حرية – (25/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
يعرف عالمنا العديد من أنواع النسيج الباهضة الثمن، إذ يعود السبب إلى ندرتها إلى المواد الأولية المصنوعة منها، خاصة الحرير وخيوط الذهب كما تتميز بعضها بتزينها بالأحجار الكريمة والكريستال، إلا أن هناك نوعاً من النسيج يعتبر الأغلى في العالم، لكن يعود سبب ذلك إلى ندرته وصعوبة الحصول عليه.
هذا النسيج يُعرض حالياً في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي بمدينة نيويورك، فيما استغرقت صناعته أزيد من 4 سنوات وأزيد من 70 شخصاً للحصول عليه.
خطوات استخراج حرير العنكبوت الذهبي
في مدغشقر بإفريقيا أمضى 70 شخصاً 4 سنوات في جمع عناكب الجرم السماوي الذهبية من غابات المدن وأعمدة الهاتف بهذه الدولة.
بينما قام عشرات العمال الآخرين باستخراج حوالي 80 قدماً من خيوط الحرير من كل العناكب، للحصول على النسيج، الذي يبلغ ارتفاعه 3.35 متر على متر ونصف، وهو قطعة القماش الكبيرة الوحيدة المصنوعة من حرير العنكبوت الطبيعي الموجودة في العالم اليوم.
حسب موقع “wired” الأمريكي، يعد هذا الحرير مرناً للغاية وله قوة شد قوية بشكل لا يُصدق، مقارنة بالفولاذ أو الكيفلار، إذ تحاول العديد من الأبحاث العلمية في وقتنا الحالي تكرار خصائص حرير العنكبوت وتطبيقه على جميع المجالات، سواء في الطب أو الصناعة، إلا أن جميع الأبحاث لم تستطع الوصول إلى نسبة 100% من خصائص هذا الحرير.
كانت بداية نسج حرير العنكبوت بعد معرفة المبشر الفرنسي “جاكوب بول كامبو”، الذي عمل مع العناكب في مدغشقر خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن التاسع عشر. قام كامبو ببناء آلة صغيرة يتم تشغيلها يدوياً لاستخراج الحرير من ما يصل إلى 24 عنكبوتاً دفعة واحدة، دون التسبب في أي ضرر لهذه المخلوقات.
لكن لصناعة أي نسيج من هذا للحرير كان يتعين على الخبراء توسيع المشروع إلى حد كبير، إذ يتعين عليهم الحصول على 14 ألف عنكبوت ذهبي للحصول على أوقية واحدة فقط من هذا الحرير، يتميز هذا الحرير بأنه قابل للشد؛ إذ يصل إلى 40% من طوله العادي دون أن يتقطع أو يحدث له أي تلف.
لكن للأسف، فإن استخراج حرير العناكب أمر بالغ الصعوبة للإنتاج الضخم خلافاً لدودة القز، والتي هي سهلة لزيادة إنتاجيتها في الأسر، فالعناكب لديها عادة قضم رؤوس بعضها البعض عندما تُحبس معاً.
إذ تتغذى هذه الأنواع من العناكب، وخاصة الإناث منها على أفراد جنسها، وخاصة الذكور منها، الشيء الذي يتسبب في وفاة أغلبها، ما يدفع منتجي هذا النسيج إلى إطلاق سراحها بعد استخراج الحرير. ما يجعلهم يعيدون البحث عنها مرة أخرى في حال أرادوا استخراج الحرير مرة أخرى.
القطعتان ونسيج الحرير المفقود
حسب موقع “ancient origins” الأمريكي كان أول من بدأ صناعة هذا النوع من النسيج، حسب النصوص التاريخية الفرنسي، كامبو أو الأب كامبوني كما يسميه البعض، بالإضافة إلى شريكه في تصميم آلة استخراج الحرير “نوغيه”
حصل الصديقان على تصريح لصناعة نسيج حرير العنكبوت في مدغشقر كما عرضوا مجموعة كاملة من أغطية الأسرة في معرض باريس سنة 1898، لكن هذه الأغطية ضاعت ولم يوجد لها أثر منذ ذلك الحين.
لاستخراج هذا الحرير توضع العناكب في صناديق أعواد الثقاب ومضاعفته بأسرع طريقة وأكثرها عملية. يتم ذلك عن طريق آلة صغيرة غريبة، ولفها على بكرة صغيرة ملفوفة يدوياً، يصل طولها أحياناً إلى قرابة 500 متر.
يتميز الحرير قبل غزله بلونه الذهبي، كما لا يحتاج إلى تمشيط أو تحضير قبل نسجه، كما يتميز بمرونة كبيرة رغم قوته التي تتجاوز الفولاذ.
سنة 2009 عُرض ما يُعتقد أنه أكبر وأندر قطعة قماش في العالم مصنوعة بالكامل من حرير نسيج الحرير الذهبي في المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي في نيويورك. يُقال إنها “قطعة القماش الكبيرة الوحيدة المصنوعة من حرير العنكبوت الطبيعي الموجودة في العالم اليوم بعد القطعة المفقودة في فرنسا”.
كانت قطعة القماش هذه مشروعاً بقيادة سايمون بيرز، مؤرخ الفن البريطاني المتخصص في المنسوجات، ونيكولاس جودلي، شريكه التجاري الأمريكي. استغرق المشروع 5 سنوات لإكماله وتكلف أكثر من 300 ألف جنيه إسترليني، كما تعين استخراج الحرير من قرابة مليون عنكبوت، وكانت النتيجة قطعة نسيج بطول 3.4 متر على متر ونصف تقريباً.
هذا الرداء الذهبي هو واحد من الرداءين الذين صُنعا من “الحرير الذهبي”، وهما الثوبان الوحيدان من نوعهما في العالم، قامت عارضة الأزياء بيانكا غافريلاس باستعراض الرداء الذهبي النادر المصنوع يدوياً في متحف فيكتوريا آند ألبرت في لندن سنة 2012.