاق في إنجاز 5 محطات كبيرة لرفع الإنتاج إلى 5.5 مليون متر مكعب يومياً.
إلى جانب دول الخليج الست ومصر والجزائر، فإن الأردن الذي يعد من أفقر دول العالم مائياً، يعتزم تنفيذ مشروع لتحلية مياه البحر الأحمر عبر جر 300 مليون متر مكعب من خليج العقبة إلى محطات لمعالجة المياه في الشمال، بتكلفة إجمالية تقدر بنحو 3 مليارات دولار، لكن إيجاد مصادر تمويل المشروع يواجه صعوبات.
بينما يسعى المغرب لإنجاز محطتين كبيرتين لتحلية مياه البحر، لتضاف إلى محطات صغيرة تنتج مجتمعة 147 مليون متر مكعب في السنة، أو ما يعادل نحو 400 ألف متر مكعب يومياً، فيما تخطط دول أخرى أيضاً لذلك مثل موريتانيا.
وفي العراق، دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، يوم السبت 6 آيار 2023، إلى تدخل دولي “عاجل” لمعالجة انخفاض مناسيب مياه نهري دجلة والفرات، فيما أكد عزم حكومته الذهاب الى “تحلية” مياه البحر، محذراً من أن “شح المياه يعد تهديداً لثقافة وحضارة العراق”.